وسط انشغال العالم بالبحث عن علاج لأعراض كورونا، ولقاح يحمى الملايين من فيروس هو الأخطر طوال قرن، ويبذل العلماء جهدهم، ويسابقون الزمن للبحث عن علاجات ولقاحات تحمى ملايين البشر من الوباء، يصر بعض المدعين والتافهين لاحتلال مساحات من الاهتمام بالغرق فى النقاشات التافهة والآراء الغريبة، وهو استمرار لتوظيف أدوات الإعلام والتواصل فى نشر الخرافات والوصفات الوهمية، بدلا من نشر الوعى.
مع الموجة الأولى للفيروس ظهرت هوجة مزاعم علاج كورونا بـ«الشلَوْلوْ»، وانطلق بعض المدعين فى ترويج هذه الوصفات، وهو أمر لم يقتصر علينا، لكنه شاع بالعالم كله، ووصل لدعاوى شرب الكلور والمطهرات، واستغل بعض الدجالين الأمر وأعلنوا قدرتهم على علاج كورونا بالأعشاب، أو التعويذات، واستغل هؤلاء تضارب الآراء العلمية واختلافات العلماء، فى إطلاق الخزعبلات الوهمية بين الناس، وتسببوا فى مضاعفة الأخطار والوفيات.
وانتشرت عشرات، وربما مئات، الوصفات الطبية وبعضها بالفيديو، تحمل الكثير من الوصفات والنصائح غير الطبية، لكن من يطلقونها يتخذون صورة جادة، وربما بعضهم يصدق الخرافة نفسها، وفى بعض الدول شاعت فكرة استعمال الخمور المركزة فى علاج فيروس كورونا والوقاية منه، باعتبار أن الكحول إذا كان يقتل الفيروس فى الخارج فسوف يطارده بالداخل، وسقط مئات الإيرانيين بعد تناول كميات من الخمور والكحول، واستغل بعض العطارين الفرصة، وأعلنوا عن خلطات وتركيبات للوقاية من كورونا، بل وعلاجها.
اللافت للنظر، أن الخرافات استمرت مع الموجة الثانية، لكنها اتخذت سمتا أكثر سطحية، ففى الوقت الذى يفاضل فيه العلماء بين اللقاحات، ويقارنون بين السلالات الجديدة والطفرات الجينية، ويسعون للبحث عما إذا كانت هناك فيروسات جديدة تمثل تهديدا للبشر، لدينا بعض مدعى الدين انخرطوا فى مناقشات جدلية بلا معنى، حول اعتبار من يموت بالكوفيد شهيدا أم لا؟ فى حين تبنى بعض التافهين رأيا يعتبر المتوفى شهيدا، فقد اختلف «تافهون» آخرون مع هذا ورفضوا اعتبار المتوفى بالفيروس شهيدا، ولكنه ميت عادى، وهى آراء ومقارنات لا تعنى أى شىء، غير أن هؤلاء أصيبوا بفيروس التفاهة والهيافة.
وما زلنا نتذكر كيف خاض بعض المدعين المشاهير حربا ضد نقل الأعضاء، بل ضد الطب والعلاج، وظلوا يروجون للعلاج ببول الإبل، والخزعبلات، ولما مرضوا سافروا للعلاج فى أوروبا والدول التى سبق لهم أن كفروها.
واليوم ينخرط المدعون فى جدل، حول اعتبار الميت بالفيروس شهيدا أم ميتا عاديا؟ وطبعا لو مد هؤلاء الخيط لنهايته، فسوف ينقسمون حول التفرقة بين ضحايا كورونا طبقا للدين والمذهب، بل إننا ما زلنا نجد من «أرزقية التدين» من يحرم ويحلل تهنئة المختلفين فى الدين بأعيادهم.
ويبدو أننا بحاجة إلى مواجهة فيروس كورونا، ومعه فيروس الجهل والتطرف والادعاء والتفاهة، والتى تفرض نفسها علينا، فى الموجة الأولى والثانية لـ«كوفيد - 19».
وقد يصل العلماء إلى لقاح ومصل للفيروسات، لكنهم قد يحتاجون إلى جهود أكبر لاختراع لقاح أو مصل للجهل والتفاهة.