تمر اليوم الذكرى الـ60 على رحيل فارس الزجل، ورائد شعر العامية المصرية، الشاعر الكبير بيرم التونسى، إذ رحل فى 5 يناير عام 1961، بعدما ترك لنا إرثا شعريا وغنائيا كبيرا، إذ غنت له كوكب الشرق أم كلثوم مجموعة من روائعها الغنائية ومنها «أهل الهوى والآهات والحب كده وأنا فى انتظارك وحلم وحبيبى يسعد أوقاته والأمل والأولة فى الغرام وهو صحيح»، وغيرها كثير فضلا عن مجموعة من الأوبريتات الغنائية بين الإذاعة والسينما والمسرح.
لد محمود بيرم التونسى فى 1893، وهو شاعر مصرى من أصول تونسية، وقدمت أسرته التونسية لمصر فى 1833 حين هاجر جدّه لأبيه للإسكندرية فى 1833، وأقام فيها، وكعادة المصريين فإنهم يلقبون الوافدين لمصر بلقب يحدد بلدهم.
عاش «التونسي» طفولته فى حى الأنفوشي، والتحق بكُتّاب الشيخ جاد الله، ثم كره الدراسة فيه لما عاناه من قسوة الشيخ، فأرسله إلى المعهد الدينى فى مسجد المرسى أبوالعباس، ثم توفى والده وكان بيرم فى الرابعة عشرة فانقطع عن المعهد، وأدار دكان أبيه، لكنه خرج من هذه التجارة صفر اليدين.
بدأت شهرته عندما كتب قصيدته «المجلس البلدي»، التى انتقد فيها المجلس البلدى بالإسكندرية، لفرضه ضرائب باهظة، ثم انفتحت أمامه أبواب الفن، فبدأ مسيرته الحافلة، وكان قد أصدر مجلة المسلة فى 1919، وبعد إغلاقها أصدر مجلة «الخازوق»، وصُودرت أيضا، ونفته السلطات لبلده تونس، بسبب مقالة هاجم فيها زوج الأميرة فوقية ابنة الملك فؤاد، ولقمع المستعمر الفرنسى التونسيين سافر لفرنسا، وعمل حمّالًا فى ميناء مارسيليا لسنتين.
استطاع «التونسي» أن يزوّر جواز سفر ليعود لمصر، وألقى القبض عليه، وتم نفيه مجددًا لفرنسا، وهناك عمل فى شركة للصناعات الكيماوية، وفصل منها لمرض أصابه، ليواجه ظروفًا معيشية قاسية إلا أنه استمر فى كتابة أزجاله.
تم ترحيله فى 1932من فرنسا لتونس بعد طردها الأجانب، وهناك أعاد نشر صحيفة «الشباب»، وأخذ يتنقل بين لبنان وسوريا، وقامت السلطات الفرنسية بإبعاده عن سوريا لإحدى الدول الأفريقية، وفى طريقه للمنفى توقفت الباخرة بميناء بورسعيد، نجح فى أن يهبط ببورسعيد، وسارع للقاء أهله، ثم قدم التماسًا للقصر من خلال أحد النافذين فيه، وتم العفو عنه، وكان فاروق قد تربع على العرش، وعمل «بيرم» كاتبًا فى «أخبار اليوم» ثم فى جريدة «المصري» ثم فى «الجمهورية».
ترك «بيرم» ميراثًا شعريًا حافلًا وغنيًا بين الأغنية العربية، ومنها الروائع، التى كتبها لأم كلثوم حين شكل ثنائيًا رائعًا مع زكريا أحمد إلى جانب الدواوين والأوبريت الإذاعى سيرة الظاهر «بيبرس» و«عزيزة ويونس»، وظل إلى آخر لحظة فى حياته من حملة الأقلام الحرة الجريئة.
ومنحه عبدالناصر الجنسية المصرية فى 1960، كما منحه جائزة الدولة التقديرية، وكان ذلك قبيل وفاته «زى النهاردة» 5 يناير 1961.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة