فى الوقت الذى ينشغل العالم بمواجهة جائحة كورونا، وتنشغل الدول الكبرى بمنافساتها ومصالحها، تحرص الدولة المصرية على التحرك إقليميا ودوليا، وتتقاطع مع كل السياسات والسياقات، وتحرص على طرح خطاب قادر على فتح حوارات وتنمية التعاون، وهو خطاب مستمر ومتواصل، ينطلق من عدم التدخل فى شؤون الدول، وفتح آفاق التعاون والشراكة مع جميع الأطراف.
من هنا تأتى مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى قمة فيشجراد، وهى تعرف بمجموعة «V4»، وتتكون من دول المجر وبولندا وسلوفاكيا والتشيك فى وسط أوروبا، وجميعها أعضاء فى الاتحاد الأوروبى وحلف الناتو، وتهدف المجموعة أو الحلف إلى تعزيز التعاون فى المجالات العسكرية والثقافية والاقتصادية والطاقة فيما بينها، بالإضافة لتعزيز تكاملها الأوروبى، وفيشجراد تقع شمال العاصمة المجرية بوادبست، على الضفة اليمنى من نهر الدانوب، نسبة إلى أول اجتماع لزعماء الدول عام 1991، وتأسست المجموعة أول إبريل بالعام 2004.
وتأتى مشاركة الرئيس السيسى، ضمن سياسة الدولة المصرية المنفتحة على كل التجمعات، بهدف توسيع الشراكة والتعاون، ولهذا شملت كلمة الرئيس طرحا وتأكيدا للسياسة المصرية، وعرضا لسياسات مصر داخليا ودوليا، حيث أكد الرئيس فى كلمته أمام القمة، أن «جائحة كورونا أثبتت أن البشرية مثلما تتشارك فى الأخوة الإنسانية فهى عرضة للتشارك فى التحديات مهما تفاوتت مستويات تقدمها، ما يفرض على المجتمع الدولى التعاون، وأن مصر من جهتها ومن إدراكها لخطورة التباين فى مسارات التعافى الاقتصادى بين الدول، فقد حرصت على توطين صناعة اللقاحات ليس فقط لتلبية احتياجات مواطنيها، ولكن للتصدير إلى القارة الأفريقية، فى محاولة لرأب الفجوة بين الدول النامية والدول المتقدمة فى تلقى اللقاح»، داعيا إلى التعاون مع دول التجمع لتحقيق هذا الهدف.
ودعا الرئيس «الأصدقاء الأوروبيين» إلى تفهم حقيقة ما يحدث فى مصر، وقال «نحن قيادة تحترم شعبها وتحبه وتسعى من أجل تقدمه»، وأن هذا التحرك ينطلق من سياسات مصرية تدرك حجم ما نواجهه، وقال: «أنا مسؤول عن 100 مليون مواطن، 65 % منهم شباب لدى كل منهم أمل فى حياة أفضل.. وهذا أمر ليس باليسير، بينما دول أخرى ليس لديها نفس العدد، المجر 10 ملايين مواطن.. هولندا 40 مليونا»، باعتبار أن كل دولة أكثر معرفة ودراية بما تحتاجه ويحتاجه الشعب.
ونبه الرئيس إلى أن ملف الهجرة غير الشرعية يعكس شكلا من أشكال حقوق الإنسان المفقودة فى منطقتنا، بجانب حقوق كثيرة جدا لم تتوفر فى المنطقة، فى إشارة للحقوق الاجتماعية والاقتصادية المختلفة، مشيرا إلى أن مصر لم تخرج منها مركب هجرة غير شرعية واحدة، فنحن قيادة تحترم شعبها و«مش محتاجين حد يقولنا عن معايير حقوق الإنسان»، واستعرض مبادرة «حياة كريمة»، التى تتعلق بتحسين حياة نحو 60 مليون مصرى، وأن الحديث عن قضية حقوق الإنسان يتضمن عناصر متعددة، على رأسها توفير حياة كريمة للمواطنين.
وتطرق الرئيس إلى الهجرة غير الشرعية باعتبارها أزمة تمثل مشكلة لأوروبا، وبالرغم من أن مصر أوقفت أى هجرة غير شرعية منها، بينما الهجرة مستمرة من الدول الأفريقية ومن دول شهدت اضطرابات، وأن مصر بها 6 ملايين مواطن من دول أفريقية، تتعامل معهم باعتبارهم ضيوفا، وتعاملهم على قدم المساواة مع مواطنيها.
وحملت كلمة مصر رسائل واضحة، تؤكد سياستها الداعية إلى تعاون دولى لمساندة الدول النامية والأفريقية، فيما يتعلق بالتنمية والعدالة فى توفير اللقاحات، باعتبار أن هذا يخفف من التوترات، ويدعم الاستقرار، بما ينعكس على خفض الهجرة غير الشرعية والتطرف ومهددات الاستقرار فى أوروبا والعالم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة