69 عاما مرت على معركة الإسماعيلية، التجسيد الحقيقى لبسالة الشرطة المدنية المصرية في مواجهة المحتل الأجنبي، والدليل الواضح لشجاعة رجال وزارة الداخلية، ليس فقط في التصدي للتهديدات الداخلية بل أيضا لصد العدوان، ورغم أن المعركة التي نتحدث عنها لم تكن متكافئة القوى، لكن رجال شرطة الإسماعيلية، كتبوا بدمائهم بطولات لا يزال يحكى عنها الأبناء، ولا يزال يتباهى بها رجال الشرطة البواسل في كل مكان وزمان.
حدثت الموقعة في مدينة الإسماعيلية في 25 يناير 1952 حيث رفضت قوات الشرطة المصرية تسليم أسلحتها وإخلاء مبنى المحافظة للقوات البريطانية، أسفر الاشتباك بين الشرطة المصرية والقوات البريطانية عن مقتل 64 شرطيًا مصريًا و73 جريحًا، وقامت القوات البريطانية بالاستيلاء على مبنى محافظة الإسماعيلية.
افراد من القوات المصرية أثناء الاشتباكات
وصلت قمة التوتر بين مصر وبريطانيا إلى حد مرتفع عندما اشتدت أعمال التخريب والأنشطة الفدائية ضد معسكراتهم وجنودهم وضباطهم في منطقة القنال فقد كانت الخسائر البريطانية نتيجة العمليات الفدائية فادحة، خاصة في الفترة الأولى، وكذلك أدى انسحاب العمال المصريين من العمل في معسكرات الإنجليز إلى وضع القوات البريطانية في منطقة القناة في حرج شديد.
وحينما أعلنت الحكومة عن فتح مكاتب لتسجيل أسماء عمال المعسكرات الراغبين في ترك عملهم مساهمة في الكفاح الوطني سجل (91572) عاملاً أسماءهم في الفترة من 16 أكتوبر 1951 وحتى 30 من نوفمبر 1951 - كما توقف المتعهدون عن توريد الخضراوات واللحوم والمستلزمات الأخرى الضرورية لإعاشة ثمانين ألف جندي وضابط بريطاني.
صورة للاشتباكات بين الشرطة المصرية والقوات البريطانية
ووفقا لكتاب "القوة الجوية - المجلد الأول" تأليف جبر على جبر، فإن الحكومة البريطانية فكرت في وضع الحكومة المصرية في مأزق، ومحاولة إظهارها بشكل متخاذل وضعيف، مما يجعلها توافق على الشروط التي تفرضها القوات البريطانية أو القبول بالمواجهة مع القوات البريطانية.
ومن ثم بدأ الجنرال أرسكين في تنفيذ الإجراءات المطلوبة في التاسع عشر من يناير، والتي تمثلت في احتلال القوات البريطانية لجزء كبير من مدينة الإسماعيلية وتمشيط الدبابات للحى العربى، وطرد الكثير من الشيوخ والأطفال والنساء من منازلهم واعتقال نحو ستين شابا، كما تم احتلال دار المحكمة والنيابة والمبانى القريبة منها، وفى يومى 21 و22 يناير يناير تم اعتقال مئات الأفراد من أهالى المدينة ونبش القبور بحثا عن الأسلحة.
القوات البريطانية
وكما توقعت السلطات البريطانية، فقد تلقى القائد العام للقوات البرية البريطانية في مصر رسالتين من الحكومة المصرية تحذر فيهما من أنه أن لم تتوقف العمليات التي تقوم بها القوات البريطانية في الإسماعيلية، سيتم اتخاذ تدابير قسرية ضد القوات.
وبدأت السلطات البريطانية في تنفيذ عملية الدفع لإسقاط حكومة الوفد بعد التمهيد الإعلامى لتلك العملية، وحشد قوة ضخمة من الجنود البريطانيين المدعميين بالدبابات لتنفيذها، بإجبار شرطة الإسماعيلية على تسليم سلاحها ومغادرة المدينة، أو قتال القوات البريطانية دفاعا عن نفسها.
معركة الاسماعيلية
وعلى أثر الاتصالات التي تمت بين قيادة الشرطة المحاصرة مع فؤاد سراج الدين، وزير الداخلية في القاهرة، فقد صمم الجميع على رفض المطالب البريطانية ومقاومة العدوان الذى تهدد به القيادة البريطانية، وهكذا بدأت المعركة غير المتكافئة، ووقف رجال الشرطة وقفة بطولية حتى نفذت ذخيرتهم، وراح ضحية المعركة 64 شهيدا، 73 جريحا من رجال الشرطة، في مقابل 4 قتلى و12 جريحا من العسكريين البريطانيين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة