فى تسعينات القرن الماضى، رفع الرئيس الأمريكى الأسبق بل كلينتون شعار إنه الاقتصاد يا غبى، للتأكيد على أهمية تحسين الاقتصاد لكسب ثقة الناخبين وإعادة انتخابه، وهو ما حدث بالفعل.
ويبدو أن الشعار يعيد نفسه لكن يحل بدل من الاقتصاد الوباء، الذى يحاصر الرئيس الأمريكى. ورصدت مجلة بولتيكو حالة القلق بين الديمقراطيين بشأن تراجع شعبية الرئيس بسبب أزمة كورونا، وقالت إنهم يصلون إلى استنتاج "إنه الوباء يا غبى"، فى محاكاة للشعار الشهير.
وبعد قرابة تسعة أشهر من توليه المنصب، أكد بايدن وفريقه أن ويلات الوباء بدأت فى الانحسار بسبب الإجراءات التى اتخذها الرئيس، ويشيرون إلى استطلاعات الرأى التى تظهر دعما قويا لجدول أعماله التشريعى، والمرتكز على البنية التحتية المادية وحزم الإنفاق الاجتماعى والمناخى، وأشاروا إلى مدى ندرة خروج المشرعين الديمقراطيين عن الصفوف، حتى خلال هذه الفترة الصعبة الحالية.
لكن مكانة بايدن لدى الأمريكيين تراجعت، حيث انخفض متوسط شعبيته نحو 15 نقطة منذ أواخر يونيو. وشهد تراجعا فى عدد الديمقراطيين وحتى الجمهوريين، إلا أن التراجع كان كبيرا على وجه التحديد بين المستقلين. وخلال نفس الفترة الزمنية، سارع الرئيس لإنقاذ مبادراته المحلية وسط صراع داخلى بين الديمقراطيين حول حجمها وتسلسلها. كما أن بايدن أشرف على انسحاب فوضوى وقاتل من أفغانستان، وواجه انتقادات لراده على المعاملة غير الإنسانية للمهاجرين الهايتيين على الحدود الأمريكية المكسيكية.
إلا أن الوباء هو الذى يلوح فوق كل هذا، وهو ما يزيد الأمر صعوبة على البيت الأبيض للعودة إلى الوراء.
وتذهب المجلة إلى القول بأن البيت الأبيض لم يجادل أبدا فكرة أن مصير بايدن السياسى مرتبط بمعالجة معركة كوفيد 19، ولهذا فإنهم تحركوا سريعا لتمرير حزمة إغاثة بقيمة 1.9 تريليون دولار بمجرد توليه المنصب، وأكدوا ضرورة الحصول على اللقاح، لكن الاعتراف بالعقبة أصعب من تخطيها. فقد تبين أن الإعلان عن إعادة فتح البلاد كان سابقا لأوانه، مثلما كان الحال بالنسبة للاعتقاد بأنه يمكن استخدام الإقناع والتعليم والتثقيف لزيادة معدلات التطعيم ضد كورونا.
وزاد من تعقيد مهمة بايدن بعض الجمهوريين، ومنهم الرئيس السابق دونالد ترامب، الذين رددوا نظريات مؤامرة ضد التلقيح ورفضوا الحصول على اللقاح أو قرارات ارتداء الكمامة فى الولايات التى يهيمن عليها الجمهوريون. إلا أن خبراء الصحة العامة انتقدوا أيضا الإدارة لارتباكها بشأن الرسائل التى توجهها وكانت بطيئة فى تبنى نهج جديد. وكانت الدفعة الأخيرة من قرارات إلزامية التطعيم قد أدت غلى ارتفاع فى معدلات توزيع اللقاح، لكن لا يزال عشرات الملايين لم يحصلوا على جرعاتهم بعد.
وتقول المجلة إنه بالنسبة للرئيس وحلفائه، هناك مخرج واحد واضح لهذه الأزمة، وهى تقارير من بعض عملاء الحزب الديمقراطى، تشاركوا بعضها مع البيت الأبيض واللجان الديمقراطية، واستطلاعات حصل بولتيكو عليها، تشير جميعها إلى أن بايدن يحتاج إلى معالجة الفيروس للخروج من هذا الحصار.
وفى مذكرة تم تداولها على نطاق واسع، قال المخطط الاستراتيجى سيمون روزنبيجر، إن التراجع الحاد لبايدن لا يمكن تفسيره إلا من خلال تصور الجمهور للتعامل غير المتكافئ مع الوباء والاعتقاد بأنه لا يعطى الأولوية لذلك. وأكد روزنبرج الذى كان على اتصال بالبيت الأبيض ومسئولى اللجان أن عشرات الملايين من الدولارات التى يتم إنفاقها للترويج لخطة إعادة البناء بشكل أفضل، هى تذكير للناخبين بأن الرئيس لا يركز على الوباء. ولن يكون تمرير كلا القانونين كافيا لتحسين مكانة بايدن بشكل كبير دون أن يثبت الديمقراطيون أولا أنهم الطرف المسئول عن هزيمة كوفيد، على حد قوله.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة