مع كل انتخابات أمريكية يتم تسليط الضوء على زوجة الرئيس الأمريكى المنتخب، والتى يتم وصفها دائما بالسيدة الأولى، والمرأة رقم واحد فى البلاد، وهو المصطلح الذى اتخذته عدد من دول العالم مستلهمة من مكانة زوجة الرئيس الأمريكى المنتخب، والتاريخ الإسلامى حافل بالسيدات اللواتى يمكن تسميتهن بمسمى السيدة الأولى، وقد كان لهن دور كبير فى الحكم، وكان لهن دور مؤثر فى تاريخ المسلمين ومنهن:
الخيزران
زوجة الخليفة العباسى المهدى وأم الخليفة الهادى ومن بعده الخليفة هارون الرشيد، تلك المرأة التى كان لها دور سياسى كبير أثر فى حكم البلاد، فهى أشهر النساء العباسيين، ولقبت بأم الخلافة العباسية.
قال الطبرى فى كتابة تاريخ الرسل والملوك: لم تتخلى الخيزرانه عن سياستها بل زاد تدخلها فى الشؤون السياسية للبلاد، وكانت تجالس القادة والوزراء، وهذا ما كان يغضب الخليفة موسى الهادى، فكانت تسلك به ما تسلك بأبيه من قبل ذلك فى الاستبداد فى الأمر والنهى، وهو الأمر الذى لم يتقبله الهادى، فطلب منها أكثر من مرة عدم التدخل فى شئون الحكم وأن تلتفت إلى شؤن القصر الداخلية وتلتزم بالعبادة والطاعة، قائلًا"إن قدر النساء ليس في الاعتراض على شئون الملك"، هذا بخلاف أنها أحست أنه يحاول إبعاد أخيه هارون الرشيدى عن الحكم، وشعرت الخيزران أنها بسبب ابنها الخليفة الهادى ستفقد الحكم، وتدرج الخلاف وأصبحت هناك ضغائن وأحقاد ومكائد كثيرة كانت تحاك داخل القصر، وقد اتهمها البعض بأنها دفعت الجوارى إلى قتل ابنها الهادى.
زبيدة بنت جعفر
زوجة الخليفة العباسى هارون الرشيد، وحفيدة مؤسس الدولة العباسية الخليفة أبو جعفر المنصور من خلال ابنه جعفر، وكُنيتها زبيدة نظرًا لشدة بياضها، وتعتبر من أهم نساء الدولة العباسية وأكثرهن شهرة مما كان لها من دور فى دور الخلافة فهى أم الخليفة الأمين الذي قتل على يد أخيه المأمون بعد نزاع على السلطة.
اختلفَت زُبيدة مع زوجها الخليفة هارون الرشيد على من يتولى الخلافة من بعده، فهى أم أولاً وأخيراً، وابنها محمد الأمين هو الأصلح من وجهة نظرها لتولى الخلافة، رغم أنه كان أصغر من أخيه المأمون بستة أشهر، فالأمين هاشمى الأب والأم، أما المأمون، فأمه جارية من جوارى القصر تدعى مراجل، وكان هارون الرشيد يميل لتعيين المأمون ولياً للعهد لعلمه برجاحة عقله وأدبه والتزامه بأدب السلاطين والخلفاء، على عكس الأمين الذى كان الطيش يغلب عليه.
وقد كان من النتائج المباشرة للصراع من أجل تعيين ولى للعهد وقوع نكبة البرامكة، وهؤلاء كانوا وزراء العباسيين منذ أوائل أيام قيام دولتهم، وكان كبيرهم، فى عهد الرشيد، جعفر بن يحيى البرمكى، شقيق الخليفة بالرضاعة، حيث إن الخيزران، أم هارون أرضعت جعفراً الذي يكبر ابنها بأيام معدودات.
شغب
من الشخصيات العجيبة التي مرت على تاريخ الدولة العباسية: الجارية (شغب) والمتوفاة سنة 321 هـ، وهي أم الخليفة العباسى المقتدر بالله، والملقبة بالسيدة، تولى ابنها الخلافة العباسية فى الثالثة عشرة من عمره، فسار الحكم فى يد أمه "شغب"، فظلت تحكمه وتحكم الخلافة إلى مقتل ابنها سنة 320هجرية أى ربع قرن من الزمان.
وبحسب دراسة للكاتب أحمد صبحى منصور، فمن المعروف فساد "شغب" واحتقارها للأئمة والفقهاء حتى إنها عينت نفسها قاضى القضاة فى بغداد، حيكت المؤامرت ضدها وضد ابنها، ونجحت إحدى الثورات بقيادة القائد مؤنس الخادم، وتولى الخليفة القاهر الذى قام بتعذيب السيدة شغب بيديه وقام بتعليقها من قدميها وتركها كذلك حتى الموت.
شجر الدر
جارية مملوكية، لم يتفق المؤرخون على أصلها قيل إنها تركية، وقيل بدوية، وقيل من خوارزم، وقال البعض: بل أرمينية، ومع ذلك فقد اتفق الجميع أنها لعبت دورا مشهودا، حيث تولت عرش مصر لمدة ثمانين يوماً بمبايعة من المماليك وأعيان الدولة بعد وفاة السلطان الصالح أيوب، ثم تنازلت عن العرش لزوجها المعز أيبك التركماني سنة 648 هـ (1250م)، وبحسب الباحثين تولت شجر الدر ترتيب أمور الدولة، وإدارة شئون الجيش فى ميدان القتال، وعهدت للأمير "فخر الدين" بقيادة الجيش، وفي الوقت نفسه أرسلت إلى توران شاه ابن الصالح أيوب تحثه على القدوم ومغادرة حصن كيفا إلى مصر، ليتولى السلطنة بعد أبيه.
ويرى الدكتور ممدوح الدماطى، وزير الآثار الأسبق، أن شجر الدر لم تكن أبدا حاكما معترفا بشرعية حكمه، إلا أنها كانت صاحبة التغييرات الهيكلية فى الجهاز الحاكم للدولة الأيوبية، ويقال أنها شاركت لمدة 10 سنوات كاملة فى الحكم، وكان لها دور فعال فى السلطة مع زوجها، مشددا فى الوقت ذاته على إنها امرأة غيرت الأحداث التاريخية لمصر، وارتبطت ارتباطا مباشرا بعملية التغيير والانتقال من عصر الأسرة الأيوبية إلى عصر سلطنة المماليك، ولولا التقاليد والأعراف لكان شجرة شأن آخر، وربما كانت من أفضل حكام مصر.
السلطانة كوسم
في كتابه الدولة العثمانية فى التاريخ الإسلامي الحديث، استعرض الكاتب إسماعيل أحمد تاريخ السلطانة "كوسم مهبيكر" أشهر النساء في التاريخ العثمانى، والتى جاءت للقصر جارية للسلطان العثمانى أحمد خان الأول، فوقع فى حبها وتزوجها، وتمكنت من الوصول إلى الحكم عام 1603 حتى عام 1617 من الميلاد.
أنجبت السلطانة "كوسم" العديد من الأبناء، مثل مراد الرابع الذى تولى حكم السلطنة منذ 1623 إلى 1640 ميلادية، وإبراهيم الثانى الذى تولى الحكم 1640 إلى 1648 ميلادية، وبالتبعية تولت منصب "السلطانة الأم".
وصلت كوسم إلى نيابة السلطنة العثمانية بعد وصول حفيدها السلطان محمد خان الرابع إلى عرش السلطنة العثمانية، وكان يبلغ حينها ست سنوات، بعد عزل وقتل والده، ويشار إلى أن "كوسم" قدمت مجموعة كبيرة من الأعمال الخيرية التي لم تقم أى سلطانة أخرى بتقديمها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة