أحمد النجمى

نحو مشروع ثقافي للجمهورية الجديدة (1)

الثلاثاء، 26 أكتوبر 2021 07:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم تكن حالة الترحيب العامة التي احاطت بقرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بوقف العمل بحالة الطوارئ حالة عابرة أو مجرد شعور مجتمعي بالتغيير ..لقد كانت في حقيقتها تعبيرا عن خطوة رئاسية جاءت في وقتها تماما .. لا قبل هذا التوقيت ولا بعده ..إذ شعرت النخب المصرية وشعر رجل الشارع العادي أيضا بأن الرئيس السيسي يفتح الباب واسعا أمام حياة جديدة للناس ، حياة آتية من تحقق الهدف : إنجاز الأمن والاستقرار في أرض الوطن. . وهكذا فإن حالة السعادة العامة بقرار الرئيس السيسي هذه ، إنما هي ترجمة لشعور المجتمع ككل بأنه قد اجتاز اختبارا تاريخيا بمعنى الكلمة،  واستطاع أن يحقق فيه النجاح. . وإن فصولا جديدة تكتب في تاريخ مصر المعاصر .. تتراص إلى جانب فصول لا تقل أهمية وتاثيرا في الحياة المصرية المعاصرة ..من تنمية شاملة وجذرية ومعمقة  (حياة كريمة ..نموذج ساطع لهذا التوجه التنوي وان كانت النماذج كثيرة في نفس السياق).. وشبكة طرق عالمية بآلاف الكيلومترات تمتد كشرايين جديدة في كل ربوع مصر...وجسور كان تشييدها يحتاج إلى 30عاما على الأقل تم إنجازها في  7 سنوات..
 
وشبكة من التأمينات والمعاشات لكل فقراء هذا البلد امتدت إليهم لكي تقول لهم أن الدولة لم تنسهم. .فضلا عن اكبر حركة تمدد عمراني مخطط ..من العاصمة الإدارية الجديدة إلى عشرات من التجمعات السكنية الجديدة التي إقامتها الدولة في السنوات الأخيرة لتقضي على سكنى العشوائيات. .كل هذا بجانب حرب يومية بل لحظية ضد الإرهاب سواء في شمال شرق سيناء أو في ربوع الوادي المختلفة.. يبذل فيها أبطال القوات المسلحة والشرطة أرواحهم ودماءهم دفاعا عن هذا البلد الأمين ..هذه ملامح المشهد المصري الآن ..نابض بالحيوية .. يبشر بجمهورية جديدة بحق .. جمهورية عصرية منفتحة العقل راسخة الثوابت قادرة على الاعتماد على ذاتها والدفاع عن مقدراتها. .جمهورية متقدمة واثقة الخطى ..لكن لنا أن نسأل : هل اكتملت للجمهورية الجديدة كل عناصر الميلاد اللائقة على هذا النحو؟ ألا ينقصها شيء؟ أعتقد أن هناك مكونا ناقصا في المشهد. 
 
لقد أشار الرئيس السيسي مئات المرات إلى (القوة الناعمة)في خطاباته وكلماته .. وشدد كثيرا على دور مطلوب من الإعلام المصري ..ربما تحرك الإعلام بالفعل نحو إنجاز هذا الدور خطوات وخطوات سواء الإعلام التليفزيوني والفضائي أو البوابات الإلكترونية وبعض الصحف والمجلات ..تحسنت الصورة في الأداء الإعلامي .. لكن ماذا عن الثقافة؟
 
لا ننكر أن في مصر وزارة للثقافة تحاول قدر استطاعتها صنع منتج ثقافي يليق بمصر ..وتنجح في هذا في كثير من الاحوال ..لكن شئنا تم أبينا علينا أن نعترف بأن هناك حالة من (الخفوت الثقافي) في مصر..والأمثلة كثيرة..سوق نشر تضربها الفوضى ينشر فيها القطاع الخاص لبعض الكتاب نصف مليون نسخة من رواياتهم التافهة و يتراجع في الوقت ذاته توزيع روايات شيخ الرواية العربية نجيب محفوظ. .أعمال أخرى تنشرها قصور الثقافة وهيئة الكتاب لا يسمع أحد عنها شيئا مع أن بعضا منها على مستوى عالمي بمعنى الكلمة. .وطوابير طويلة تنتظر حتى( النشر الخافت) فلا تجده. . ليس بعيدا عن حالة الروائيين  عشرات من الفنانين التشكيليين الذين لا يجدون مكانا لعرض لوحاتهم أو منحوتاتهم. .قصور ثقافة لا يزورها أحد إلا قليلا .. حركة ترجمة وان زاد حجمها لا ترقى لحلم المصريين في قراءة عناوين كثيرة من الكتب الأجنبية. .مسرح دولة صوته خافت برغم جودة مايقدم. . مواهب لا حصر لها في بحري والصعيد لا يسمع لها أحد ولا يسمع عنها أحد .
 
باختصار فإن هناك محدودية كبيرة في الحراك الثقافي في بلادنا اذا ما قورن بالحراك التنموي الشامل في مجالات كثيرة خلال السنوات السبع الأخيرة .. نوع من التبلد أصاب الحركة الثقافية كأنها تنتظر من يبعثها من مرقدها. 
نعم ..في الجمهورية الجديدة أدوات كثيرة توافرت وبقوة ..لكن الثقافة اذا غابت فاعليتها عن الصورة نقص منها أهم عنصر.
نحن في حاجة إلى ثورة ثقافية جديدة محددة الملامح واضحة الأهداف ..هذه الثورة الثقافية لا بديل عن أن تقودها الدولة .. لتصل إلى الهدف المنشود. .ولكن ما ملامح هذه الثورة الثقافية؟ هذا ما نحتاج إلى الافاضة فيه  عبر عدد من المقالات المتتابعة لنرسم صورة كاملة لتخيل ثقافي شامل لجمهوريتنا الجديدة.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة