تتزامن التطورات المسلحة بين الجماعات الإرهابية في الصومال، مع الانتخابات البرلمانية في ولاية جلمودج، وبذلك تتفاقم الأزمات في البلاد مع تصاعد الخلاف بين الرئيس الصومالي المنتهية ولايته محمد عبدالله فرماجو ورئيس الوزراء محمد حسين روبلي.
ويوم الأحد الماضي، تمكن تنظيم "أهل السنة والجماعة" من السيطرة على مدينة جرعيل وسط الصومال، بعد استيلاء القوات الحكومية عليها، كما سيطر التنظيم المصنف "إرهابيا" على مركز الشرطة ومقر بلدية المدينة بعد انسحاب القوات الحكومية منهما، مما أدى إلى سقوط قتلى ومصابين تزيد عن 20 قتيلا ومصابا، وهو ما يعني عودة التنظيم إلى الساحة الإرهابية من جديد.
هذه العمليات المسلحة، وخاصة التى تقوم بها جركة الشباب الإرهابية تؤثر على تأمين العمليات الانتخابية، فقد استبقت الحركة، موعد انطلاق الانتخابات بتهديد المشاركين بالقتل، ومع أن هذه التهديدات سلوك معتاد تقوم بها الحركة في كل موسم انتخابي في البلاد، حيث تستهدف الناخبين بعد انتهاء الانتخابات، لكن ثمة عامل يجعل سياق هذا الانتخابات أكثر خطورة من الناحية الأمنة، وهو انسحاب القوات الأمريكية من الصومال في نهاية العام الماضي، وهو ما يفرض تحديات غير مسبوقة على الحكومة بتأمين الانتخابات، خصوصاً بالنظر إلى زيادة عدد المشاركين الفعليين فيها، إذ من المقرر أن يشارك فيها أكثر من 27 ألف ناخب.
والاثنين، انطلقت في ولاية جنوب غرب الصومال انتخابات جزئية غير مباشرة لمجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان)، في حين أتمتها جوبالاند (جنوب)، الخميس الماضي، ومن المنتظر أن تجري الولايات الثلاث المتبقية: "هيرشبيلى" و" جلمودج" و"بونتلاند"، انتخاباتها في الأيام المقبلة، بحسب لجنة الانتخابات الفدرالية من دون تحديد تواريخ.
ويتكون مجلس الشيوخ من 54 عضوا، ويمثل الولايات الفدرالية، حيث ينتخب أعضاؤه من قبل برلمانات الولايات الخمس.
في حين يمثل مجلس الشعب الغرفة الأولى للبرلمان، ويبلغ عدد أعضائه 275، وينتخبه نحو 30 ألف ناخب، وفق نظام قبلي يحوز توافقا سياسيا ولا يرتبط بعدد السكان.
وتأجلت الانتخابات البرلمانية والرئاسية أكثر من مرة؛ بسبب خلافات سياسية بين الحكومة المركزية من جهة والولايات والمعارضة من جهة ثانية بشأن كيفية إدارة مجرياتها، قبل التوصل إلى اتفاق لإنهاء الأزمة في مايو الماضي.
ما هو تنظيم أهل السنة والجماعة؟
و"أهل السنة والجماعة" هو تنظيم مسلح يتبع الطرق الصوفية، لمع نجمه في المشهد الصومالي عام 2008، وكان يسيطر على مناطق وسط البلاد كما يقاتل حركة الشباب في الأقاليم الوسطى.
وكان مقاتلو تنظيم أهل السنة والجماعة قد سيطروا على غوريسيل ثاني أكبر مدينة في غلمودغ، في وقت سابق هذا الشهر، بعد معركة قصيرة. وسبق أن سيطرت الجماعة الصوفية خلال العقد الماضي على العديد من المدن الرئيسية في جلمودج، ولم تنجح الجهود في إيجاد تسوية عسكرية وسياسية مع السلطات الإقليمية.
وتأتي عودة التنظيم إلى حمل السلاح، والسيطرة على مدينة جرعيل، في سياق محاربة "حركة الشباب" التي يصفها التنظيم بـ "الخوارج" والتي تحكم مدنا مهمة في ولاية جلمودج.
الخلاف بين الرئيس والحكومة
اجتازت الأزمة بين الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو ورئيس وزرائه محمد روبلي عتبة جديدة اليوم الخميس، مثيرة مخاوف من تصعيد للعنف في بلد يواجه بالأساس مأزقا انتخابيا وحركة تمرد مسلحة.
والشهر الماضي، علق الرئيس الصومالي صلاحيات رئيس الحكومة في ما يخص عزل أو تعيين أي مسؤول، حتى استكمال الانتخابات المقررة الشهر الجاري.
واتهم بيان للرئاسة الصومالية روبلي بخرق القانون، وإصدار قرارات بالاعتداء على حقوق القوات المسلحة. ودعا فرماجو الوزراء لأداء مهامهم الدستورية، كما أوصى لجان الانتخابات الفدرالية بالإسراع في استكمال انتخابات المجالس التشريعية والرئاسية.
وفرماجو -الذي يشغل منصب الرئاسة منذ 2017- انتهت ولايته في الثامن من فبراير الماضي، من دون أن يتمكن من الاتفاق مع قادة المناطق على تنظيم الانتخابات، مما تسبب في أزمة دستورية خانقة.
وتسبب إعلان تمديد ولايته في منتصف أبريل الماضي عامين، إضافة إلى تأجيل الانتخابات؛ إلى اشتباكات في مقديشو.
وتوصل محمد روبلي -الذي تم تعيينه في سبتمبر 2020- إلى اتفاق بشأن برنامج الانتخابات على أن يتم الاقتراع الرئاسي بحلول العاشر من الشهر المقبل.
سبب الأزمة بين الرئيس والحكومة
بدأت الأزمة مع تصدى "روبلي" لوكالة الاستخبارات الوطنية الواسعة النفوذ فأقال مديرها فهد ياسين المقرب من الرئيس، وذلك على خلفية موجة الاحتجاجات على نتائج تحقيق أجرته الوكالة حول اختفاء إحدى موظفاتها.
واتهم روبلي أول الرئيس بـ"عرقلة" تحقيق حول اختفاء موظفة شابة في جهاز الاستخبارات تدعى إكرام تهليل (25 عاما)، معتبرا أن قراراته الأخيرة تشكل "تهديدا وجوديا خطيرا لنظام الحكم في البلاد".
ورد الرئيس على الفور فعين ياسين -وهو الصديق المقرب له الذي كان مهندس فوزه في الانتخابات الرئاسية عام 2017- في منصب المستشار الأمني للرئاسة.
وقام روبلي بإقالة وزير الأمن حسن حندوبي جمعالي، وعين مكانه عبد الله محمد نور المعارض للرئيس، فرفض فرماجو هذا القرار، معتبرا أنه "باطل" دستوريا.
ويخشى أن يؤدي المأزق الانتخابي والصراع في أعلى هرم السلطة إلى عودة المواجهات المسلحة على خلفية الانقسامات السياسية والقبلية، وهو ما يعيد إلى الذاكرة عقود الحرب الأهلية التي اجتاحت البلاد بعد 1991.
تأمين الانتخابات
استقبل رئيس ولاية جوبالاند، أحمد محمد إسلام ، في مدينة كيسمايو، الثلاثاء، قائد قوات الاتحاد الأفريقي، الجنرال ديوميدي نديجيا، ونائبه اللواء شومي.
وناقش الجانبان خلال اللقاء سبل تأمين مراكز الانتخابات وكيفية إجراء عمليات أمنية مشتركة.
هذا وتستعد ولاية جوبالاند حاليًا لإجراء انتخابات مجلس الشعب بالبرلمان الفيدرالي، بعد أن أكملت مؤخرًا الأعضاء الباقين الذين يمثلون الولاية في مجلس الشيوخ الفيدرالي.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة