أحمد التايب

المنصات الرقمية.. وما يجب أن ننتبه إليه

الأربعاء، 10 نوفمبر 2021 11:56 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مؤكد أن الثورة التقنية وسيطرة مواقع التواصل الاجتماعى وانتشار المنصات والتطبيقات الرقمية خلال الآونة الأخيرة، نعمة كبيرة وأيضا نقمة خطيرة، وهنا يجب معرفة إنه مثلما أحدثت وسائل الحداثة نقلة نوعية وطفرة تقدمية بالغة الأهمية وخاصة في تسهيل الحياة اليومية للأفراد وتيسيرها وتقريب الشّعوب واختصار المسافات، وتطوير الجوانب التعليمية والثقافية والاقتصادية، وتوظيفها في كل ما يخدم الفرد بكافة الجوانب الحياتية، إلا أن لها تأثيرات سلبية على المجتمعات بالغة الخطورة، فكم من ظواهر سيئة انتشرت بسببها، وكما مجتمعات عانت أشد المعاناة بسببها، وكم من تقاليد وقيم انتهكت، وليس انتشار ما يسمى بالإدمان الإلكترونى الحرام وحرب شائعات الضلال ببعيد.
 
لذلك فالفوائد عظيمة، لكن أيضا المخاطر جسيمة، وحديثنا هنا يركز على المخاطر لأنها هي من تحتاج إلى توعية مستمرة، ويقظة دائمة، لأن حال العجز عن مواجهتها نصبح جميعا أمام تهديد يأتى على اليابس والأخضر، وأعتقد أن أبرز هذه المخاطر تعرض فئة الشباب وخاصة المراهقين لمحتويات سلبية تتعارض مع منظومة القيم والعادات والتقاليد، ونموذجا منصات المشاهدة الرقمية التي تقدم مضمونا دراميا أو محتوى مفتوحا دون رقيب، فتكون هناك أجزاء تتضمن قيما غريبة على المجتمع، أو أمور لا تتناسب مع الأخلاقيات العامة، وخاصة أن مقدمى هذا المحتوى دائما ما يستغلون عناصر الإبهار في الصورة والصوت وتقديم أفكار شاذة أو ضد الخصوصية، لضمان نسبة مشاهدة أعلى وانتشارا أكثر وربحا كبيرا.
 
والأمر الثانى المهم، أن هذه المنصات أصبحت ملاذا وفرصة سانحة للجماعات الإرهابية في توظيفها لصالح أغراضها المسمومة، تجاه المجتمعات، فوجدنا كتائب إلكترونية محترفة تستطيع التعامل مع كافة المنصات والتطبيقات بطريقة مبهرة في الوصول والترويج لأفكارها، دون رقيب وبحرية تامة، وكلنا رأينا حجم هذا المحتوى الإلكترونى التي تم نشره أو بثه على هذه المنصات باستغلال سلاح الشائعات والترويج الحرام خلال العشر سنوات الماضية، فحقا، نحن أمام كم مذهل ومرعب وفقا لإحصاءات دولية ورسمية، وخاصة أن هدفه ضرب الثوابت الوطنية والطعن فى الهوية وانتهاك الخصوصية.
 
وأعتقد أيضا أن هناك خطرا لا يقل عن سابقية، وله تأثير بالغ على المجتمع، ألا وهو وجود فجوة بين الأجيال الجديدة والأهل فى ظل التطور التكنولوجى المتلاحق وقدرة الأبناء المتزايدة على التعامل والتفاعل مع وسائط متطورة قد لا يستطيع الأهل استخدامها بأنفسهم، الأمر الذى قد يجعل الأبناء فريسة سهلة لهذه المنصات سواء بالإدمان لهذا العالم مما يؤثر قطعا على حياتهم وسلامتهم الأخلاقية والاجتماعية والتعليمية والصحية، أو أنهم يقعون فريسة لأفكار غريبة ضد قيمنا الدينية والاجتماعية والوطنية دون الوعى بالتسلح بثقافة الانتقاء والاختيار لما يتناسب مع قيمنا وديننا وأخلاقياتنا القويمة، فتكون الطامة بانتشار الانحلال والانحراف وتزداد الحوادث الشاذة وانتشار العنف.
 
وأخيرا، نستطيع القول، إن هذا العالم الرقمى بمثابة نعمة كبيرة وسلاح مهم للقيادة والريادة، ولابد من التسلح به إذا أردنا مجتمعا متحضرا قادرا على المواكبة والتفاعل والالتحاق بركب هذه الحضارة، لكن في نفس الوقت لابد بل من الضرورى أن نعى أهمية وحتمية المسئولية التشاركية من "الأفراد والمؤسسات" والمساهمة في تحصين المجتمع من مخاطر هذا العالم الرقمى الجديد، وخاصة أن هناك تزايدا مذهلا في عدد مستخدمى هذه الوسائل الحديثة كمواقع التواصل والمنصات والتطبيقات المختلفة، وأصبحنا أمام عالم مفتوح دون رقيب تتحكم فيه اتجاهات وتوجهات دولية كبرى، إذن فلا سيطرة ولا حماية، إلا من خلال الوعى، وتعزيز ثقافة الانتقاء والاختيار، وفرض الرقابة والمتابعة من الأهل والدولة، وقيام مؤسسات المجتمع بدورها سواء من خلال التثقيف الدينى والقيمى المستمر أو من خلال تفعيل دور النخبة المثقفة والإعلامية القادرة على تحصين المجتمعات من هذه المخاطر وإلا سندفع الثمن غاليا..






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة