نجحت المبادرة التى أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية "حياة كريمة"، فى تطوير القرى الأكثر احتياجا وتحسين معيشة الأسر الأولى بالرعاية، من خلال تأهيل المنازل المتهالكة وتوصيل خدمات مياه الصرف ومياه الشرب، وعلى بعد ساعتين ونصف من القاهرة، يتواجد مركز أبو المطامير بمحافظة البحيرة، ومنه إلى قرية المهدية، ومع ظهور الهويس على يسار الطريق تقل البيوت الخرسانية عالية الأدوار والصيدليات والمحال على اليمين، لتظهر بيوتا أخرى أقل حالًا، مسقفة بالبوص والقش ذات جدران طينة وأبواب خشبية عتيقة.
ابن رزق
مبادرة "حياة كريمة"، التى تنفذها وزارة التضامن الاجتماعى، بقيادة الوزيرة نيفين القباج، بالتعاون مع الجهات المعنية غيرت حال نحو 36 منزلا بالقرية، وقع الاختيار عليها باعتبارها الأولى بالرعاية، بناء على قرار لجنة مشتركة من الوحدة الاجتماعية التى تتبعها القرية، وقيادات من القرية منهم 22 منزلا من هذه المنازل كانت أسقفها بالبوص أو ألواح الخشب، تحولت بجهود المبادرة إلى إسمنتية، بالإضافة إلى تجهيز أرضية المنزل بالسيراميك والنجارة والسباكة وغيرها، كما أدخلت وصلات مياه لـ23 منزلا، كان أهلها يضطرون لجلب المياه من أقرب مسجد أو من الجيران للشرب ولكل استخداماتهم اليومية، و14 منزل كانت بالفعل مسقفة بالاسمنت، لكن كان ينقصها التبليط ودهان الجدران والسباكة والنجارة وغيرها، حتى نجحت وزارة التضامن فى تجهيز هذه المنازل.
الجدة سميحة بالطرحة السوداء
"رزق زكريا حميدة" وزوجته مديحة رجب سليمان أحد المستفيدين من مبادرة "حياة كريمة".
مديحة، تبلغ 37 سنة، ولديهم 3 أبناء جميعهم فى التعليم، "البنت الكبيرة فى سنة خامسة إبتدائي، والثانية فى السنة الثالثة الابتدائية، والابن الأصغر 5 سنوات مؤكده حرصها على تعليم ابناءها، قائلة: "هعلمه برضه إن شاء الله، أهم حاجة دلوقت إن العيال تتعلم، حتى لو مش هناكل، وأنها قدمت على معاش تكافل وكرامة، ومنتظره الرد، و لو فى قروض ممكن أخد قرض وأربى فراخ أو أى حيوانات، أنا فلاحة وأعرف أربى الحيوانات".
الجدة سميحة
وتتابع مديحة: "أنا اتعلمت لغاية سنة خامسة وطلعت من المدرسة، ولما فتحوا فصل محو أمية رحت وبدأت أفك الخط تاني، لكن الفصل بعدها وقف، لو فتحوه تانى هروح، عشان أساعد ولادى فى التعليم، وكمان لما يبقى معايا شهادة هعرف ألاقى شغل"، وتنظر "مديحة" وقد وقفت بجانب زوجها رزق إلى البيت الذى تبدلت أحواله متذكرة معاناتها من قبل: "البيت بقى حلو قوي، اتبيض واتسقف والأرض سيراميك بدل ما كانت أسمنت، مكانش عندنا ميه ولا نور، دخلوا لنا الميه والنور وركبوا لنا عدادات، والحيطان اتبيضت، والأبواب والشبابيك بقت كلها جديدة، كنت أملأ الميه من الجيران كذا مرة فى اليوم، وده متعب جدا".
البيت بقى يشرح القلب، والواحد بقى فرحان إنه قاعد فيه، كنا حاطين مشمع فوق سطح البيت، فوق ألواح الخشب، عشان المطر، لكن كانت المطرة بتقطعه، والهواء يطيره، ونحط طشت جنب العيال وهم نايمين عشان المطرة تنزل فيه من السقف، وفى المندرة كانت ألواح الخشب بتقع علينا.
أمام بيت خالد رزق
"كان نفسنا نجهز المنزل من زمان، لكن أى مبلغ جوزى بيشتغل بيه يادوب بناكل بيه، نجيب دقيق وأرز لما يتجمع معانا رزق شغلانة، ونحاول نكفى طلبات تعليم العيال، مش عايزاهم يتظلموا، ويشوفوا اللى شفته، لكن جوزى بيشتغل يوم آه ويوم لا، مافيش هنا مصانع ولا مكان فيه وظايف".
بروح كل مكان لوحدي
وتابع رزق صاحب الـ45 سنة: "طول عمرى باحلم إنى أتوظف زى أبويا اللى كان شغال فى شركة العنب، ويكون عندى مرتب أول كل شهر، لكن البلد هنا مافيهاش مصانع، ولا فرص عمل، غير الحصاد وده ليه مواسم، بعدها نقعد شهور من غير شغل، ولما "حياة كريمة" قالوا لنا إخلو البيت عشان هنعملكم سقف ووصلة ميه وسيراميك ونبيض الحيطان، ماكنتش مصدق، ولميت هدوم العيال ورحنا عند ناس قرايبنا فى البلد، قائلا: "لما شفت البيت بعد ما توضب، حسيت إنى فى حلم والحكومة حسيت بينا، وصلوا الكهرباء فى كل الغرف، وعملوا اللازم للشبابيك والأبواب وكمان السباكة والسيراميك لغاية السقف، ووصلة مية الشرب، ولما المحافظ زارنا حسيت لأول مرة إنى إنسان مهم".
بيت خالد رزق من الداخل
وتعود مديحة، للحديث: حياتنا اتغيرت لما البيت نظف، لما دخلت البيت بعد ما اتوضب، حسيت إنى رجعت عروسة من أول وجديد والزمن رجع 12 سنة، وقلبى اتشرح، ريحة البيت بقت حلوة، والنظافة بقت أسهل، مش بس نظافة البيت والأكل، كمان نظافة الأولاد ولبسهم، المحافظ زارنا لما كان جاى القرية يفتتح الكوبرى والمدرسة، وحسيت إن الكل فرحان لنا.
حفيد فاطمة يحتاج عملية
نفسى أشتغل عشان أجيب دولاب للعيال عشان هدومهم فى كراتين، وكمان عشان أعطيهم دروس زى زمايلهم ويبقوا شاطرين فى المدرسة، البنات نفسهم يبقى مجموعهم كبير زى زميلاتهم، أنا اتظلمت وما لقيتش اللى يهتم بتعليمي، ومش عايزة أظلم ولادي، المتعلمين فى القرية بيعرفوا يلاقوا شغل، بيفتحوا حضانات أوفصو محو أمية أو بيشتغلوا فيها، التعليم حلو.
وفى المنزل المجاور لبيت "رزق زكريا"، تعيش والدته سميحة والى محمد العنتبلى، صاحبة الـ76 سنة، مع ابنها الثانى خالد وزوجته وأولاده مؤكده أنه تم تجهيز المنزل، قائلة: "مبسوطة عشان ولادى عايشين فى بيوت نظيفة، وأحفادى بقوا مبسوطين، ومستريحين".
فاطمة رجلى واجعاني
وتابعت :"خلفت عيالى الخمسة فى البيت هنا، كان بالطين والسقف بوص، وبعد كده حطينا ألواح خشب، لكن كانت بترشح فى المطر، دلوقت أنا قاعدة مع ابنى خالد ومراته وعياله، وابنى التانى فى البيت اللى جنبنا، وخالد شغال باليومية، أرزقي، مش كل يوم فيه شغل، الدنيا اتغيرت، زمان كانت يومية الشغل فى الغيط ربع جنيه، وبعدين بقت 7 جنيه، دلوقت بقت مائة جنيه، وكل حاجة غليت، أردب الغلة كان بـ300 جنيه، دلوقت بقى بـ700 جنيه، واللى معاه 3 عيال زى ابنى، يجيب أردب غلة، مايكفيش السنة".
مديحة
مندرة رزق
وفى قرية المهدية، تم تنظيم قافلة طبية، ضمن مبادرة "حياة كريمة" استفاد من خدماتها نحو 900 شخص من أهالى المهدية، وتسلم 133 منهم نظارة طبية، و23 استفادوا بكرسى متحرك بناء على كشف أطباء القافلة وتوصيتهم، بجانب 26 اخرين أجريت لهم عمليات عيون بحسب حالاتهم.
وفى أحد شوارع القرية، يتواجد بيت صغير ليس له رقم أو اسم، تسكن فيه فاطمة مصطفى مصطفى، صاحبة الـ70 سنة، ومكون من مدخل به كنبتان وغرفة واحدة مع الحمام وهى أرملة، وتحصل على معاش من زوجها بعد وفاته، وتعيش بمفردها، بعد أن تزوجت ابنتها وعاشت فى محافظة مرسى مطروح.
حفيد فاطمة يحتاج عملية
وقالت فاطمة: "دكتور القافلة كشف علي، ركبتى تعبانة، ما أقدرش أمشى خالص، حتى أكلى باعمله جنبى على موقد صغير، لأن ما عنديش بوتاجاز، القافلة أعطتنى علاجا للركبة وكرسى متحرك، عشان أقدر أروح بيه البوستة عشان أقبض المعاش، أو أروح بيه أى مكان فى البلد هنا، قائلة: "كنت زى المشلول، اللى مش قادر يروح ولا يجيي، لغاية ما جابوا لى الكرسي، حسيت إن الحياة رجعت لى تاني، وبقيت أروح بيه أى حتة".
فاطمة تتمنى أن تزورها القافلة مرة أخرى لتتابع علاج ركبتيها، لأنها تتمنى أن تستطيع الحركة والمشى كما كانت على قدميها.
فاطمة
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة