وقال الأمين العام - في حديث خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط، على هامش المؤتمر الوزارى حول المناخ والبيئة بالقاهرة اليوم الاثنين، إن انعقاد قمة المناخ بمصر العام المقبل يثبت أن هناك رؤية لقيادة سياسية تسعى لكي تجعل من مصر دولة نموذج في مكافحة التغير المناخي على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي، إضافة إلى انخراطها الإيجابي في كل الجهود الإقليمية والدولية المتعلقة بتغير المناخ والتنوع البيولوجي، كما يؤكد أنها دولة رائدة في هذا المجال خاصة بالنسبة للدول الساعية إلى تحقيق التنمية والتقدم.

ورأى كامل أن هناك ثقة دولية كبيرة في مصر تم التعبير عنها على أكثر من مستوى، أولًا من خلال منحها استضافة قمة المناخ السابعة والعشرين ، ثانيًا لترأسها للاجتماع الخامس عشر لمؤتمر الأطراف فى اتفاقية التنوع البيولوجى المرتقب بمدينة كونمينغ الصينية ابريل المقبل، وثالثًا لانعقاد الاجتماع الوزاري لدول الاتحاد من أجل المتوسط بالقاهرة لبحث قضية المناخ والبيئة.

وذكر بأن مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ هو أكبر تجمع دولي يشارك فيه العالم بقادته وكبار مسئوليه وقطاعه الحكومي و المدني، فصلًا عن تواجد الشركات وطرح المبادرات البيئية، ما يعد شهادة في كون مصر دولة نموذج وواعية بحجم التحديات البيئية التي تواجه منطقتها، ومدركة لما يجب أن تتخذه من إجراءات وسياسات وما يتعين ضخه من استثمارات لتحقيق المواءمة. 

وشدد كامل على أن مصر - فيما يتعلق بتمويل برامج التعاون في قضية المناخ والبيئة - تعد من أكثر الدول بالمنطقة التي تشهد تدفق لرؤس أموال ومساعدات دولية للاستثمار في هذا المجال من قبل مؤسسات تمويل التنمية الدولية و القطاع الخاص على الصعيد الدولي، مثمنا اختيار دولة من جنوب المتوسط لاستضافة هذا التجمع العالمي.

وأوضح أن المنطقة الأورومتوسطية تعتبر نموذجا يحتذى به، خاصة بعد اعتماد الاتحاد الأوروبي "للصفقة الجديدة الخضراء" "Green New Deal" (وهي تشريع مقترح يهدف إلى معالجة التغير المناخي وعدم التكافؤ الاقتصادي)، بجانب التزام بلدان جنوب المتوسط بمقرراتها في إطار الاتفاقية الاطارية للمناخ وانخراطها في التعاون مع دول الشمال، وكذلك الاستثمار في الطاقة النظيفة، لافتًا إلى أن اجتماع القاهرة قد أبرز هذا التعاون بين ضفتي المتوسط.

وأضاف أن داخل تلك "المنطقة النموذج" تتواجد مصر على رأس الملتزمين بالطاقة النظيفة ،حيث تعتبر النموذج الأكثر نجاحًا بالمنطقة، لاسيما أنها تسير بخطى واثقة نحو اقتصاد مبني على الاستدامة والحفاظ على البيئة والتنوع البيولوجي، كما تحرص على صحة مواطنيها، مشيدا بالخطة المصرية التي تهدف إلى الاعتماد على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، حيث تستهدف مصر توليد الطاقة المتجددة بنسبة 50% في عام 2035 ثم الصعود التدريجي في تلك المصادر النظيفة.

ولفت إلى نموذج محطة "بنبان" العملاقة للطاقة الشمسية بمحافظة أسوان، فضلًا عن كون مصر من أوائل الدول التي استثمرت في طاقة الرياح، مؤكدا أن خطة "مزيج الطاقة" التي تنفذها مصر تدل على دورها المتزايد والمتعاظم بالمنطقة، و بذل جهود مدروسة مبنية على ربط العلم بالسياسيات فيما يتعلق أولًا بالالتزام بمقررات المجتمع الدولي في إطار اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ ، وثانيًا الإدراك أن التنمية في القطاعات التي تحقق الاستدامة أصبحت أحد أهداف خطة التنمية المصرية.

وتابع :"مصر تدرك اليوم أن الاستثمار في الطاقة الجديدة هو استثمار مجدي على الصعيد الاقتصادي يخلق فرص عمل و بيئة آمنة للمواطنين، ويحد من التأثيرات السلبية للتغير المناخي"، معطيا مثالًا فيما تقوم به مصر من حماية الشواطئ والتعامل مع ارتفاع منسوب البحر، تلك الظاهرة التي يعاني منها كل دول جنوب المتوسط.

وأوضح أن مصر كانت من الدول السباقة في إدراك خطورة هذه القضية، وقامت بضخ استثمارات كبيرة لحماية مناطق كثيرة في الدلتا من إمكانية تأثرها بارتفاع منسوب البحر الأبيض المتوسط، منوها -فيما يتعلق باجتماع الاتحاد من أجل المتوسط حول المناخ والبيئة الذي استضافته مصر- بأن اجتماع القاهرة يأتي في "عام التعاون الأورومتوسطي" بكافة المجالات المرتبطة بالبيئة والمناخ والطاقة والاقتصاد الأزرق.

وأشار إلى أن الاتحاد قد نظم ثلاثة اجتماعات وزارية في 2021، أولهم الاجتماع الوزاري للاقتصاد الأزرق (أي الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالبحر المتوسط و المدن المتاخمة لسواحله)، ثم اجتماع وزاري بشأن الطاقة لبحث كيفية الانتقال من الطاقة التقليدية إلى نموذج مستدام لإنتاج الطاقة مصادر متجددة، وصولًا إلى المحطة المهمة بالقاهرة، واجتماع وزراء البيئة بدول الاتحاد للتحرك والتعاون فيما يتصل بمجال مكافحة التغير المناخي.

وأضاف أن دول الاتحاد نجحت في تشكيل موقف موحد عبر تلك الاجتماعات من خلال خلق نوع من التوافق بين دول الاتحاد الأوروبي من ناحية، ودول جنوب وشرق المتوسط من ناحية أخرى، فيما يتعلق بأولويات البرامج والمشروعات والطموحات المنتظر التعاطي معها، وتحقيقها والعمل على تنفيذها في السنوات القادمة.

وتحدث الأمين العام عن وجود استراتيجية واضحة لكيفية تفعيل مقررات تلك الاجتماعات الوزارية، لاسيما عقب الاجتماع الذي تستضيفه القاهرة اليوم وارتباطه بقمة تغير المناخ (COP26) المرتقبة بمدينة غلاسكو في نوفمبر المقبل برئاسة المملكة المتحدة، لافتا إلى إسهام منطقة المتوسط في توفير كافة عوامل النجاح "لقمة غلاسكو"، الذي من المقرر أن تشارك فيها نحو 42 دولة متقدمة ونامية، واصفًا "بالمؤشر الإيجابي" توجه تلك البلدان للقمة برؤية موحدة وليس بمصالح متباينة.

وأجاب كامل -عما إذا كان هناك وعى من دول المتوسط بخطورة التغيرات المناخية على منطقتنا- أن الوصول إلى هذا الاجتماع المهم بالقاهرة هو في حد ذاته تعبير عن إدراك جماعي لدى دول جنوب البحر المتوسط والاتحاد الاوروبي بالأولوية القصوى لضرورة التعاطي مع قضية تغير المناخ في المنطقة، وكذلك مع قضية التنوع البيولوجي الذي يواجه أيضا تحديًا كبيرًا، متابعا " هذا الوعي من قبل بلدان المتوسط مبني على نظرة علمية مدققة؛ وهي الدراسة التي قام بها أكثر من 80 خبيرًا حول العالم برعاية الاتحاد من أجل المتوسط حول تأثيرات التغير المناخي على منطقة حوض البحر المتوسط والتي أصبحت اليوم المرجعية الأولى فيما يتصل بما تواجه المنطقة من تحد غير مسبوق"

وأوضح أن الدراسة خلصت إلى أن منطقة المتوسط هي ثاني أكثر مناطق العالم تأثرًا بظاهرة الاحتباس الحراري بعد القطب الجنوبي، أي أننا أول منطقة مأهولة بالسكان تتعرض لهذا الخطر الذي يفوق ب20% أي منطقة أخرى على سطح الأرض" ، محذرا من عدم اتخاذ الإجراءات الكفيلة سريعًا؛ للحد من ظاهرة تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة في منطقتنا لاسيما في ظل حالة الطواريء البيئية التي تشير إليها الأرقام .
واعتبر أن اجتماع دول الاتحاد ثلاث مرات هذا العام للتعامل مع الجوانب المختلفة لهذه القضية من منظور البيئة واقتصاديات البحر المتوسط، يؤكد أن هناك وعيا كاملا في ضفتي المتوسط لخطورة تلك القضية، فضلًا عن قيام دول المنطقة كل على حدى بتخطيط وتنفيذ البرامج الكفيلة بالتعاطي مع الاثار السلبية لظاهرة تغير المناخ والتي يطلق عليها " التخفيف و التكيف " .

وأضاف أن الدول الأعضاء بالاتحاد من أجل المتوسط ملتزمة بما تم الإعلان عنه في اجتماع القاهرة، أي بمحاربة التغير المناخي والحفاظ على التنوع البيولوجي و الاستثمار في الاقتصاد الدائري والتنمية المستدامة، مشددا على أن بلدان الاتحاد لديها إدارك كامل بأهمية التعاون في تلك القضية على ثلاثة اصعدة؛ أولًا الصعيد الوطني من خلال تنفيذ الالتزامات الوطنية لكل دولة وفقا للاتفاقية الإطارية لتغير المناخ التي اعتمدتها قمة باريس والتي سنناقشها القمة المقبلة؛ لمحاولة الوصول إلى اتفاق نهائي لها، وثانيًا عبر برامج اقليمية متعلقة بالخطة التي أقرها الوزراء خلال اجتماع القاهرة اليوم وهي "نحو منطقة متوسط آكثر اخضرارًا" تتناول كل العوامل والسياسات المطلوب تنفيذها في هذا المجال.

واختتم :" وثالثًا على الصعيد الدولي من خلال الضغط على المجتمع الدولي بصفة عامة ليسير على نفس النهج الأورومتوسطي ويتخذ الإجراءات الكفيلة للتقليل من ظاهرة الاحتباس الحراري والتخفيف من الآثار الجانبية الضارة لهذه الظاهرة على البيئة والصحة والأنشطة الإنسانية ".