تحل علينا اليوم الأربعاء، الذكرى الـ 100 على تأسيس الجيش العراقى الذى لعب دورا كبيرا في إرساء قواعد الأمن والاستقرار في منطقة الشام، وتم تصنيفه كأحد أقوى الجيوش العربية خلال القرن العشرين، وذلك بعد تأسيسه على أسس وطنية عقب مغادرة الأتراك بغداد بعد هزيمتهم في الحرب العالمية الأولى.
ويصنف الجيش العراقي أحد أقدم وأعرق جيوش الشرق الأوسط فى العصر الحديث، والذى أعلن عن تأسيسه في 6 يناير عام 1921 بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، وبدأت قصة تأسيس جيش للعرق من خريجي المدرسة الحربية فى اسطنبول والتي قادت الولايات العراقية الثلاث البصرة والموصل وبغداد، وعكفت على تدريب المئات من أبناء العشائر العراقية ومنحتهم خبرة الحرب إلا أنهم سرعان مع عملوا على تحرير العراق بعد انهيار الدولة العثمانية مطلع القرن العشرين.
وكشفت وسائل إعلام عراقية عن أن عدد الجيش العراقى كان يقدر بـ 111 ضابطا و2505 من ضباط الصف والجنود في بداية تأسيس الجيش العراقى، وتولى مهندس وعراب السياسة العراقية منذ العشرينيات باشا نورى السعيد الجانب العملى لتأسيس الجيش العراقى.
وكان للجيش العراقي دور بارز في التمهيد لبناء الدولة العراقية عام 1921، وسجلت له مواقف عالقة في الأذهان لا ينساها الشعب العراقى حتى اليوم منها إنقاذه للعاصمة بغداد التي عانت من فيضان نهر دجلة 1954، الذى هدد العاصمة العراقية وسكانها، إلا أن تدخل الجيش وتعاون الشعب والجهات المدنية لحماية المدينة نجحت في صد الفيضان، فضلا عن دورها الكبير في الدفاع عن القضايا العربية ومساهمته في حماية دمشق خلال حرب 1973.
ولعب التنجيد الإجباري دوراً هاما في ربط العراقيين فكان التجنيد يجمع في وحدة واحدة جنودا من مدن ومحافظات مختلفة، من جنوب العراق إلى شماله، وعرف عن الجيش العراقي المهنية العالية، فقد تخرج عدد من قادته في أرقى الجامعات والأكاديميات العسكرية البريطانية والأمريكية.
وعندما قررت الولايات المتحدة حلَّ الجيش العراقي في عام 2003 كان لذلك القرار الدور الأكبر في انهيار العراق وزعزعة استقرارها، وتعانى الدولة العراقية من تبعات هذا القرار الخاطئ وتحاول المؤسسة العسكرية استعادة عافيتها وتلعب دوراً في استعادة السيادة العراقية.
وبعد سقوط نظام صدام حسين في أبريل 2003، صدر قرار السلطة الانتقالية الثاني، تحت وصاية الحاكم المدني الأمريكي بول بريمر، بحل الجيش العراقي في 23 مايو من العام نفسه، وهناك شبه إجماع على أن هذا القرار هو الذي خلق الفراغ الأمني الذي ملأته المجموعات الإرهابية والميليشيات التي تمولها أطراف خارجية، وهو ما ساهم في إضعاف الدولة العراقية التي ما زالت تعاني من الخروقات الأمنية.
وكان للجيش العراقى دورا بارزا في الحرب على تنظيم داعش الإرهابى التي أطلقتها القوات المسلحة العراقية عام 2014 حتى تمكنت من دحر التنظيم بشكل كامل بعد معارك دامت لسنوات تقدمها قادة عسكريون لهم تاريخ عسكرى مشرف في المؤسسة العسكرية العراقية.
وفى الذكرى الـ 100 لتأسيس الجيش العراقى، أعلن رئيس الوزراء العراقى مصطفى الكاظمي عن انسحاب أكثر من نصف القوات الأمريكية من البلاد خلال الأيام المقبلة، مؤكدا أن العراق لن يكون ملعبا للصراعات الإقليمية أو الدولية بعد اليوم.
وأعرب الكاظمى خلال كلمة له عن أسفه من تحول العراق إلى ساحة لتصفيات وتحديات حرب عالمية وإقليمية على أرضه، مضيفا "لن نسمح بأن تستخدم أراضي العراق لتصفية حسابات بين الدول".
وأشار الكاظمي إلى أنه تم سحب دفعات من القوات الأمريكية من العراق ضمن توقيتات فنية خلال الأشهر الماضية، موضحا أن ذلك يعد ثمرة للحوار الاستراتيجي المتواصل مع الولايات المتحدة والذى سوف يكتمل في الأيام المقبلة بانسحاب أكثر من نصف تلك القوات الأمريكية، ولن يتبقى إلا مئات منهم فقط، للتعاون في مجالات التدريب والتأهيل والتسليح والدعم الفنى.
ولفت إلى أن هذا التطور قد تأسس على ضوء جهوزية القوات المسلحة العراقية والقوات الأمنية بمختلف صنوفها، لحماية أرض العراق وصون كرامة شعبه، مضيفا: "لن نسمح باختطاف القرار الوطني العراقي من أية جهة كانت.. ولن نخضع للمزايدات السياسية والانتخابية".