عرفت الفنانة الكبيرة مديحة يسرى بهواية الرسم وكانت الصحف والمجلات تنشر لها العديد من اللوحات ، وكانت تزين جدران منزلها بعدد من هذه اللوحات.
وكثيراً ما تعرضت سمراء النيل لبعض المواقف والطرائف بسبب هذه الهواية ، ومنها ما حكته فى أحد حواراتها القديمة النادرة.
وروت مديحة يسرى انها رسمت ذات يوم لوحة لحمار يحمل على ظهره مجموعة من الكتب وكانت ترمز بها إلى هؤلاء الناس الذين يتظاهرون بالتبحر بالثقافة والعلم وهم لا يفقهون شيئاً، ولهؤلاء البخلاء الذين يكنزون الأموال ولا ينفقون منها شيئاً، وذات يوم تعرفت الفنانة الكبيرة بإحدى السيدات التى أخذت تتغزل فى مواهب سمراء النيل وفى لوحاتها، وتؤكد لها أن هذه اللوحات تنافس لوحات بيكاسو، وهو ما جعل مديحة يسرى تشعر بالزهو ، بالرغم من تأكدها أن هذه السيدة تبالغ فى مجاملتها، ولذلك وعدتها سمراء النيل بأن تهديها إحدى لوحاتها، واختارت السيدة لوحة الحمار الذى يحمل الكتب، وشعرت سمراء النيل بالحرج لأنها كانت تعتز بهذه اللوحة ولا ترغب فى التفريط فيها، ولكنها لم تستطع أن ترفض طلب الصديقة.
وحددت الفنانة الكبيرة موعداً مع صديقتها كى تزورها فى البيت وتتسلم اللوحة الهدية، وفى قرار نفسها تتمنى أن تنسى الصديقة هذا الموعد حتى لا تأخذ اللوحة، ولكن جاءت السيدة فى الموعد المحدد ومديحة يسرى تفكر فى أى حيلة حتى تجعلها تأخذ لوحة غير لوحة الحمار.
وأثناء جلوس مديحة يسرى مع الضيفة دخلت شقيقة الفنانة الكبيرة وهمست فى أذنها بأنها تريدها التحدث معها لأمر ما ، فخرجت لتفاجئ بأن الخادم سقط وهو يحمل مشروب الضيافة للصديقة فوق لوحة كانت الفنانة الكبيرة انتهت من رسمها للتو لإناء مملوء بالزهور ، وتناثر المشروب فوق اللوحة وكانها خربشة قطط فوق وجه طفل، وحزنت سمراء النيل لضياع جهدها فى رسم اللوحة، ولكنها كتمت غضبها وعادت لضيفتها ودعتها لتتسلم اللوحة المتفق عليها.
ولكن وقعت عينا الضيفة على اللوحة التى سقط عليها المشروب فأبدت إعجابها الشديد بها، وظلت تردد :" ياسلام ، هايلة ، تجنن، ياسلام على النقط البنى اللى فى وسط الورد، طبعا قصدك ترسمى جنينة بالسرياليزم!" ، وحاولت مديحة يسرى أن تشرح ما حدث للوحة ولكن الضيفة استمرت فى مدح هذه اللوحة وأسلوب رسمها ، وفوجئت سمراء النيل بصديقتها ترجوها أن تهديها هذه اللوحة بدلاً من لوحة الحمار، وهنا تهللت الفنانة الكبيرة وشعرت بالرضا ، ووافقت على الفور.
وأخذت السيدة تتحدث عن فن السيرياليزم الذى أكدت مديحة يسرى أنها لم تفهم منه شيئاً، ولكنها وافقت الصديقة على كل كلمة قالتها وأعطتها لوحة الورد ، وفرحت بأنها تركت لوحة الحمارالذى يحمل أسفارا والتى تعتز بها سمراء النيل .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة