مافيش سرايرعناية.. العزل فى المستشفيات الخاصة أسعاره نار.. الحقونا.. الحكومة مش موفرة أماكن عزل للغلابة.. الناس بتترمى فى الشارع.. فيه نقص فى الأكسجين.. الناس بتموت ومافيش أماكن.. صراخ .. عويل .. استنكار .. استجداء.
قبلها بشويتين صغيرين..
البس الكمامة يا غالى.. يا حبيبى حط الكمامة.. يا سيدى ما تخرجش من غير الكمامة.. يا أبويا الكمامة وقاية من الفيروس حافظ عليها.. يا أمى أنتى تعبانة ومش هتتحملى الإصابة البسى كمامتك.. يا أبنى خليها على الله.. إللى عاوزه ربنا هيكون.. إللى مكتوب علينا هنشوفه.. أنت هتكفر يا أبنى.
المشهد الأول والثانى فارق توقيتهما لا يتجاوز ساعات وعلى أقصى تقدير أيام.. لكن شتان الفرق بين الحالة الصحية للمخاطب فى المشهدين، عندما نصحته "جادل..تفلسف.. تفزلك"، بينما عندما أصيب أصبح يحاول ويقاتل من أجل استجداء أنفاسه للتعلق بالحياة لآخر لحظة، غير قادر حتى على التفوه بكلمة، بينما أهله وأصدقاؤه وأحباؤه، يقاتلون من أجل توفير سرير عناية مركزة لحجزه ووضعه على أجهزة التنفس الصناعى متشبثين بأمل إنقاذه وإعادته للحياة.
مع بدايات ظهور فيروس كورونا فى مصر، فى مارس 2020، جاهدت الحكومة المصرية بكل السبل لتجاوز كارثة الإغلاق الكلى، ونظمت الحملات الإعلامية المكثفة لتوعية المواطنين وتحذيرهم بكل السبل، وحثهم على الالتزام بالإجراءات الاحترازية للوقاية من الإصابة بالفيروس ورغم كل ذلك، اضطرت لاتخاذ القرار الصعب والقاسى بفرض الإغلاق الكلى لمحاولة السيطرة على تفشى الفيروس وتقليل الإصابات لحماية المواطنين.
قرار الإغلاق ذاق مرارته الجميع، لم ينج من أثاره الغنى أو الفقير.. لكنه كان الدواء المر من أجل التعافى والشفاء والعودة للحياة مرة أخرى، وبالفعل نجحنا بفضل الله ووعى المواطنين وإجراءات الحكومة فى تجاوز الأزمة، حتى صارت التجربة المصرية فى التعامل مع الفيروس محل إعجاب دول العالم.
لكن العالم لم يفرح كثيرا بالعودة والتعافى، من الفيروس الذى حير علماء العالم من أجل الوصول للقاح يوقف تفشيه، حيث ابتليت الإنسانية بالموجة الثانية من كوفيد 19 التى أكد العلماء أنها أكثر شراسة من الموجة الأولى، ما دفع الكثير من حكومات العالم للمسارعة بفرض الإغلاق سواء كليا أو جزئيا، لمحاولة السيطرة عليه ومنع تفشيه.
فى مصر الأمر مختلف.. مع إعلان ظهور الموجة الثانية، بدأت الحكومة فى اتخاذ إجراءاتها، محاولة بكل السبل الابتعاد عن قرار الإغلاق، وراهنت على وعى المواطنين، وإدراكهم عاقبة تجاهل الإجراءات الاحترازية، لكن للأسف خيب المواطنون أمل الحكومة، حيث تعاملوا مع الموجة الثانية باستخفاف شديد، وتجاهلوا الإجراءات الاحترازية، التى تمثل أدناها، الالتزام بارتداء الكمامة فى أماكن التجمعات والأماكن العامة والمؤسسات والمواصلات، ما اضطر الحكومة لفرض غرامة فورية على مخالفى قرار ارتداء الكمامة.
ما يدعو للسخرية المريرة، أن يتم إجبارك على الالتزام بأمر هو فى الأساس لحمايتك، وبعد ذلك، ومع وقوع الفأس فى الرأس وحدوث الإصابة، تسمع الصراخ والاستغاثة والاستنكار والاستنجاد لتوفير سرير رعاية لعزلك وعلاجك.
أفيق يرحمك الله قبل فوات الأوان.. التزم بارتداء الكمامة.. احرص على التباعد الاجتماعى.. غادر بيتك فى أضيق الحدود.. تجنب الزيارات الأسرية.. " فى التباعد حياة".