ألقى الموقع الرسمي للاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، الضوء على الأرجنتينية ماريانا دي ألميدا، وهي إحدى ثلاث حكمات ستصنعن التاريخ في كأس العالم للأندية التي تقام في قطر بداية من الرابع من فبراير المقبل، حيث ستسجّل مشاركتها السادسة في إحدى بطولات الاتحاد الدولي، بعد أن كانت قد صنعت، إلى جانب زميلة لها، التاريخ في كأس كوبا ليبرتادوريس.
وتلقت ماريانا دي ألميدا مبكراً في اليوم التالي لإشرافها على تحكيم مباراة إندبندينتي ضد أرسنال في دوري الدرجة الأولى الأرجنتيني، خبر مشاركتها في كأس العالم للأندية، من أحد زملائها.
تذكرت دي ألميدا، البالغة من العمر 38 عاماً، ما حدث في حوار مع موقع الفيفا الرسمي قبل ساعات من السفر إلى قطر، ضاحكة: "لم أفهم شيئاً، لم أكن قد اطلعت على الرسائل أو البريد الذي يحمل التعيين الرسمي،" مضيفة "لم يكن لدي أدنى فكرة. لذا تفاجأت، وشعرت بسعادة وفخر كبيرين".
وستكون دي ألميدا، إلى جانب البرازيليتين إيدينا ألفيش باتيستا (الحكمة) ونوزا باك (الحكمة المساعدة)، أول سيدات تنضم إلى طاقم التحكيم في إحدى بطولات كأس العالم للأندية.
وبهذا الخصوص، علّقت قائلة: "على المستوى الشخصي، أعتبر ذلك اعترافاً وتقديراً لمسيرتي الاحترافية، وعربون ثقة نظير عملي. وكل ذلك في سياق يتم فيه استدعاء المزيد والمزيد من الحكام السيدات لبطولات الرجال. لم يكن يحدث هذا عندما بدأت مشواري، وآمل أن يحفز الوضع الجديد المزيد من الفتيات أو النساء لتكريس أنفسهن للتحكيم."
وعن نشأة علاقة دي ألميدا مع كرة القدم؟ أجابت قائلة: "لم يكن لدي أي تأثير عائلي ولست أجيد اللعب، لكنني لطالما عشقتها. كنت أذهب لمشاهدة أي مباراة، خاصة مع أصدقائي في المدرسة الثانوية. ولذا، قررت أن أمارس في المستقبل مهنة مرتبطة بالرياضة."وهكذا، في عام 2000، دخلت غمار الصحافة الرياضية.
وفي هذا الصدد، أوضحت دي ألميدا قائلة: "كان التحكيم إحدى المواد، أساساً في شق القواعد. وقد أحببت ذلك، وشعرت برغبة في التعمق أكثر في هذا الموضوع."
دي ألميدا
وتابعت ضاحكة: "بحت بالفكرة لأستاذي، وهو حكم سابق، وأحبها. لذلك نصحني بأن أشارك في الدورة التكوينية في اتحاد الحكام الأرجنتيني. وقال لي "هناك ستكتشفين عالماً جديداً"، وكان محقاً، لم تواجه دي ألميدا مخاوف شخصية ولا تحامل من الآخرين.
وتذكرت بداياتها قائلة: "سلمت طلبي لسكرتيرة، وشعرت أنني بحالة جيدة منذ الدقيقة الأولى. لم ينظروا إلي بغرابة ولم يستغربوا وجودي هناك. كما أنه لم يكن هناك الكثير من الفتيات في مدرسة الصحافة أيضاً. لقد سارت الأمور على أفضل ما يرام."وخاصة، عندما بدأ العمل التطبيقي.
وأضافت قائلة: "هناك أخذت الأمر على محمل الجد، وبدأت أفكر في الأمر كمهنة. في تلك المرحلة كنت أتدرب في إحدى الصحف الرياضية، لكنني كنت أعلم أنني لن أستطيع التوفيق بينهما، فقرّرت التفرغ للتحكيم."لكن الصافرة لم تكن شغلها الشاغل.
إذ علّقت الحكم المساعد، بهذا الخصوص، قائلة: "أحببت منذ البداية التعاون مع الحكم، وأداء ذلك الدور الثانوي الذي، في بعض الأحيان، يصبح أساسياً، لأن قراراتنا مهمة. أحببت زاوية الرؤية من على الخط!"تعتبر دي ألميدا نفسها محظوظة بامتهان التحكيم.
حيث أكدت قائلة: "لم يحدث لي أي شيء غريب على الإطلاق. ولم أبك يوماً أو فكّرت في الاعتزال. بل على العكس تماماً." وحتى عندما بدأت في عام 2006 التحكيم في الفئات الدنيا، كحكمة للاتحاد الأرجنتيني لكرة القدم.
إذ علّقت بخفة دم قائلة: "كانت الأمهات سعيدات برؤية امرأة في الملعب، رغم أنهن كن يغضبن فيما بعد حين أعلن عن خطأ ضد فريقهن."وبنفس روح الدعابة، تذكرت الحكم المساعد بعض المواقف المضحكة التي مرت بها في الدرجة الثانية، حيث تكون الخطوط بالقرب من المدرجات: "كنت بصدد إخراج البطاقة لتدوين شيء ما، وبدأوا بعضهم يملي علي أرقام هاتفه... ولم يسعني إلا أن أضحك."
ماريانا دي ألميدا
داخل الملعب، لا تميّز دي ألميدا بين الرجال والنساء: "القانون يسري على الجميع. في الأرجنتين، أعرف الكثير من اللاعبين جيداً، إذ نشأنا معاً! كما أعرف العديد من اللاعبين. ولكن داخل الملعب يسود الإحترام. ولم يعد الأمر يبدو غريباً بالنسبة لنا الآن."
في سبتمبر 2020، حققت دي ألميدا إنجازاً آخر، إذ أصبحت إلى جانب مواطنتها دايانا ميلوني أول امرأتين تنضمان إلى طاقم تحكيم في كوبا ليبرتادوريس (في السابق كان هناك حضور نسائي في بطولة كوبا سودأمريكانا قبل أن توقف الجائحة المنافسة).
وبخصوص المباراة التي شاركت فيها، وهي المباراة القوية التي جمعت فريق راسينج كلوب بنظيره ناسيونال، قالت دي ألميدا: "صحيح أن حضورنا كان بسبب إصابات حكام آخرين بكوفيد، لكنهم وثقوا بنا على الرغم من توقفنا سبعة أشهر عن التحكيم، وذلك فضلا عما يعنيه تعيين حكام من بلد الفريق المضيف.
ولكن هذا التعيين تم تأكيده لاحقا مع أخريات، دون أن يكون فيروس كورونا السبب في ذلك."
وبعد الإشراف على تحكيم المباراة النهائية الأولى لكرة القدم الأرجنتينية للسيدات المحترفات بين بوكا وريفر، لم تعد تفكر دي ألميدا سوى في قطر: "أشعر بقليل من التوتر، لكنني أريد أن أستمتع بالتجربة، بغض النظر عن المسؤولية."
وقالت إنهن فتحن مجموعة "واتساب" مع ألفيش باتيستا ونوزا باك "للتحدث فقط عن كأس العالم. أعرفهن، كنت في غرفة حكم الفيديو المساعد مع كليهما داخل الملعب في كأس العالم. كما أنني صادفتهن في بطولات أخرى على الرغم من عدم تواجدنا في نفس الطاقم."
وبعد خوض تجربة كأس العالم للأندية، يبدو أن دي ألميدا تعرف جيداً ما تريده: "مواصلة التحكيم حتى آخر رمق، خصوصاً وأن تقنية الفيديو المساعد فتحت فرصاً أخرى. ولكن بغض النظر عن أهدافي، أود أن يكون هناك حكم امرأة في كوبا أمريكا أو في قطر 2022. فمثل هذه الفرص تفتح الطريق أمام الأجيال القادمة."
الحكمة