وزارة التربية والتعليم قررت إدراج مسيرة نجم منتخب مصر وليفربول الإنجليزى محمد صلاح ضمن مناهج المرحلة الإعدادية والثانوية.. هذا ما صرحت به وكشفت عنه السيدة نوال شلبى مديرة مركز تطوير المناهج بالوزارة حتى "يتعرف التلاميذ على حياة اللاعب بوصفه أحد الشخصيات المصرية الناجحة فى مجال الرياضة وتحديدا كرة القدم".
فهل يستحق "الملك الفرعونى" الجديد - كما تصفه الصحافة الإنجليزية - أن يتم تدريس حياته ومسيرته فى مناهج التعليم المصرية، والبعض قد ينظر إليه على أنه مجرد لاعب كرة قدم تألق فى الملاعب...؟ ولا ننكر أن هناك البعض قد يرى أن تدريس سيرة لاعب كرة قدم للطلاب أمر مبالغ فيه... وكلنا يعرف رأى مثقفين وكتاب فى كرة القدم ويعتبرونها وفقا لنظرة قديمة بأنها أداة لتغييب وعى الشعوب بل هى "أفيون الشعوب".
وهى نظرة قديمة جدا للعبة كرة القدم التى تداخلت فيها السياسة بالاقتصاد بعلم الاجتماع بالتسويق بالدبلوماسية بكل شىء يتعلق بالعلاقات بين الدول، ومنذ السبعينيات وكرة القدم تؤدى أدوارا معقدة فى إشعال الحروب مثلما حدث بين الهندوراس والسلفادور، وتقريب وجهات النظر وتبريد التوتر السياسى والتمهيد للمفاوضات مثلما حدث فى لقاءات إيران بالولايات المتحدة الأمريكية أو التعريف بالدول وتحويلها لمحطات سياحية دولية مثل البرازيل واعتبار كرة القدم فيها دخل قومى مهم.
ثم أخيرا مجال للاستثمار من حكومات وأنظمة سياسية وأمراء وحكام حول العالم من شرق آسيا والدول العربية والدول العربية للتسابق لشراء أندية كرة قدم شهيرة.
فالكرة أصبحت واجهة للجماهيرية السياسية بل طريقا للوصول إلى المناصب السياسية مثلما حدث مع الأسطورة البرازيلية بيليه عندما تولى منصب وزير الشباب والرياضة فى بلاده وأسطورة ليبيريا جورج وايا الذى أصبح رئيسا لبلاده.
محمد صلاح منذ احترافه فى أوروبا فى عام 2012 فى بازل السويسرى ثم تشيلسي، ثم فيورنتينا وروما من ثم الوصول فى صيف 2017 إلى نادى ليفربول الذى يتألق فى صفوفه حاليا، لم يعد مجرد لاعب كرة قدم، بل سفيرا فوق العادة لبلاده أو "عدة وزارات" فى شخص، فما حققه لمصر يفوق مجهودات وزارات ومؤسسات فى الخارج على مدار سنوات.
الاهتمام بالفرعون المصرى فى الخارج وتحديدا فى المجتمع الإنجليزى ليس لأنه لاعب كرة قدم حقق إنجازات بقدمه وإنما لأدواره الاجتماعية وبما يقدمه من سلوك ومظهر وأداء داخل المجتمع الإنجليزى، حتى أصبح قدوة ومثالا يحتذى به بين الجماهير الإنجليزية، وأدت إلى تحسين صورة العرب والمسلمين داخل المجتمع الأوروبى، وبالطبع تحسين صورة مصر وزيادة أعداد السياح إليها، إحدى الصحف هناك أجرت دراسة عن العنف فى مدينة ليفربول وخلصت إلى أن محمد صلاح ساهم بنسبة كبيرة فى تخفيض نسبة هذا العنف.
صلاح يستحق أن تدرس سيرته...؟
نعم يستحق كنموذج على الإصرار والتحدى والسعى لتحقيق الحلم والنجاح سواء داخل الوطن أو خارجه ونموذج أيضا على الإنسان الملتزم بقيمه وعاداته والمنفتح على الآخر والمتطور بثقافته وتعليمه، يستحق كلاعب كرة قدم أصبح أسطورة فى تاريخ ناديه وتحول إلى شخصية عامة فى المجتمع الإنجليزى وفى فعالياته ومناسباته العامة واستقباله استقبال الأمراء فى القصور الملكية، ويستحق كانسان أصر على النجاح مهما كانت العراقيل والمشاكل، وليس هنا مجال لما تعرض له صلاح من حملات إعلامية فى مصر هاجمته وحاول التقليل من موهبته وشهرته.. ومازالت...!
إعلان وزارة التربية والتعليم هو بداية حقيقية لإدراج سيرة نماذج إنسانية حقيقية حققت لمصر الكثير فى مجالات عديدة، وهو ما نتمناه ونقترحه على الوزارة أن يتم إدراج سير شخصيات مصرية أخرى حققت الكثير والكثير لوطنها، على سبيل المثال اقتراح تدريس سيرة الدكتور مجدى يعقوب والدكتور أحمد زويل والدكتور مصطفى السيد والمستشار عدلى منصور والدكتور محمد العريان ولاعب تنس الطاولة الفذ من ذوى الهمم إبراهيم حمدتو وغيرهم الكثير.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة