واقعة شائعة "ميكروباص الساحل" أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن الدولة المصرية لازالت تتصدى لعملية إثارة البلبلة والفوضى التي تحاول العديد من الأفراد والجهات المعادية بثها على الشعب المصري من خلال منصات المواقع الاجتماعي "فيس بوك" و"تويتر" لنشر الشائعات والأخبار المغلوطة والمفبركة، خاصة بعد أن تحولت بعض الصفحات الإلكترونية لأماكن للسخرية والاستهتار لبث الشائعة بطريقة "الكوميكس" وتكون مغلفة بالطرفة والسخرية، ما يؤكد أن هناك يد خفية تحاول العبث بإرادة ووعى الشعب المصري.
وبعد ثبوت عدم صحة بلاغ سقوط ميكروباص الساحل في النيل، وإثبات أن ما سقط من أعلى كوبري الساحل ما هو إلا "غطاء سيارة"، فإننا نكون أمام بلاغ كاذب هذا البلاغ إما أن يكون بحسن نية أو بسوء نية، فالأول لا يستحق العقوبة والثاني يستحق العقوبة المقررة في المادة 305 من قانون العقوبات التي تنص على أنه: "أمن أخبر بأمر كاذب مع سوء القصد فيستحق العقوبة ولو لم يحصل منه اشاعة غير الأخبار المذكورة ولم يقيم دعوى بما أخبر به"، فقد درج الفقه والقضاء على أن أركان البلاغ الكاذب هي الإبلاغ للجهات بسوء نية.
حروب الجيل الرابع على منصات السوشيال ميديا
ولكن المثير هذه المرة - أن يتحول "البلاغ الكاذب" إلى "شائعة" ملئت الدنيا ضجيجاَ في الشارع المصري قبل مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك، وتويتر"، وذلك في ظل المجهودات المضنية التي بذلتها الأجهزة الأمنية في عمليات البحث والتحري في سبيل الوصول إلى حقيقة الأمر، وقبل اكتشاف حقيقة الواقعة كانت هناك حرباَ شعواء ضد الدولة على السوشيال ميديا، ما يؤكد أن هناك يد خفية تحاول العبث بإرادة ووعى المصريين.
والشائعات في حقيقة الأمر تخرج من هنا وأخرى من هناك من خلال جبهات ومنصات السوشيال ميديا، التابعة للجهات المعادية للدولة بغرض واضح وصريح ألا وهو بث ونشر الفوضى فى المجتمع، وعلى الرغم من استخدام "أهل الشر" وسائل التواصل بهدف محدد وبمعرفة تامة بالعواقب القانونية، إلا أن هناك يتداول هذه الشائعات بدون علم بخطورة هذه الفعل المجرم قانونا للمشاركة فى الشائعة أو ما يُطلق عليه بـ"الشير" أو "اللايك" عبر منصات السوشيال ميديا .
خطورة الشير على منصات السوشيال ميديا
في التقرير التالي "اليوم السابع" يلقى الضوء على إشكالية "الشير" Share أو المشاركة التي تساهم بشكل كبير فى انتشار الشائعة، وكيف تصدى قانون العقوبات المصري لهذا الأمر؟ في الوقت الذي يجهل فيه الكثيرين بالمسئولية المجتمعية والشعور بخطورة الموقف في الوقت الراهن، فضلاَ عن العقوبات المقررة لجريمة البلاغ الكاذب، وكيف تؤثر حروب السوشيال ميديا في وعى المجتمعات ومصيرها.
في البداية – يقول الخبير القانوني والمحامى بالنقض ميشيل إبراهيم حليم – لم تعد مواقع التواصل الاجتماعى مجرد أداة للترفيه وتحقيق التواصل بين الأفراد، بل ظهر لها وجه آخر قبيح، وتحولت إلى ساحة خلفية لممارسة نوع جديد من الحروب، هي بالأساس حروب أفكار، وطرحت عدة إشكاليات رئيسية، منها الأمنية المتعلقة باستخدام المنظمات الإجرامية والجماعات الإرهابية لمواقع التواصل الاجتماعي كوسيلة لتهديد الأمن الدولي، ومنها السياسية المتعلقة بضمان حق الأفراد في تحقيق التواصل الآمن بينهم دون اختراق لخصوصيتهم، أو تهديد لحريتهم في إبداء الرأي والتعبير، ومنها الثقافية التي تتعلق بالحفاظ على الهوية والقيم والمعتقدات التقليدية في عالم مفتوح الثقافات ولا يعترف بحدود جغرافية.
الخبير القانونى ميشيل حليم
أدوات القتال على السوشيال ميديا
وبحسب "حليم" في تصريح لـ"اليوم السابع" - فتشكلت جبهة حرب حقيقية موازية، ساحة القتال فيها هي مواقع التواصل الاجتماعي، وأدوات القتال هي الفكرة والمعلومة والصورة والفيديو وبرامج التجسس واختراق الخصوصية، والخسائر فيها تتنوع ما بين السياسية والاقتصادية والأمنية، تبدأ بمستوى الفرد وتنتهي بمستوى الدولة وهو ما دفع بعض الدول لإنشاء كتائب وجيوش إلكترونية، مهمتها الرئيسية الدفاع عن صورة الدولة، والمساهمة في تحقيق أهدافها، ومواجهة أعدائها، فبدا في الأفق ظاهرة جديدة قيد التشكيل، يمكن تسميتها حروب مواقع التواصل الاجتماعي.
ووفقا للخبير القانوني: وقد جاءت حروب مواقع التواصل الاجتماعي لتصبح أحد أركان حروب الجيل الرابع، بما تميز به من خصائص مثل: تغير طبيعة الخصوم، والأهداف، والأسلحة، والفاعلين الرئيسيين في هذه الحرب، حيث لا تستهدف هذه الحرب تحقيق نصر عسكري بقدر تحقيق نصر سياسي معنوي، يستهدف كسر الإرادة، ورفع تكلفة الخصم باستمراره في صد هذه الهجمات، وفى الحقيقة إذا كانت الحروب تستهدف بأسلحتها الفتاكة الإنسان من حيث جسده وبناؤه، فإن هناك حرباَ مستترة أشد ضراوة وأقوى فتكاَ تستهدف الإنسان من حيث عمقه وعطاؤه، وقيمه ونماؤه، إنها حرب الشائعات على السوشيال ميديا وهى ما يطلق عليها "حرب الجيل الرابع" التي تعتبر في العصر الحديث من أهم الوسائل التي تستخدمها الدول والمجموعات وحتى الأفراد لتحقيق أهدافها قصيرة الأمد وبعيدة الأمد، فالشائعات تعتبر من أدوات حروب الجيل الرابع.
عقوبة البلاغ الكاذب
وأما عن جريمة البلاغ الكاذب – يقول "حليم" - وتقدم "اليوم السابع" فى شرح قانونى عقوبة جريمة ازعاج السلطات: القانون المصري اهتم بجريمتي ازعاج السلطات والبلاغ الكاذب طبقا لما نص فى المواد ارقام 135، 305 من قانون العقوبات حيث تنص المادة 135 على: "كل من أزعج إحدى السلطات العامة أو الجهات الإدارية أو الأشخاص المكلفين بخدمة عمومية بأن أخبر بأى طريقة كانت عن وقع كوارث أو حوادث أو أخطار لا وجود لها يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز 3 أشهر وبغرامة لا تزيد على 200 جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، وتقضى المحكمة فوق ذلك بالمصاريف التى تسببت عن هذا الإزعاج".
وأضاف: أن هذه المادة أوضحت بأن من يزعج إحدى السلطات العامة أو الجهات الإدارية أو الأشخاص المكلفين بخدمة عمومية عن طريق الإخبار بأى طريقة كانت عن وقوع كوارث أو حوادث أو أخطار لا وجود لها يواجه عقوبة الحبس مدة لا تتجاوز 3 أشهر وبغرامة لا تزيد على 200 جنيه مصرى أو بإحدى هاتين العقوبتين، كما تنص المادة 305 من قانون العقوبات على: "وأما من أخبر بأمر كاذب مع سوء القصد فيستحق العقوبة ولو لم يحصل منه إشاعة غير الإخبار المذكور ولم تقم دعوى بما أخبر به"، وقد أوضح القانون أن عقوبة الابلاغ الكاذب هى العقوبة المنصوص عليها فى المادة 303 من قانون العقوبات وهى الحبس مدة لا تجاوز سنتين وغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه ولا تزيد على 10 آلاف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين.
مطالبات بتشديد عقوبة البلاغ الكاذب
وأشار "حليم" إلى أن هذه العقوبات غير كافية وغير رادعة فى الوقت الحالي، وأنه يجب على المشرع المصرى تشديد العقوبات على هذه الجرائم لما لها من اثار سلبية فى الوقت الحالى من سرعة انتشار أى خبر كاذب أو بلاغ بإزعاج السلطات على أنه بلاغ حقيقى ويكون قد وصل لملايين المواطنين فى مختلف دول العالم بما قد يسيء إلى دولتنا خصوصا أنه قد لا يصل نفى الخبر إلى ذات الاشخاص بما قد يترك انطباعا سلبيا عن حالة البلاد وامنها واستقرارها الحالي التي وصلت له الان بحمد الله وبفضل جهود رجال الجيش والشرطة الساهرين على حفظ الأمن والنظام.
وفى سياق أخر – يقول الخبير القانوني والمحامى بالنقض محمد ميزار – أن حروب الجيل الرابع تقنيات أسلحتها الشائعات والفتن والأخبار المضللة، وهى تدمير للدول بدعوى الحرية والشائعات والإعلام – وفى هذا الإطار - يجب توعية مستخدمى مواقع التواصل الاجتماعى "الفيس بوك" و"تويتر" من خطورة عملية "الشير" للشائعة وهو ما يُطلق عليه فى القانون بـ"مروج الشائعة" حيث أن الشائعة تبدأ بالمؤسس لها ثم تأتى مرحلة تداول الشائعة، فيقع فيها رواد مواقع التواصل الاجتماعي بمجرد عمل "الشير"، ومروج الشائعة هو فاعل أصلى فى الجريمة بحسب نص المادة 39 من قانون العقوبات التى تنص على: "يعد فاعلاَ أصلياَ للجريمة".
عقوبة الفاعل الأصلى للشائعة على السوشيال ميديا
والفاعل الأصلي في شير "الشائعة" - بحسب "ميزار" في تصريح لـ"اليوم السابع" - في مفهوم المادة 39 من قانون العقوبات والفاعل مع غيره هو بالضرورة شريك يجب أن يتوافر لديه ما يتوافر لدى الشريك من قصد المساهمة في الجريمة حيث يعتبر "مروج الشائعة" هو مرتكب الجريمة كأنه هو الذى أصدر الشائعة وأسس لها خاصة أن الشائعة يدخل فى ارتكابها جملة أعمال فهى لا تنتشر من فرد واحد ولكن من جملة أعمال أو أفراد، كما أن "الشير" و"اللايك" للشائعة تهمة إلى أن يثبت الشخص حسن نيته، حيث أن قانون العقوبات المصري جرم بشكل قاطع نشر الشائعات، ونص على معاقبة مرتكب تلك الجريمة بالحبس والغرامة، حيث أن قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية الذي صدق عليه الرئيس في نهاية العام الماضي زاد من عقوبة ناشر الأخبار الكاذبة لتصل للحبس لمدة عامين، وغرامة قد تصل لـ100 ألف جنيه.
عقوبة الشائعات ضد الدولة
قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية يستند في مواده إلى قانون العقوبات خاصة المادة رقم 188 منه، والتي تنص علي أن يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه ولا تزيد على 20 ألفا أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من نشر بسوء قصد أخبارا أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو أوراقا مصطنعة أو مزورة أو منسوبة كذبا إلى الغير، إذا كان من شأن ذلك تكدير السلم العام أو إثارة الفزع بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة، حيث أن القانون يقطع الطريق أمام أي شخص يحاول النيل من أمن مصر بالأخبار الكاذبة – الكلام لـ"ميزار".
الخبير القانونى محمد ميزار
شائعات العائلات والأفراد
أما فى حالة إذا كانت الشائعة تخص شخص أو عائلة فى محاولة لتشويه سمعتهم، فإن تلك الجريمة تعتبر جنحة وتصل عقوبتها للحبس لمدة 6 أشهر مع الغرامة التي تتراوح بين 10 آلاف إلى 100 ألف جنيه، وفقا للمادة رقم "171" بقانون العقوبات، وفى حال فرض التعويض تحول القضية للمحكمة المدنية نتيجة وجود ضرر مادي ومعنوي، حيث أن تهمة نشر الأكاذيب والشائعات قاصرة على مؤسسات الدولة فقط وليس أفراد الشعب، وتنص المادة 171 من قانون العقوبات، على أنه: "يعاقب القانون على السب العلني بالغرامة التي لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد عن 10 آلاف جنيه، وهذه عقوبة الجريمة المذكورة في صورتها البسيطة بالمادة 306 عقوبات، ويشدد المشرع عقوبة السب العلني، كما هو الحال بالنسبة لعقوبة القذف، إذا توافرت أحد الأسباب – هكذا يقول "ميزار".
وأخيرا أكد "ميزار" - من بين الأسباب التي تضمنتها المادة، هي: "إذا ارتكب السب بطريق النشر في إحدى الجرائد أو المطبوعات، فتشدد العقوبة وفقا للمادة 307 من قانون العقوبات، بحيث ترفع الحدود الدنيا والقصوى لعقوبة الغرامة المبينة في المواد من 182 إلى 185 و303 و306 إلى الضعف"، كما أنه "إذا تضمن السب طعنا في عرض الأفراد أو خدشا لسمعة العائلات، فيجب الحكم بالحبس والغرامة معا وفقا للمادة 308 من قانون العقوبات، وإذا اجتمع هذا الظروف مع السابق عليه فيزداد تشديد العقوبة بحيث لا تقل الغرامة عن نصف الحد الأقصى، وإلا يقل الحبس عن 6 أشهر، ويشترط لقيام جريمة السب العلني أن ترتكب بإحدى طرق العلانية المنصوص عليها في المادة 171 من قانون العقوبات، وأن يتوافر القصد الجنائي العام لدى الجاني، ويتفق السب العلني في هذين الركنين مع جريمة القذف".
شائعة انتشار سيارات نقل بدون لوحات معدنية
في غضون 14 أكتوبر الماضي - كشف أجهزة وزارة الداخلية ملابسات منشور تم تداوله على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" متضمناً ادعاء انتشار سير سيارات النقل بالطريق العام بدون لوحات معدنية أو لوحات معدنية مطموسة، ومحاولة الترويج لتلك الشائعات.
بالفحص أمكن تحديد القائم على الحساب المشار إليه وتبين أنه، مقيم بدائرة قسم شرطة التجمع الأول بالقاهرة، وعقب تقنين الإجراءات أمكن ضبطه وبحوزته سيارة، تبين قيامه بطمس أحد الأرقام باللوحة المعدنية الخاصة بها، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية.
شائعة تورط الشرطة في الاتجار بالأعضاء البشرية
وبتاريخ 9 أكتوبر - نفى مصدر أمنى صحة ما تم تداوله على صفحة أحد العناصر التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية "هارب" على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن مقطع فيديو ادعى خلاله صاحب الصفحة المشار إليها تورط الدولة المصرية فى تجارة الأعضاء البشرية، كما بث تسجيل صوتي منسوب لأحد الأطباء العاملين بإحدى الوحدات الصحية بالسويس، ادعى خلاله إحضار سيارات تابعة لوزارة الداخلية أعداداً كبيرة من أطفال الشوارع "المتسولين" خلال الآونة الأخيرة لإجراء الكشف الطبى عليهم تمهيداً للاتجار بأعضائهم، وأكد المصدر أن ما تم تداوله فى هذا الشأن عارٍ تماماً من الصحة، ويأتى ضمن محاولات جماعة الإخوان الإرهابية لنشر الشائعات وتأليب الرأى العام.
شائعة إضراب المسجونين عن الطعام
في غضون 8 أكتوبر - نفى مصدر أمنى صحة ما تم تداوله بإحدى الصفحات التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية متضمناً تقريراً زعمت خلاله تعرض المحبوسين بسجن شبين الكوم العمومى لبعض الإنتهاكات، والادعاء بإضرابهم عن الطعام .
وأكد أن ما تم تناوله فى هذا الشأن عارٍ تماماً من الصحة جملة وتفصيلاً، ويأتى فى إطار المساعى الدائمة للأبواق الإعلامية التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية لإثارة البلبلة ونشر الأكاذيب والشائعات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة