أكرم القصاص

القطن والبوليستر.. السيسى وحق القرية بعد عقود من الإهمال

الثلاثاء، 26 يناير 2021 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وسط الكثير من المشروعات القومية يبدو مشروع تطوير القرى واحدا من أهم المشروعات، لأنه يعيد للريف الكثير من حقوقه التى حرم منها على مدى عقود.. القرى على مدى عقود عانت من الإهمال والتجاهل، ورغم أن الريف هو سلة الغذاء الرئيسية للملايين، فإن الفلاح لم يحصل خلال العقود الخمسة الأخيرة على أى من الخدمات أو البنية الأساسية وحرم من أبسط ميزات الحياة، والنتيجة أن الريف والأقاليم عموما أصبحت طاردة، وفقد الريف تميزه، وأصبحت الحياة فيها معاناة، مع الاكتفاء بالأغانى التى فقدت معناها «محلاها عيشة الفلاح»، ولم تكن هذه العيشة مريحة، ولا حتى رخيصة.
 
لهذا فإن إعلان الرئيس السيسى عن المشروع القومى لتطوير الريف والذى يشمل 4500 قرية وتوابعها، هو بمثابة إحياء وإعادة حق لفلاح واجه الظلم على مدى عقود، وبدأ بالفعل المخطط التنفيذى لتطوير 1500 قرية وتوابعها، كمرحلة أولى.. التطوير يشمل النهوض بمكونات البنية التحتية من مياه وكهرباء وغاز وصرف صحى وتبطين الترع ورصف الطرق وخدمات الصحة والتعليم، وهى الأسس التى حرمت منها القرى والأقاليم، ويأتى المشروع ردا على تساؤلات ومطالب لسكان الريف والقرى الذين ظنوا أنهم دخلوا عالم النسيان.
 
دفع الفلاح ثمن الانفتاح الاقتصادى غير المحسوب مضاعفا، الانفتاح لم يطور الزراعة والصناعة، لكنه فتح باب الاستيراد لكل شىء، البوليستر بديلا عن القطن والكتان، وتم تفكيك الهيئات التى كانت تقوم بدور فاعل فى خدمة الفلاح، الجمعيات الزراعية تقدم البذور والأسمدة بأسعار مدعمة، وبنك التسليف يقدم سلفة للفلاح بفائدة لا تذكر على أن يسددها بعد جنى المحصول.
 
مع الوقت انتهت الجمعيات الزراعية وتحول بنك التسليف إلى بنك القرية، مثل البنوك التجارية يبيع الموتوسيكلات والسيارات والتليفزيونات والفيديو، بقروض مضاعفة الفوائد، تزامن هذا مع أوسع عمليات تبوير وتجريف الأرض الزراعية لصناعة الطوب، أو زراعة بيوت الخرسانة التى صبغت الأرض بلون الأسمنت والطوب، هجر الفلاح الأرض وسافر للخليج فتراجعت الزراعة، وتقلصت الصناعة وفقد الريف تميزه، لم تعد القرية أرخص أسعارا أو أقل تلوثا، نفس ضجيج وتلوث المدينة وأسعارها. 
 
كل هذا مع إهمال تام للخدمات، طرق مشوهة، ونقص فى المياه والكهرباء والمنشآت التعليمية والصحية، وأصبح الفلاح يتيما على موائد اللئام، ويمثل الريف أكثر من نصف السكان، بعيدا عن الخدمات. وكان طبيعيا أن تتضاعف الهجرة للمدن، وتتراجع الأرض الزراعية أمام زحف الأسمنت. 
 
من هنا يبدو مشروع تطوير الريف المصرى أملا ونقطة ضوء، ومحاولة لانتشال الريف من الإهمال الذى استمر عقودا، وفى حال تم تنفيذ هذا المخطط خلال 3 سنوات، بتكلفة 500 مليار جنيه، يحصل الريف على بعض من حقوقه التى حرم منها على مدى عقود. 
 
وعندها تكون الدولة قد غيرت واقع 55 مليون مواطن، فى 4500 قرية، تنضم إلى التنمية الحقيقية، والتى لا تقوم على المدينة أو العاصمة وحدها، وإنما يشارك فيها المصريون جميعا، ومن خلال خرائط التنمية يمكن أن تقوم صناعات ترتبط بإنتاج الريف، غير ملوثة للبيئة، وتضاعف إنتاج الزراعة. 
 
ومع أهمية إعادة تطوير البنية الأساسية للقرى، يحتاج الفلاح إلى بعض الدعم للزراعة، مثلما يجرى فى دول العالم، التى تدعم المنتج الزراعى فى حالة انخفاض الأسعار، حتى تحافظ على الإنتاج. 
 

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة