يعيش الأب حياته يكافح ويضحى فى سبيل توفير حياة كريمة لأبنائه، وتوفير الراحة والطمأنينة لهم، يتحمل أعباء الحياة ومصاعبها، دون أن يبالى بما يعانيه من ألم وتعب؛ لكونه السند والروح والحياة والخير معا، يظل رمزا للتفانى والعطاء والحنان محتضنا الشقى، مكرسا جهده فى الحياة لراحة أبنائه ومستقبلهم.
بحثا عن لقمة العيش والرزق الحلال، بدأ محمد محمد حامد ابن مدينة طلخا التابعة لمحافظة الدقهلية حياته يكافح ظروف الحياة الصعبة بالعمل مع والده كملمع أحذية لسنوات طويلة حتى امتهن المهنة بعد أن أحبها وأصبحت جزءا منه، ليكسب من عرق جبينه ويحيا بعزة وكرامة.
لا يزال عم محمد البالغ من العمر 62 عاما مستمرا فى رحلة الحياة، يجسد بكفاحه أسمى معانى الصبر والعزيمة، برغم المعاناة والظروف لم يبالى أو يستسلم وخلق من رحم المعاناة أمل وحياة، ليضرب بكفاحه أروع الأمثلة فى التضحية والعطاء والفداء من أجل الأسرة والأبناء.
وقال عم محمد، أنه قضى 30 عاما من حياته يعمل كملمع أحذية، بداية من مساعدته لوالده الذى فقد بصره من عمله فى المهنة، مضيفا أنه قرر أن يقف بجوار والده الذى كان ينفق على 10 أبناء من عمله فى مهنة مسح الأحذية واستطاع أن يربيهم وينفق عليهم ويزوجهم ويكون خير معين لهم فى ظل العمل بمهنة تحتاج للشقى والصبر والعزيمة.
وأشار إلى أنه بدأ العمل بالمهنة منذ أن كانت مسحة الحذاء بدون مقابل مادى، وبرغم ذلك استطاع والده أن يرعاهم ويوفر احتياجاتهم ويوصلهم لبر الأمان.
وأردف أنه قرر بعد وفاة والده أن يمتهن المهنة لتكون مصدر رزقه الوحيد الذى ينفق منه على أسرته وأبنائه، ساعيا فى الحياة معتمدا على نفسه دون أن يمد يده لأحد، مشيرا إلى أن مهنة تلميع الأحذية هى ما سترته وأولاده وجعلته يعلم أبنائه الأربعة ويزوجهم.
وتابع أنه يحمل صندوقه الخشبى الذى يحوى داخله عدة التلميع وعلب الورنيش، ويرتحل بهم يوميا من الساعة السابعة صباحا لمدينة المنصورة ليبدأ رحلته فى تلميع أحذية زبائنه الذين ينتظمون على تلميع أحذيتهم عنده.
وقال عم محمد، أنه يجب على كل إنسان أن يكافح فى الحياة ويشقى معتمدا على نفسه، دون التواكل على أحد، مضيفا أن الحياة رحلة عمل وكفاح واجتهاد، ومتطلبات الحياة تستلزم السعى وراء الرزق وتحمل المسؤولية.
وقال أن المهنة تغيرت كثيرا عن الماضى، فلم تعد مربحة نظرا لظهور ملمعات أحذية سريعة سهلت الحياة ومكنت الأفراد من تنظيف أحذيتهم دون الحاجة للذهاب لأحد، حيث كانت المسحة الواحدة بمليم واليوم أصبحت بـخمس جنيهات، فضلا عن عدم اهتمام الكثيرين بنظافة أحذيتهم، مؤكدا أن الرجل النظيف يعرف من حذاءه ولحيته.
وأكد على أنه سيظل يعمل لآخر نفس فى حياته بالعمل كملمع أحذية، يكافح بكل عزم وإرادة للعيش بعزة وكرامة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة