الفاو: العواقب الاقتصادية المترتبة نتيجة تغير المناخ تشير إلى انخفاض الناتج المحلى بين 6% و14% بحلول 2050
يواصل أسبوع القاهرة الرابع للمياه، فعالياته لليوم الثانى على التوالى، تحت شعار "المياه والسكان والتغيرات العالمية : التحديات والفرص"، برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسى، وحضور عدد كبير من الوزراء والوفود الرسمية وكبار المسئولين فى قطاع المياه والعلماء والمنظمات والمعاهد الدولية ومنظمات المجتمع المدنى والسيدات والمزارعين والقانونيين من مختلف دول العالم، بحضور (1000) مشارك فعلى، و(800) مشارك افتراضى عن بعد، و20 وفدا وزاريا ومشاركة 44 وفدا وزاريا بشكل افتراضى.
قال الدكتور رجب عبد العظيم وكيل وزارة الموارد المائية والرى أن مصر تواجه العديد من التحديات فى مجال المياه وهى أكثر دول العالم جفافا وتعتمد بنسبة 97% من المياه على نهر النيل، وحصة الفرد من المياه انخفضت إلى 570 متر مكعب وهو ما يشير إلى اقترابنا من خط الفقر المائى.
أضاف فى كلمته فى الجلسة العامة فى اليوم الثانى لأسبوع القاهرة للمياه، أن مصر تمتلك شبكة معقده من شبكات المياه، كما أنها تمتلك أربعين ألف مرفق من المياه، و55 ألف كيلو متر من المجارى المائية، وهو ما يجعلنا نحتاج إلى تحديث دائم لشبكة القنوات، وفى أبريل الماضى بدأت الحكومة المصرية فى تنفيذ مشروع مكلف لتطوير شبكات الرى وإعادة تأهيلها وتبطينها، وهو مشروع مهم للغاية، وله العديد من الفوائد، كما يتم تنفيذ مشروع ضخم لتحديث الرى ليصبح بالتنقيط بدلا من الغمر وكل من نفذ هذا المشروع من المزارعين ارتفعت إنتاجيته بشكل كبير.
ولفت إلى أن الوزارة قامت بتطوير أجهزة لقياس الرطوبة فى التربة وهو الأمر الذى يوفر المياه ويحسن من إنتاجية المحاصيل، والمزارعين الآن تعجبهم هذه الأنظمة لأنها بسيطة وسهلة وتيسر عملية رى الأرض.
أضاف أن الوزارة تستخدم ادوات لضبط القنوات المائية بشكل ذكى من خلال استخدام التكنولوجيا، وكذلك استخدام صور الأقمار الصناعية فى تحديد أنماط المحاصيل وهو ما يساعدنا فى تحديد كمية المياه المطلوبة من السد العالى بفتح المياه من سد أسوان، التى تحتاج إلى 10 أيام للوصول إلى المصب.
أكد أن وزارة الموارد المائية والرى طورت أجهزة لقياس مستوى مياه الآبار من خلال نظام التليمترى حيث يوجد 300 جهاز تم تركيبها على نهر النيل وشبكات المياه والمصارف ويتم توزيع أجهزة تتابع تلك الأجهزة لتوزع على صناع القرار، كما يمكننا قياس المياه فى السد العالى من بعد.
وقال إن الوزارة وضعت خطة طموحة الاستعانة بالطاقة الشمسية فى رفع المياه من الآبار باستخدام الطاقة الشمسية وخلال عامين سوف نغير كل الآبار فى مصر لتعمل بالطاقة الشمسية بدلا من الكهرباء والديزل ولدينا خطة لتنفيذ ذلك بعد تجربة الأمر فى العديد من المناطق والمشروعات.
والتقى الدكتور محمد عبد العاطى وزير الموارد المائية والرى، بالدكتور وليد فياض وزير المياه والطاقة اللبنانى، والذى أعرب عن سعادته بالمشاركة فى أسبوع القاهرة للمياه، باعتباره أحد أهم المؤتمرات الدولية المعنية بقضايا المياه، مشيدا بمنظومة إدارة المياه فى مصر، حيث تم التباحث حول تعزيز التعاون بين البلدين الشقيقين، ومناقشة سبل تفعيل مذكرة التفاهم الموقعة بين البلدين فى مجال الموارد المائية، والوصول إلى صياغة مشتركة لبرنامج عمل واضح بين الدولتين يعكس مجالات التعاون المنصوص عليها بمذكرة التفاهم وعلى رأسها الاستفادة من تجربة مصر الرائدة فى مجال إعادة استخدام المياه.
وتم مناقشة تشكيل فريق فنى من الجانبين لتحديد احتياجات الجانب اللبنانى فى مجال التدريب وبناء القدرات، حيث أشار الدكتور عبد العاطى للإمكانيات العالية التى يمتلكها مركز التدريب الإقليمى للموارد المائية والرى التابع للوزارة بمدينة السادس من اكتوبر، والذى يعد جهة معتمدة لدى اليونسكو من الفئة الثانية كأحد المراكز المتميزة فى تطبيق كافة معايير الجودة العالمية فى خطط التدريب والمواد العلمية المقدمة.
وأكد الدكتور عبد العاطى على اهمية تحقيق أقصى درجات التعاون والتنسيق بين البلدين الشقيقين لتحقيق أهداف الشعبين فى التنمية المستدامة والوصول للإدارة المثلى للموارد المائية المحدودة.
كما التقى الدكتور عبد العاطى مع الدكتور عبد العزيز الشيبانى نائب وزير المياه والبيئة والزراعة السعودى، حيث تم التأكيد على العلاقات التاريخية التى تربط البلدين الشقيقين فى كافة المجالات.
وأشاد الدكتور الشيبانى بمجهودات وزارة الموارد المائية والرى المصرية فى مشروعات تأهيل الترع والرى الحديث واعادة استخدام المياه.
وقال الدكتور عبد الحكيم الواعر المدير العام المساعد والممثل الإقليمى للفاو فى منطقة الشرق الأدنى وشمال إفريقيا، أن ندرة المياه فى المنطقة العربية تشكل تحديًا كبيرًا، ليس فقط على مستوى تقديم خدمات إمدادات المياه للأغراض المختلفة كالشرب والرى، ولكن الأهم يتمثل فيما يترتب على هذه الندرة من تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على الإنتاج الزراعى وتحقيق الأمن الغذائى والتنمية الشاملة والمستدامة.
وأوضح أن متوسط نصيب الفرد السنوى من المياه المتجددة فى المنطقة العربية تناقص بحوالى 75% خلال الفترة من 1962 إلى 2017 وتشير التوقعات إلى استمرار هذا التناقص ليصل إلى ما دون عتبة 500 متر مكعب خلال الثلاثة عقود القادمة، الأمر الذى يمثل عائقًا حقيقيًا للتنمية خاصةً إذا ما علمنا أن 14 دولة عربية تقع فى الوقت الحالى ضمن أعلى معدلات الإجهاد المائى على مستوى العالم وأن 60% من سكان المنطقة و70% من النشاط الاقتصادى يتمركز فى المناطق الأكثر عرضة وتأثر بندرة المياه.
وتشير الشواهد والادلة أيضًا إلى تفاقم ندرة المياه بسبب تأثيرات تغير المناخ من خلال زيادة تقلبات نمط هطول الأمطار وتناقص جريان المياه السطحية، واستنزاف المياه الجوفية، وتواتر فترات الجفاف والفيضانات، وتأثر إنتاجية المحاصيل الزراعية فى العديد من دول المنطقة، وتقدر التقارير العواقب الاقتصادية المترتبة على ندرة المياه بسبب تغير المناخ إلى انخفاض اجمالى الناتج المحلى بين 6% و14% بحلول عام 2050، اضافة إلى تغير المناخ، سيواصل النمو السكانى والتوسع الحضرى فرض ضغوط إضافية على المياه والأراضى والنظم الإيكولوجية، الأمر الذى يستدعى تكثيف الجهود وتنسيقها للخروج بحلول تكاملية تستفيد من التقدم التكنولوجى وفرص الشراكة والتعاون مع شركاء التنمية والاستفادة من آليات التمويل المتاحة.
وقال سيعانى قطاع الزراعة، الذى يستهلك أكثر من 85% من موارد المياه، من صعوبات فى الحفاظ على حصته من المياه فى ظل استمرار الطلب المتزايد على المياه للاستخدام المنزلى والاستخدامات فى القطاعات الأخرى مثل الصناعة والسياحة. وبدون نهج تكاملى فى التعامل مع الأمن المائى والغذائى، يمكن لتناقص المياه المخصصة للزراعة أن يؤدى إلى انخفاض الإنتاج الزراعى وزيادة الاعتماد على استيراد الأغذية وانخفاض سبل عيش فقراء المناطق الريفية وارتفاع معدلات البطالة والهجرة إلى المدن.
وأكد أن ندرة المياه تمثل تحديًا فى طريق تحقيق غايات الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة المتعلق بالمياه، والذى بدونه سيكون من الصعوبة بمكان تحقيق الهدف الأول، المتمثل بالقضاء على الفقر، والهدف الثانى، المتعلق بالقضاء على الجوع وسوء التغذية وتعزيز الزراعة المستدامة، ودون إحراز تقدم فى تحقيق الهدفين الأول والثانى، فإن جدول أعمال التنمية المستدامة يصبح بأكمله مهددًا بالخطر.
وتشير تقديرات ما قبل جائحة كوفيد -19، إلى أن واحد وخمسون ونصف مليون شخص أو 12 فى المائة من السكان، كانو يعانون من الجوع فى المنطقة العربية - بزيادة قدرها 1.1 مليون شخص عن الفترة السابقة للعام 2019، وإذا ما استمر المعدل بنفس الوتيرة السابقة، فإن عدد الأشخاص المتضررين من الجوع سيتجاوز 75 مليون بحلول عام 2030، وعليه فإن من غير المرجح أن تحقق المنطقة هدف التنمية المستدامة المتمثل فى القضاء على الجوع. كما سيؤدى تأثير الجائحة على اقتصاد المنطقة إلى تأثيرات وتحديات إضافية تحول دول تحقيق هذا الهدف.
وأوضح أنه بالرغم من هذه الصورة كثيرة التحديات والصعوبات، نلاحظ أن العديد من دول المنطقة يتجه نحو اعتماد وتنفيذ سياسات إصلاحية وبرامج مائية فى الاتجاه الصحيح، حيث تعمل الدول على اعتماد أدوات ونهج المحاسبة المائية فى التخطيط ورفع كفاءة استخدام المياه وتعظيم الإنتاجية المائية فى القطاع الزراعى والاهتمام بالزراعة المطرية ناهيك عن الاستثمار فى تطوير موارد المياه غير التقليدية كتحلية المياه المالحة وإعادة استخدام مياه الصرف المعالجة. وفى هذا الإطار نشاهد فى مصر أمثلة كثيرة على ذلك ليس أخرها افتتاح محطة معالجة مياه مصرف بحر البقر ومشروع تبطين الترع وغيرها من المشروعات.
أضاف تقوم الأردن بتنفيذ سياسات لتحديد سقف استهلاك المياه للزراعة والاستثمار فى معالجة المياه العادمة وإعادة استخدامها لتغطية النقص فى مياه الري. ونجد أيضًا توجه لرفع الاستثمار فى التحلية لأغراض الاستخدامات المنزلية والصناعية ومعالجة مياه الصرف الصحى بهدف إعادة استخدامها فى إنتاج الغذاء فى عدد من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، بالإضافة إلى أنشطة كثيرة فى العديد من الدول لا يسمح الوقت هنا للتطرق لها بالتفصيل.
وقال فى وقت سابق من هذا العام، اعتمدت منظمة الأغذية والزراعة إطارًا استراتيجيًا جديدًا يسعى إلى دعم خطة التنمية المستدامة لعام 2030 من خلال التحول إلى أنظمة غذائية زراعية أكثر كفاءة وشمولية ومرونة واستدامة من أجل إنتاج أفضل، وتغذية أفضل، وبيئة أفضل، وحياة أفضل، والتأكيد على عدم ترك أى أحد خلف الركب، وتقوم الفاو، من خلال المبادرة الإقليمية لندرة المياه، بدعم جهود دول المنطقة من أجل تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية وتحسين الأمن الغذائى، وذلك من خلال رفع القدرات البشرية والمؤسسية فى مجالات المحاسبة المائية وإنتاجية المياه ورفع كفاءة الاستخدام فى الرى والترابط القطاعى بين المياه والطاقة والغذاء وتناغم السياسات المائية والزراعية وتنمية وإدارة موارد المياه غير التقليدية وغيرها من الأنشطة.
ولفت إلى أن مبادرة ندرة المياه تحظى باهتمام متزايد من قبل شركاء التنمية العاملين فى مجالات المياه كمنصة حيوية لتسهيل التنسيق فى تنفيذ الانشطة المختلفة وتبادل الخبرات الفنية والدروس المستفادة من المنطقة وخارجها وتوفير فرص لخلق التآزر والتعاون بين الشركاء. كما تشكل المبادرة أحد الشراكات الرئيسية الداعمة للأنشطة الرسمية لمنظمات العمل العربى المشترك والمتمثلة فى المجالس الوزارية والمنظمات المنخرطة تحت مظلة جامعة الدول العربية كالمجلس الوزارى العربى للمياه والمنظمة العربية للتنمية الزراعية والمركز العربى لدراسات المناطق الجافة والأراضى القاحلة (أكساد) على سبيل المثال لا الحصر.
و أثمرت الشراكة بين المجلس الوزارى العربى للمياه والمنظمة العربية للتنمية الزراعية والفاو والاسكوا إلى خلق آلية مؤسسية للتنسيق القطاعى بين المياه والزراعة ونتج عنها الاجتماع الوزارى المشترك الأول بين وزراء الزراعة ووزراء المياه فى أبريل من العام 2019 والذى تم خلاله اعتماد إعلان القاهرة كرؤية مشتركة لتحديد معالم التعامل مع ندرة وقضايا المياه من منظور تكاملى يشمل التداخلات والتأثيرات المباشرة وغير المباشرة للقطاعات ذات الصلة، ونتطلع لعقد الاجتماع الوزارى المشترك الثانى خلال هذا العام.
كما تم أيضًا تشكيل اللجنة الفنية المشتركة رفيعة المستوى والتى تعقد اجتماعاتها السنوية على هامش أسبوع القاهرة للمياه. وحققت اللجنة من خلال التعاون مع الفاو والاسكوا تقدم فى التطرق لبعض القضايا التقاطعية بين الزراعة والمياه مثل إعداد مسودة الخطة التنفيذية لإعلان القاهرة وإعداد مسودة الدليل الخاص بتحصيص المياه للزراعة والتى سيتم مناقشتهما خلال اجتماع اللجنة غدا الثلاثاء ضمن فعاليات الأسبوع.
واضاف أن ما تقوم به الفاو من دعم على المستوى الإقليمى فى مجالات اتساق السياسات المائية والزراعية وتحسين مستوى التعاون بين القطاعين يتم تعزيزه أيضًا بأنشطة ميدانية على المستوى الوطنى من خلال المشروعات المختلفة فى العديد من الدول. وفى هذا الصدد تقوم الفاو بالعمل على دعم جهود إعادة تأهيل القطاع الزراعى بما يشمل ذلك من منشآت الرى فى الدول التى تواجه أزمات وصراعات داخلية، وقد أدت هذه التدخلات إلى إعادة تنشيط الزراعة فى بعض المناطق وتحفيز عودة النازحين إلى مناطقهم ودعم الاقتصاد المحلى من خلال الإنتاج الزراعى والمساهمة فى تأمين الأمن الغذائي.
وأكد على التزام الفاو التام بالتعاون ودعم جهود جميع الدول فى إجراء التحول المطلوب فى الزراعة لتحقيق الأمن الغذائى فى ظل تزايد ندرة المياه وذلك من خلال نهج الإدارة المتكاملة والمستدامة للموارد المائية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة