ألقى الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، اليوم، كلمة فى الاحتفال بيوم المدن العالمى فى مدينة الأقصر، والذى يقام تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسى، تحت عنوان (تكيف وتعزيز قدرات المدن لمقاومة التغيرات المناخية)، بحضور عدد من مسئولى منظمة الأمم المتحدة وبرنامج المستوطنات البشرية UN-HABITAT وكبار الشخصيات الدولية وشركاء التنمية، كما حضر عدد من الوزراء والمحافظين من مصر ومختلف دول العالم، وسفراء الدول الأجنبية لدى القاهرة.
واستهل رئيس الوزراء كلمته، بالترحيب بالسيدة ميمونة محمد شريف، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة، المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، كما رحب بالوزراء، والمحافظين، والسفراء الأجانب، وعمداء المدن من كل أنحاء العالم، فى مدينة الأقصر، مدينة الحضارة والتاريخ، وبين رحاب آثارها ومعابدها؛ لنشهد معًا كيف حافظت مصر، عبر الأجيال، على هذا التراث العالمي؛ رصيدًا للإنسانية وشاهدًا على تطورها.
كما نقل رئيس الوزراء إلى الحضور تحيات الرئيس عبد الفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، وترحيبه بتواجدهم اليوم فى هذا الحدث العالمى المهم، الذى يقام تحت رعايته الشخصية، مشيرا إلى أن الرئيس سيشارك فى الدورة 26 "لقمة الأمم المتحدة لرؤساء الدول والحكومات لتغير المناخ"، والتى ستعقد على مدار يومى الأول والثانى من نوفمبر بمدينة جلاسجو".
وقال الدكتور مصطفى مدبولى : دعونا نتفق جميعًا فى البداية على أن المدن رغم كل ما تمثله من تقدم مهم، إلا أنها هى المسئولة عن معظم ظاهرة تغير المناخ، والتى تؤدى إلى العديد من التغيرات فى الكرة الأرضية، سواء من حيث ظهور التأثيرات السلبية، مثل: الفيضانات، وحالات الجفاف، والعواصف العنيفة، وفى الواقع تنتج المدن حوالى 70% من غازات الاحتباس الحرارى الرئيسية، وهذا هو السبب الرئيسى فى أن موضوع اليوم فى الأقصر هو "تكيف المدن من أجل المرونة المناخية والقدرة على مقاومة هذه التغيرات"، وهو يمثل موضوعا مهما للغاية؛ كما يمثل منصة لفتح النقاش بين مسئولى المدن، ورؤساء البلديات، والمحافظين، والقطاع الخاص، والمجتمع الدولى، حول كيفية دعم مدننا فى تحقيق الالتزام العالمى لخلق عالم خال من الكربون.
وأضاف رئيس الوزراء أن كل ما سبق يستلزم أن نعمل معًا؛ من أجل تحفيز استدامة ومُرونة المدن، من خلال التوسع بالبناء الأخضر، والمساحات الخضراء المفتوحة، واستثمار الطاقات المتجددة، كما يجب أن يتضمن تخطيط وتصميم مدننا المبادئ التى تعزز أنماط الحياة الصحية، والتى تعتمد بشكل أكبر على وسائل النقل غير الآلية، مثل: المشى، وركوب الدراجات، والاعتماد على منظومات النقل الجماعى الصديقة للبيئة.
وخلال كلمته، أشار الدكتور مصطفى مدبولى إلى أن مصر تضع ملف التنمية الحضرية فى مقدمة أجندتها التنموية؛ حيث يوجد فصل كامل عن التنمية الحضرية المستدامة فى الاستراتيجية الوطنية "رؤية مصر 2030"، والتى تتماشى تمامًا مع أهداف التنمية المستدامة (SDGs)، لافتًا إلى أن أول هدف من الأهداف الثمانية الرئيسية لرؤية مصر هو "الارتقاء بجودة حياة المواطن المصرى، وتحسين مستوى معيشته"، وذلك لتحقيق أهداف الأجندة الحضرية الجديدة، وأهداف التنمية المستدامة، خاصة الهدف الحادى عشر، الذى يدعو لجعل المدن والمستوطنات البشرية شاملة، وآمنة، ومرنة، ومستدامة.
وحول اهتمام الدولة المصرية بالبيئة، نوّه رئيس الوزراء إلى أن المادة 46 من الدستور المصرى لعام 2014 تنص على أن " لكل شخص الحق فى بيئة صحية سليمة، وحمايتها هو واجب وطنى، وتلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ عليها، وعدم الإضرار بها، والاستخدام الرشيد للموارد الطبيعية بما يكفل تحقيق التنمية المستدامة، وضمان حقوق الأجيال القادمة".
كما أشار الدكتور مصطفى مدبولى إلى أن "رؤية مصر 2030" تتضمن هدف الاستدامة البيئية؛ سعيًا "للحفاظ على التنمية والبيئة معًا من خلال الاستخدام الرشيد للموارد، بما يحفظ حقوق الأجيال القادمة فى مستقبل أكثر أمنًا وكفاية، ويتحقق ذلك بمواجهة الآثار المترتبة على التغيرات المناخية، وتعزيز قدرة الأنظمة البيئية على التكيف، والقدرة على مواجهة المخاطر والكوارث الطبيعية، وزيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة، وتبنى أنماط الاستهلاك والإنتاج المستدامة".
وقال رئيس الوزراء : يتضمن البعد البيئى للرؤية برامج متخصصة، بما فى ذلك تطوير البنية التحتية اللازمة للحد من تلوث الهواء، ومواجهة التغيرات المناخية، وتبنّى سياسات مُقاومة المناخ فى تخطيط المدن الجديدة، للحد من تلوث الهواء، والتكيف مع تغير المناخ، وحماية البيئة، لافتًا إلى أنه بوصف مصر طرفًا فى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ التى يرمز لها بـ UNFCCC، تُقر حكومة مصر بأهمية العمل التشاركى لتحقيق الهدف النهائى للاتفاقية، والمتمثل بشكل أساسى فى الحفاظ على تركيزات الغازات الدفيئة فى الغلاف الجوى، عند مستوى يحد من التأثيرات السلبية للأنشطة البشرية على نظام المناخ العالمى.
ولفت الدكتور مصطفى مدبولى إلى أن مصر كانت قد قدمت لسكرتارية الاتفاقية (UNFCCC) تقرير الإبلاغ الوطنى الأول فى عام 1999، وكذا تقرير الإبلاغ الوطنى الثانى فى عام 2010، وتقرير الإبلاغ الوطنى الثالث فى عام 2016، كما أعدت الحكومة المصرية تقريرها الأول المُحَدَّث كل سنتين (المعروف بالـ BUR)؛ لتقديمه إلى سكرتارية اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ فى 2018، مشيرًا كذلك إلى أن مصر تقوم حاليًا بإعداد الإبلاغ الوطنى الرابع لتقديمه إلى سكرتارية الاتفاقية (UNFCCC)، الذى يبنى على كل ما سبقه من تقارير ودراسات أخرى متعلقة بتغير المناخ.
وقال: سيقوم الإبلاغ الوطنى الرابع، بتحديث وتعزيز المعلومات المقدمة فيما يتعلق بالظروف المناخية، وقوائم جرد غازات الاحتباس الحرارى، والسياسات والتدابير المتخذة للتخفيف من تغير المناخ، وتقييمات القابلية للتأثر بتغير المناخ والخطوات المتخذة للتكيف مع تغير المناخ، ومعلومات عن الوعى العام والتعليم والتدريب والبحوث والمراقبة المنهجية، ونقل التكنولوجيا.
وفى هذا السياق، أعرب الدكتور مصطفى مدبولى عن سعادة جمهورية مصر العربية باستضافة النسخة السابعة والعشرين من مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP 27) فى عام 2022 نيابة عن قارة أفريقيا، فى مدينة شرم الشيخ، وأن تكون اجتماعات اليوم من خلال الاحتفالية باليوم العالمى للمدن حافزًا للمناقشات الحاسمة لتطوير خطط التنفيذ اللازمة للوصول إلى عالم خال من الكربون بحلول عام 2050.
ولفت رئيس الوزراء إلى أن مصر تقوم فى مجال التنمية العمرانية المستدامة بالعديد من البرامج والمشروعات القومية، التى يعتبرها على المستوى الشخصى والمحترف، إلهامًا للعديد من الدول والمدن على مستوى العالم، مشيرًا إلى أن مصر قد تبنت مشروعًا قوميًا للتنمية الحضرية، من خلال انشاء جيل من المدن الجديدة، المبنية على أسس المدن الخضراء، والمستدامة، والذكية، يأتى على رأسها، العاصمة الإدارية الجديدة، ومدينة العلمين الجديدة، وعشرين مدينة أخرى، يتم بناؤها جميعًا فى وقت واحد، وكلها تتبع هذه الأسس والمبادئ القائمة على الاستدامة البيئية الخضراء.
وأضاف مدبولي: وفى نفس الوقت لم نهمل مدننا القديمة والقائمة، حيث تشهد جميع هذه المدن طفرة هائلة فى تطوير البنية التحتية، وفى تطوير المناطق غير الآمنة، والمناطق العشوائية غير المخططة، وتطوير شبكات الطرق والمناطق الخضراء والمفتوحة بها، كما تأتى المناطق الأثرية والتراثية، على رأس أولويات الحكومة فى عمليات التطوير، بالإضافة إلى ذلك فهناك العديد من مشروعات النقل الحضرى، القائم على أحدث التقنيات البيئية المستدامة، التى تتم حاليا لربط كل المدن من الداخل، والربط بين بعضها البعض.
وأكد رئيس الوزراء أنه حول ما أثارته المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية فى كلمتها، من ازدياد الفجوة بين المدن والمناطق الريفية، فالحقيقة أن ما تقوم به مصر من خلال مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسى "حياة كريمة" التى تستهدف تطوير كل القرى المصرية خلال 3 سنوات، بتمويل يتجاوز الـ 40 مليار دولار أمريكى، بهدف توفير كل الخدمات، من البنية الأساسية، والخدمات المجتمعية، والتنمية الاقتصادية، والبيئية لهذه القرى، لهو بحق أيضًا مشروع يمثل إلهامًا لكل دول العالم، فى كيفية التصدى لهذه الإشكالية من اتساع الفجوة بين المدن والريف بصورة متكاملة كما تقوم به مصر حاليًا.
وخلال كلمته، جدد رئيس الوزراء التهنئة لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بوزارة الإسكان، على فوزها بالجائزة التقديرية التى يمنحها برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، والتى تعد واحدة من أرقى الجوائز على مستوى العالم فى مجال التنمية الحضرية، مؤكدًا أن هذه الجائزة تقر بالجهود التى بذلتها الحكومة المصرية ممثلة فى وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية لدعم التنمية الحضرية المستدامة فى مصر، كما تحفزنا، فى الوقت نفسه، لمواصلة هذا الأداء على نفس المستوى والمعايير؛ لضمان إنشاء مجتمعات حضرية متكاملة وشاملة وعادلة للجميع.
واختتم رئيس الوزراء كلمته بتجديد الترحيب بالمسئولين الحضور فى مدينة الأقصر، متمنيًا لجميع المسئولين المعنيين عملًا ناجحًا، كما توجه بالشكر لمسئولى منظمة الأمم المتحدة، وبرنامج المستوطنات البشرية على اختيار مدينة الأقصر لاستضافة هذا الحدث المهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة