ستات مصر وجدن الاحتواء والحنية فى "مؤنس" رغم عيوبه
"لعبة نيوتن" خالٍ من المط والتطويل وأتحدى أى حد يشيل مشهد واحد
منذ نشأة السينما، كان اسم "النجم" وسيلة المنتج المضمونة للترويج لأعماله الفنية، لكن وراء هذا النجم مؤلف موهوب ومخرج عينه ترى كل التفاصيل، حتى نشاهد فى النهاية لوحة فنية بديعة بكل ما فيها من معانٍ، فى المقابل هناك أعمال فنية اكتسبت شهرتها باسم مؤلفها أو مخرجها، وأصبح وجود اسم أحدهما على التتر ضمان لإقبال المشاهد على العمل، ضيفنا أحد هؤلاء الكتاب والمخرجين، فمنذ أول عمل له "بدون ذكر أسماء" أعلن ميلاد مؤلف ومخرج موهوب، مرورا بـ"تحت السيطرة" و"هذا المساء" وأخيرا "لعبة نيوتن" أحد أفضل الأعمال الدرامية خلال موسم رمضان الأخير، هو المخرج تامر محسن الذى أجرينا معه هذا الحوار:
- رغم النجاح الكبير لـ"لعبة نيوتن" صرحت بأن العمل به أخطاء.. ما هى أبرز الأخطاء التى لاحظتها مع عرض المسلسل.
قلت ذلك حين خرجت بعض الآراء تقول إن العمل بلا أخطاء، فكان ردى أنه ليس هناك عمل فنى بلا أخطاء، أكيد هناك بعض الأخطاء، فمثلا قضية المخدرات فى المسلسل كان من الممكن أن نعطى لها مساحة أكثر حتى يكون الحدث مبررًا. لكن فى النهاية نجاح العمل فاق طموحاتى.
- بعد عرض لعبة نيوتن أثير جدل كبير حول "الاغتصاب الزوجى".. هل كنت تقصد إثارة القضية؟
"لعبة نيوتن" خالى من القضايا، والقضايا ليس مكانها الفن، لكن ممكن أن أصفها بأنها "وجهة نظر" ولم يكن هدفى إثارة الرأي العام فالفنان ليس "مصلح اجتماعى" لكننا حركنا الماء الراكد، لأننى لم أكن أتصور أن هذا الأمر "خلافى"، ولم أتوقع هذا السجال وكنت فخور به، فى النهاية أرى أن هذا اغتصاب. فى نفس الوقت لم أتوقع أن النساء يتيمن بـ"مؤنس" إلى هذه الدرجة ورد الفعل أوضح لى أن نساء بلدنا ينقصهن الكثير من الاحتواء والعطف والحنية، لأنهن غفرن لمؤنس كوارث فى مقابل أنه أحب "هنا" من قلبه.
- البعض انتقد وجود "مط وتطويل" فى بعض أحداث "لعبة نيوتن".. هل هذا سبب ثورتك على مسلسلات الـ 30 حلقة.
لم أعلن ثورة، فقط قلت أنا اكتفيت بمسلسلات رمضان بسبب ضيق الوقت فى تنفيذها، أخشى أن أقع فى هذا الفخ، كما أننى أحلم بالسينما، أما عن اتهام لعبة نيوتن بالمط والتطويل، فأنا أتحدى أي حد يشيل لقطة واحدة من المسلسل.
- إذن إخراجك لعمل من 30 حلقة ليس مستبعدا.
أنا هخرج برة منظومة الـ 30 حلقة، وهشتغل بمنطق أن العمل الفني ينتهى حين تنتهى أحداثه، بغض النظر عن عدد الحلقات.
- فى "لعبة نيوتن" كنت مخرجًا ومؤلفًا وممثلًا ومسئول إنتاج.. ألم يشكل كل هذا ضغطًا عليك؟
هناك قدر من المتعة فى هذا الأمر، وبقدر كبير أشعر بأنى متحكم فى المنتج النهائي وراض عنه، لكن كان شيء مرهق لأقسى درجة، وكنت أشعر أن دورى كمخرج يأتى متأخرا بعد الاطمئنان على كل التفاصيل الأخرى.
- أغلب أعمالك من تأليف.. ألا تثق فى كتابة الآخرين أم لدينا أزمة فى الكتابة؟
لا أقصد ذلك، الكتابة بدأت معى منذ دراستى فى الجامعة حتى دراستى فى معهد السينما، وكتاباتى علاقتى بها أقوى وشبهى.
- هل تامر محسن متواجد رمضان المقبل؟
لا مفيش رمضان تانى، ومفيش 30 حلقة .
- هل تشعر بالحنين للتمثيل وهذا يفسر ظهورك فى أحد مشاهد "لعبة نيوتن"؟
لم يكن حلمى فى البداية الوقوف أمام الكاميرا، فقد كنت أكتب مسرحيات عن "الدمى" وأخرجها فى المدرسة، وفى الجامعة شاركت فى مسرح الكلية كممثل ومخرج، لكن لا أخفى عليك أشعر بالحنين للتمثيل على المسرح، ولو حد دعانى للتمثيل للمسرح هوافق على الفور، لكن مش بحب نفسى كممثل أمام الكاميرا، أعرف أن رأى فى نفسى قاسٍ. دعنى أقول لك أننى كنت متوترا جدا خلال تصوير مشهدى فى "لعبة نيوتن" رغم أنى مخرج العمل، ومكنش حد ورا الكاميرا غير مساعد المخرج عشان أطمن كنت حلو ولا وحش .
- من أفضل المخرجين الموجودين على الساحة الآن فى وجهة نظرك ؟
أسماء كثيرة، مثلا مروان حامد أقوى مخرج قادر على صناعة سينما تجذب عدد كبير من المشاهدين وتنال إعجابهم، والمخرج أحمد عبد الله له سينما خاصة به وحده، وفى الدراما أثمن تجربة بيتر ميمى فهو مخرج يتحرك من عمل لآخر بطاقة كبيرة وأعماله إما ناجحة وإما متماسكة، وطبعا لا يمكن أن أغفل كاملة أبو ذكرى ومحمد ياسين وهانى خليفة.
- من ترى نفسك امتدادًا له من المخرجين؟
أرى أن صانع الفن يتيم بمن سبقوه فى مرحلة ما، ثم ينتقل إلى مرحلة الكفر بهم، ليبدأ مرحلة جديدة تميزه عن الآخرين ويقدم الجديد "مش بحب أكون زى حد.. والجمهور عايز يشوف شيء جديد" أنا حريص ألا أكون تامر محسن بين عمل وآخر.
- ماذا عن مرحلة ما قبل الكفر بكل ما سبق.. بمن كنت متيمًا؟
أكثر مخرج كنت أتأمل فى أفلامه محمد خان خلال مرحلة تكوينى، وكنت أشعر بالغيرة منه وأقول: "هذا هو المخرج"، وأتباهى بأننى أعرف هذا الفيلم من إخراج "خان" من خلال مشاهدة shot واحد فقط، أيضا أحب تجربة داوود عبد السيد وعاطف الطيب.
- أليس غريبًا ألا تذكر اسم المخرج يوسف شاهين؟
مش بحب أفلام يوسف شاهين.
- هل لا تفهم أفلامه كما يشاع ؟
أود أن أقول أنا أمتن ليوسف شاهين جدا، لكن لا أحب أفلامه.
- تقول الشىء وعكسه.
دعنى أشرح لك، أمتن ليوسف شاهين لأنه المادة الخام للموهبة، هو شخص موهوب جدا، لكن تلك الموهبة امتزجت بـ"الأنا" فحدث تشويش فى أفلامه، وهذه ليست عبقرية منه .
- إذن بماذا تفسر احتفاء العالم بيوسف شاهين؟
أرى أن التعقيد فى أفلامه ليس له علاقة بالعبقرية، لكنى أرى ذلك "تشتت" ومحاولة للتفرد والاختلاف وليس شيئًا أصيلا. شاهد مثلا فيلم "أنت حبيبى" و"الأرض" سترى أن هذا المخرج موهوب جدا وذلك قبل دخوله فى مرحلة "الأنا" التي قرر فيها أن يكون فيلسوفًا، وتسببت فى تشكيل انطباع لدى العامة أن الأفلام المعقدة والمقعرة دليل على الإبداع، وفى النهاية رفضت الناس تلك الأفلام، وخلقت مسافة بين صانع الفيلم والجمهور.
- لكنك عملت مساعد مهندس ديكور فى فيلمى "المهاجر" و"المصير".. ألم تستفد منه شيئا؟
طبعا استفدت منه، ولى الشرف إنى تحدثت مع هذا الرجل العظيم الذى لا أحب أفلامه، وأعترف أن أعماله صنعت نقلة نوعية فى صناعة السينما. لكن كان عليه أن يحب أفلامه أكثر من حبه لنفسه.
- هل كان لديك الجرأة فى ذلك الوقت أن تفصح عن كرهك لأفلامه؟
لم يكن لدى الجرأة أن أقف بجانبه فى الأساس، لكن هذا الرأي كان داخلى ولا أستطيع التعبير عنه.
- تضمن مسلسل تحت السيطرة مشاهد تعاطى مخدرات صريحة.. ألم تخش من التأثير العكسى لتلك المشاهد على المتفرج ؟
أختلف معك، لم تكن مشاهد التعاطى فى المسلسل صريحة، كان هدفنا تصوير مشاهد توحى بوقوع الحدث دون الإغراق فى التفاصيل، وهذا قانون وضعناه قبل بدء التصوير، كنا ندرك خطورة الموضوع، لذلك كانت أول خطوة معايشة المتعافين من الإدمان على مدار سنة، وهدفنا الرئيس إقناع المتعاطين بالإقلاع عن الإدمان، حتى أصبح العمل مادة تساعد الأطباء فى تعاملهم مع المدنين.
أعمال فنية عديدة تعرضت لقضية الإدمان دون أن تُحجِّم الظاهرة.. هل ترى أن تحت السيطرة استطاع إحداث هذا التأثير؟
استقبلت مئات الرسائل بعد عرض المسلسل وحتى وقت قريب؛ فحواها: "شكرا إحنا توقفنا عن تعاطى المخدرات"، لو فيه 100 شخص أقلع عن الإدمان بسبب المسلسل أعتبر ذلك إنجازًا، لكن تعالى نتحدث عن تأثير الفن بشكل عام، فكم عمل فنى تناول "الشر" فى العالم ؟! ومع ذلك ما زال الشر موجودًا، إذن الفن لا ينظر إليه بهذه الطريقة، بل يمكنه إحداث التأثير بشكل تراكمى.
- ماذا عن أعمالك السينمائية المقبلة خاصة أنك مقل سينمائيا؟
المرحلة المقبلة، هي مرحلة التركيز فى السينما، ما أنجزته جزء قليل من طموحاتى، لدى أكثر من مشروع أحلم أن يخرج فى يوم من الأيام، حاليا أعمل على إحداها، ولا أعلم متى يخرج للنور، كما أن لدى مشروعات لمنصات إلكترونية فى مرحلة التحضير الآن .
- ما رأيك فيما يثار حول أن مخرج الدراما لا ينجح فى السينما؟
الآن، لم تعد هناك مسافة بين السينما والدراما، تقلصت الفروقات حتى أصبح كلاهما واحد، على عكس الثمانينيات. الناس دلوقتى بتسأل بعض "هو ده فيلم ولا مسلسل".
- إلى أي مرحلة وصلت التحضيرات لمسلسل القاهرة عن روايات نجيب محفوظ؟
المشروع سنبدأ تصويره عام 2022، أحضر له مع مريم نعوم منذ 10 سنوات، مستمرين فى التحضيرات وإن كانت تجرى على غير المأمول من حيث معدل الإنجاز .
- من رشحت من الممثلين للمشاركة معك فى العمل؟
أنا بشتغل بطريقة مختلفة، أرشح الممثلين عندما يكتمل الورق، ودائمًا أمنع نفسى من تخيل أي ممثل فى دور معين لحين اكتمال الحدوتة، ومن المحتمل إن تخيلت ممثلا فى دور معين وقت التصوير يكون مشغولا بأعمال أخرى، لذلك أؤجل مرحلة ترشيح الممثلين.
- إشكالية بقاء الأعمال الدرامية الكلاسيكية فى مقابل دراما اليوم لا تعيش كثيرا.. فين المشكلة؟
اختلف مع تلك الفرضية، هل حضرتك استخدمت آلة الزمن وعشت بعد 20 عاما من الآن؟ لكن الأمر يتعلق بالنوستالجيا، فهناك جيل تشكلت ذكرياته على تلك الأعمال، كذلك الجيل الحالي بعد 20 عامًا سيعود لأعمال اليوم. العامل الثانى أن أعمال اليوم تتسارع للحاق بموسم رمضان فيبدأ التصوير والعمل مازال فكرة. وأخيرا؛ منظومة النجم فبعضهم ينتمى لنفسه أكثر من انتمائه للمشروع الفني: "مكناش بنسمع نجم يختار مخرج أو يختار زملائه".
- رفضت إخراج أفلام بعد تخرجك من معهد السينما.. هل لديك الجرأة للكشف عن أسماء تلك الأفلام ؟
لن أكشف عن أسماء الأعمال منعًا لإحراج زملائى، لكن دعنى أقول لك سبب رفضى، معظم تلك الأعمال كان اختيار بطل الفيلم قبل المخرج وأحيانا قبل السيناريو، وكان ردى: " اخترت بطل الفيلم.. طب خلاص كمل أنت".
- لو اخترت نجما من الراحلين لإخراج عمل له.. من تختار ؟
فترة الستينيات هي الأقوى بالنسبة لى، كان لها زخم فنى على كل المستويات مسرح وسينما ودراما، أقدر عدد كبير من ممثلي الجيل ده منهم؛ عبد المنعم إبراهيم ، محمود المليجى، عدلى كاسب، كنت أتمنى أن أعمل معهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة