مرضى الزهايمر والخرف هم الفئة المنسية دائماً بين كبار السن، رغم أنهم هم أكثر الفئات التى تضررت بسبب فيروس كورونا في العالم أجمع، والأكثر عرضة لمضاعفات كوفيد 19.. تحدث اليوم السابع مع الدكتور طارق عكاشة، أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس حول تأثير فيروس كورونا على مرضى الزهايمر والخرف.
الدكتور طارق عكاشة رئيس الجمعية المصرية لـ"الزهايمر"
فى البداية.. ما هو مرض الزهايمر؟ وأحدث الإحصائيات حوله؟
مرض الزهايمر أطلق عليه هذا الاسم بسبب مكتشفه أليوس الزهايمر ينتمى لمجموعة من الأمراض التي تسمى "demensia" أو خرف الشيخوخة، وهناك أسباب كثيرة جدا لخرف الشيخوخة، 60% منها الزهايمر و40% أسباب أخرى.
فى عام 2020 هناك 20 مليون مريض لديه خرف فى العالم أجمع ومن المتوقع أن يزيد العدد ليصبح 35 مليون مريض خرف فى العالم أجمع عام 2030، ومن المتوقع أن يصبح العدد 152 مليون مريض بالخرف في عام 2050. وهذا يعنى أن هناك حالة خرف جديدة تشخص فى العالم كل 3 ثوان، وهذا رقم عالى يجب أن نهتم به.
وبحسب إحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2019 لدينا 7% من مجموع الشعب المصري فوق سن الستين أي يشكلوا 6 ملايين نسمة، ويتوقع فى عام 2030 أن يصل عدد كبار السن في مصر لـ11% أى حوالى 12 مليون نسمة. وكلما ازداد عدد كبار السن فهذا يعنى زيادة أمراض الشيخوخة بما فى ذلك الخرف والزهايمر.
لدينا 600 ألف مريض بالخرف في مصر منهم 400 ألف لديهم الزهايمر ويتوقع عام 2030 أن يصل الرقم إلى مليون مريض بالخرف، وعلى هذا الأساس مع زيادة أرقام الإصابات بالمرض يجب أن نبدأ الآن نجهز نفسنا للتعامل مع هؤلاء المرضى، وتقديم خدمات لهم عن طريق وزارة التضامن ووزارة الصحة معا.
كيف أثر فيروس كورونا على مرضى الزهايمر والخرف؟
قال الدكتور طارق عكاشة إن العالم أجمع يجتاحه فيروس كورونا، ومرضى الزهايمر والخرف وكبار السن عامة عرضة أكثر من غيرهم للإصابة بكورونا. وأنه فى معظم الدول النامية الأسر غالبا ما ترعى كبار السن وفي أوروبا وأمريكا يوجد دار رعاية المسنين.
ووجدت الدراسات أن عدد الوفيات التي حدثت في بعض الدول التي تسمى في القارة "العجوز" أي سكانها بهم نسبة كبيرة من كبار السن مثل إسبانيا، إيطاليا وإنجلترا أن عدد الوفيات الأكبر لكورونا كان فى كبار السن خاصة كبار السن في دور رعاية المسنين لأن كل الغرف تكون مغلقة ولحدوث تعاون وألفة بين المقيمين بهذه الدور، وهذا التقارب بينهم جعل عدد الإصابات أكبر.
إذن كيف نحمى كبار السن ومرضى الزهايمر والخرف من كورونا؟
من المهم عند اتخاذ احتياطات وقائية لكبار السن يجب عمل تباعد جسدى وليس اجتماعيا لأن العلاقات الاجتماعية أساسية لجهاز مناعي أقوى، فالحديث مع الأصدقاء والأقارب والأشخاص المحيطين والتواصل الاجتماعي مهم للصحة النفسية، لذا يجب تصحيح المفاهيم بدلاً من لأن نقول التباعد الاجتماعي نقول التباعد الجسدي.
في رعاية كبار السن من المهم الاهتمام بكمية السوائل التي يحصل عليها المريض، يجب ألا تقل عن 2 لتر سوائل في اليوم، مثل الماء والينسون والنعناع والتليو والكركديه وغيرها من الأعشاب الطبيعية، والحصول على التغذية السليمة مثل الفواكه والخضراوات، كما تزداد مناعة كبار السن مع تناول مكملات فيتامين سي والزنك.
وأوضح أن كبار السن الأكثر عرضة للخطر هم المصابون بأمراض مزمنة لم يتم التحكم بها جيدا لذا يجب الاهتمام بتنظيم السكر وضغط الدم والحساسية على الصدر وتناول الأدوية وعلاجاتها بانتظام، مضيفا أن أى عدم انتظام فى معدلات السكر والضغط تعطي فرصة للفيروس بإحداث مضاعفات جسدية لكبار السن.
معظم وفيات كبار السن تكون سببها كورونا لكن السبب الحقيقى أن كورونا أحدث تلفا أكبر في المرض المزمن المصاب به المريض مسبقاً.
وماذا عن دور أسرة مريض الزهايمر فى رعايته؟
رعاية مريض الزهايمر يجب أن تقدم في مكان مألوف للمريض ويفضل أن يكون المريض في منزله، وكذلك راعي المريض أو أبنائه وبناته يكونون في المكان الموجود فيه المريض.
وفي ظل وباء كورونا يجب أن يجلس الشخص الذي يرعى مريض الزهايمر من أسرته 10 أيام معه، ثم يأتى شخص آخر بالتبادل معه ويجلس معه 10 أيام لكن النظام القديم الذى يجعل الشخص يجلس مع المريض 8 ساعات ثم يأتي شخص آخر لرعايته يجب أن يتوقف في ظل وباء كورونا، لأنه قد يكون عرضة أن يكون حامل للفيروس وقد ينقل العدوى لكبار السن.
هل تتأثر الصحة النفسية لمن يقوم برعاية مريض الزهايمر؟
يجب الاهتمام بالصحة النفسية لمن يقوم برعاية مريض الزهايمر، ومن رحمة ربنا أن المريض لا يشعر بشىء وينسى كل شيء لكن راعي المريض هو الذى يعانى، فهو إحساس سيئ للغاية عندما يرى والده ووالدته في حالة تدهور، لذا يهتم الطبيب بالمريض وكذلك الحالة النفسية لراعى المريض.
وبحسب الإحصائيات فإن 60% من راعي مرضى الخرف بصفة عامة والزهايمر بصفة خاصة عرضة أكثر للإصابة بالاكتئاب والقلق بسبب الظروف المحيطة بهم.
بصفة عامة.. ما تأثير فيروس كورونا النفسي على كبار السن والبالغين؟
كورونا يؤثر على كبار السن وغيرهم بنفس الطريقة لأن العزلة التي تفرض ينتج عنها "متلازمة الكوخ"، حيث إن الشخص يصاب بالقلق والتوتر وصعوبة في ممارسة الحياة وانخفاض التعاون والألفة وهذا لا يحدث في مصر بكثرة، حيث لا يحدث إغلاق تام.
س: ما النصائح للتغلب على العزلة بسبب كورونا؟
نصيحة للأشخاص الذين يجلسون في المنزل باستمرار في ظل وباء كورونا أن يجب يكون هناك 4 أشياء يجب القيام بها داخل المنزل:
1- مجهود ذهني.
- تشغيل الدماغ بأنشطة مثل: قراءة، دراسة، تعلم.
2- مجهود جسدى.
- بعض التمارين في المنزل أو بالنسبة لكبار السن المشي في "طرقة المنزل" لمدة 10 دقايق 3 مرات يوميا.
3- عدم قطع التواصل الاجتماعي عن طريق وسائل التواصل الفيس تايم، الزووم، سكايب واتساب والتواصل مع الأسرة والأصدقاء.
4- ممارسة هوايات مثل: السودوكو الموسيقى الرسم تربية حيوان أليف.
وما نصائحك لتقليل التوتر من فيروس كورونا؟
نصح عكاشة أننا يجب ألا نستقي معلوماتنا الطبية من الإنترنت وفيس بوك، ويجب الحصول على المعلومات من منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة فترة لا تزيد عن ربع ساعة أو 10 دقايق فى اليوم فقط لأخبار كورونا.
وعن الأمراض التي زادت بسبب كورونا قال إن أبرزها القلق والاكتئاب وبعض مرضى الوسواس القهري الخوف من الفيروس والكحول وغسل اليدين.
في العالم كله كلما زاد القلق والاكتئاب يفكر الناس في التفكير في الموت والإقدام على الانتحار، لكن هذا أيضاً لا يحدث في مصر.
هل توجد بارقة أمل بوجود علاجات لمرض الزهايمر؟
في الوقت الحالي كل العلاجات المتوافرة لمريض الزهايمر وظيفتها إبطاء تدهور المرض، فلا يوجد علاج يوقف المرض في العالم أجمع، وهناك بعض الأبحاث لاستخدام علاجات جديدة خاصة بالمناعة بحيث تدمر المادة البروتينية المترسبة المسماه "الأميلويد"التي تترسب على خلايا المخ وتؤدي للزهايمر، وهناك بعض النتائج المبشرة الخاصة بهذه الأبحاث وفى انتظار النتائج النهائية.
س: وهل الاكتشاف المبكر لأعراض مرض الزهايمر تبطئ تدهور حالة المريض؟
يمر الزهايمر بـ3 مراحل، الأولى فقدان ذاكرة الأحداث القريبة، بطء في أداء الاعمال، فقدان الكلمات ونسيان الأسماء.
المرحلة الثانية تزداد الأعراض السابقة ويضاف لها أعراض أخرى مثل: فقدان الإدراك للزمان والمكان، اكتئاب، الذهان أو هلاوس بصرية، توهم حدوث سرقة له، وتزداد الأعراض سوءاً في المرحلة الثالثة الطفولية يحتاج لأحد يساعده للأكل والشرب.
ومن الممكن أن ينتقل من مرحلة لأخرى خلال 5 سنوات أو 15 سنة واكتشاف المرض مبكرا يبطئ تدهور الحالة.