رغم أن فيروس «كوفيد - 19» أمر يتعلق بالعلم والطب، لكنه منذ اللحظات الأولى لم يخل من أشباح السياسة والاقتصاد، والمنافسة أيضا، وهى تفاصيل لم تغب رغم أن الجائحة لا تفرق بين دولة وأخرى، يضاف إلى ذلك حجم البث الإخبارى حول الفيروس وتفاصيل انتشاره وتراجعه، وهى أنباء تحمل الكثير من التناقض، ويثير بعضها الحيرة والقلق، فقد بدأت حملات مكثفة من الشركات والحكومات حول لقاحات مضادة لـ«كوفيد - 19»، وبدأت برامج التطعيم فى دول كثيرة، ثم تعثرت انتظارا لتقارير تحسم نسب الفاعلية للقاحات.
كما بدأت حملات الدعاية للقاح «فايزر» وأنه الأكثر فاعلية، تبعته شركة «أسترازينيكا» البريطانية السويدية، وانتظرت أوروبا اللقاحات الأمريكية والأوروبية، وأعطت ظهرها للقاحات الصينية والروسية، لكن ظهور بعض الإصابات لمن تلقوا لقاح «فايزر»، ووفيات ببعض الدول، منح الصين الفرصة لتشكك فى فاعلية لقاحىّ «فايزر» و«أسترازينيكا»، لكن الجديد هو ما سمى «حرب اللقاحات»، والتى نشأت بين الاتحاد الأوروبى وبريطانيا، وشركة «أسترازينيكا».
تواجه حملات اللقاحات هى الأخرى أزمة بسبب تأخر شركتىّ «فايزر» و«أسترازينيكا» فى توريد الكميات المتفق عليها، ونشبت أزمة ما بين دول الاتحاد الأوروبى وبريطانيا التى غادرت الاتحاد. وحسب صحيفة «الإندبندنت» البريطانية، فإن الاتحاد الأوروبى مستعد لاستخدام «كل الوسائل الشرعية» لعرقلة تصدير لقاح «فايزر» المضاد لكورونا إلى بريطانيا، ردا على قرار شركة «أسترازينيكا» البريطانية السويدية تأخير توريدات لقاحها للاتحاد الأوروبى، مع توفير اللقاح بالكمية الضرورية لبريطانيا.
اتهم الاتحاد الأوروبى الشركة بالانحياز لبريطانيا وتأخير توريدات اللقاحات إلى دول الاتحاد، بينما الشركة تبرر قرارها بأن العقد مع الحكومة البريطانية تم توقيعه أولا، ويرد الاتحاد الأوروبى بمحاولة عرقلة توريد 40 مليون جرعة من لقاح «فايزر»، مع توجيه تهديدات لـ«أسترازينيكا» بالتصعيد حال فشل التفاوض، لإجبار الشركة على توريد الكميات المتفق عليها.
شركة «أسترازينيكا» اعترفت بتأخرها عن جدول التوريدات بسبب مشاكل مع الإنتاج، وقال مدير الشركة، باسكال سوريو: «لا تزال لدينا مشاكل مع إنتاج العنصر الرئيسى للقاح، والذى ينتج فى مصانع فى هولندا وبلجيكا»، واتهمت بعض وسائل الإعلام الأوروبية وبعض السياسيين، الشركة بأنها وردت اللقاح إلى دول أخرى بأسعار أعلى، وهو ما يحاول مسؤولو الشركة نفيه، وسط محاولة لتسويق فكرة الاكتفاء بجرعة لقاح واحدة بدلا من جرعتين، حيث تمنح الجرعة مناعة نسبية فى مواجهة الفيروس.
بعض المحللين يقدمون تفسيرات مختلفة لتأخر «أسترازينيكا فى توريد الكميات المتفق عليها لأوروبا، منها محاولة الحصول على سعر أعلى من دول أغنى، قدمت طلبات للحصول على اللقاحات، وأيضا لرغبة الشركة فى تحقيق أرباح أعلى، بينما تشير بعض الجهات الصينية والروسية إلى أن التأخير يرجع لمحاولات إجراء تعديلات على اللقاحات، تضاعف من فاعليتها، بعد أن اتضح أنها لا تتجاوز 70%، لكن الشركة تنفى هذه الأنباء.
روسيا أعلنت على لسان الرئيس «بوتين» تراجع أعداد الإصابات، حيث أعلنت وزارة الصحة الروسية أن ربع السكان حصلوا على مناعة، وأن هذا يسهل من تقديم اللقاحات لمن لم يصابوا، فى إشارة لفاعلية اللقاح الروسى «سبوتنيك V»، الصين أيضا أعلنت أن لقاح «سينوفارم» أثبت فاعلية كبيرة فى الصين، وفى كل الدول التى لقحت به متطوعيها أو أطقمها طبية.
ويبدو أن الخلاف لم يعد طبيا فقط، إنما يحمل الكثير من تأثيرات السياسة والاقتصاد والمنافسة والسعى لتحقيق أرباح.