قال اللواء محمد إبراهيم الدويرى نائب المدير العام للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن الفترة الأخيرة شهدت حراكا سياسيا مصريا اتسم بقدر كبير من الإيجابية والتفاعل مع قضايا الأمن القومى ومع الأوضاع الشائكة التي تشهدها المنطقة حاليا، وهو ما يعكس الوضعية المميزة التي يحظى بها الدور المصري ويؤكد ثقة الأطراف الدولية في هذا الدور وقدرته على المساهمة في حل المشكلات الراهنة بالمنطقة.
وأضاف اللواء الدويري - في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الجمعة، أن الزيارة الحالية التي يقوم بها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى فرنسا تشير إلى مدى عمق العلاقات الثنائية بين مصر وفرنسا التي تتطور بشكل مضطرد في كافة المجالات، كما تعكس استمرار حالة التفاهم بين الجانبين إزاء المشكلات المثارة في المنطقة.
وأكد أن اللقاءات التي سوف يعقدها الرئيس سواء مع نظيره الفرنسي أو مع العديد من كبار المسئولين الفرنسيين سوف تكون لها نتائج إيجابية تساهم في دعم المصالح المشتركة بين الدولتين.
وتابع أنه وفي نفس الوقت تؤكد هذه الزيارة مدى الأهمية التي تعولها فرنسا على الدور المصري في مجال حل الأزمة الليبية، حيث يشارك الرئيس بدعوة من الرئيس الفرنسي "ماكرون" في مؤتمر باريس الدولي الخاص بالأزمة الليبية وبحضور العديد من زعامات العالم، وهو ما يعد استكمالا للمشاركة الإيجابية من جانب الرئيس السيسي في الفاعليات الدولية الهامة المتعلقة بالأوضاع الليبية أخذا في الإعتبار أن الرئيس يستثمر هذه المناسبات التي تعقد على المستويين الإقليمي والدولي في التأكيد على الأسس المطلوبة والمقبولة والضرورية لحل الأزمة الليبية.
ولفت الى أن ما يزيد من أهمية الدور المصري ذلك التوافق التام في الرؤية المصرية - الفرنسية تجاه أسلوب تسوية الأزمة الليبية والتي تستند في جوهرها على عاملين رئيسيين الأول ضرورة إجراء الإنتخابات المقررة فى 24 ديسمبر المقبل دون تأخير، والعامل الثاني وجوب خروج القوات الأجنبية والمرتزقة والميلشيات المسلحة من الأراضي الليبية، الأمر الذي يتطلب في النهاية تضافر المجتمع الدولي للمساعدة في إنجاح هذه الجهود المبذولة.
ورأى اللواء محمد إبراهيم أنه وارتباطا بالتحرك المصري الإيجابي في الأزمة الليبية لابد من الإشارة إلى تطورين هامين الأول تمثل في عقد مجموعة 5+5 اجتماعاتها في القاهرة خلال الأيام الماضية وبدعم من الأمم المتحدة حيث استكملت النقاش حول البرنامج الزمني لخروج القوات الأجنبية من ليبيا وتوحيد المؤسسات العسكرية الليبية، أما التطور الثاني فقد تبلور في الاتصال الذي أجراه الرئيس يوم 9 نوفمبر الجاري برئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، حيث أكد الرئيس السيسي على مجموعة من المباديء الرئيسية لحل الأزمة الليبية من بينها ضرورة توحيد المؤسسات الليبية مع التأكيد على الدعم المصري الكامل للمسار السياسي وإتمام الانتخابات الوطنية في موعدها.
ونوه بأن مصر سوف تستثمر كل المخرجات الإيجابية التي ستنجم عن مؤتمر باريس والتي تتواءم مع الرؤى المصرية والدولية لحل الأزمة الليبية من أجل الحفاظ على قوة الدفع التي سوف تتولد بعد المؤتمر والتي تتطلب الدفع بقوة في اتجاه تنفيذ الاستحقاقات السياسية وذلك في مواجهة بعض القوى والمؤسسات التي بدأت تتحرك من أجل إلغاء الإنتخابات أو تأجيلها إلى أجل غير مسمى خوفا من أن تأتي الانتخابات بنتائج تؤثر على مصالحها.
وفيما يتعلق بالأوضاع في السودان، قال اللواء الدويري إن الموقف المصري كان وسيظل حريصا على استقرار السودان، وأن يتم حل أية خلافات حالية من خلال الحوار والتوافق بين كافة القوى السودانية، كما أن مصر تسعى إلى أن تمر الفترة الانتقالية الراهنة بنجاح وبشكلٍ يؤدي إلى استقرار السودان التي يرتبط أمنها بالأمن القومي المصري.
وتابع أنه وفي نفس الوقت تؤكد مصر احترامها لإرادة الشعب السوداني ومن ثم فإنها لم ولن تنحاز إلى طرف في مواجهة الطرف الآخر وتحرص ألا تتدخل في الأزمة بصورة قد يساء فهمها وتأكيدا للمبدأ الذي تتبناه مصر بعدم التدخل في الشئون الداخلية لأية دولة.
وحول الحوار الإستراتيجى المصري-الأمريكي، أكد أن استئناف الحوار الإستراتيجى بين الدولتين في واشنطن مؤخرا وبعد توقف دام حوالي ست سنوات يؤكد قناعة الطرفين بأن العلاقات بينهما هي علاقات إستراتيجية لابد من استمراريتها وتطويرها في كافة المجالات لاسيما وأن واشنطن ترى أن مصر دولة إقليمية كبرى قادرة على أن تساهم بقوة في تحقيق الأمن والاستقرار على مستوى المنطقة.
وأضاف "ولاشك أن النتائج التى أسفر عنها هذا الحوار الإستراتيجى أكدت أن الدور المصري لا يمكن الاستغناء عنه مهما كانت الظروف وأن أية إدارة أمريكية سواء كانت جمهورية أم ديمقراطية سوف تظل في حاجة إلى هذا الدور الذي أثبت قدرته على التفاعل الإيجابي مع مشكلات المنطقة".
وأشار إلى أن نتائج هذا الحوار عكست مدى التوافق بين الجانبين المصري والأمريكي على أسس حل كافة مشكلات المنطقة وخاصة الأزمة الليبية وقضية سد النهضة والأوضاع في غزة والسودان ومكافحة الإرهاب، لافتا في هذا الصدد إلى أن الاتفاق على عقد الحوار القادم في القاهرة عام 2023 يؤكد أيضا الحرص الأمريكي على مواصلة هذا الحوار الاستراتيجي الهام.
واعتبر أن أية مشكلات يمكن أن تثار بين الجانبين المصري والأمريكي تعد أمرا طبيعيا في ظل أية علاقات ثنائية قائمة بين الدول، إلا أنه من المؤكد أن الحوار الجاد والموضوعي بين الطرفين سيظل هو الأسلوب الأمثل لتسوية أية خلافات في وجهات النظر مهما كان حجمها في إطار الاحترام المتبادل والحفاظ على وضعية وسيادة كل دولة.
وحول الاجتماع الإستثنائي لرؤساء المنتدى العربي الإستخباري الذي عقد في القاهرة يوم 9 نوفمبر الجاري، رأى أنه من الضروري الإشارة في هذا الصدد أولا إلى الكلمة التي وجهها الرئيس لرؤساء المخابرات العربية والتي كانت بمثابة رؤية إستراتيجية لكافة المخاطر التي تحيط بالمنطقة العربية مع التركيز على الأوضاع في أفغانستان في أعقاب سيطرة طالبان على الحكم والتهديدات المحتملة على الأمن القومي العربي في ضوء هذا المتغير الجديد وما يمكن أن يؤدي إليه من عودة الجماعات الإرهابية إلى المنطقة أسوة بما حدث بعد الانسحاب السوفيتي من أفغانستان.
ونوه بأن الرئيس حرص خلال كلمته على أن يؤكد مدى تأثيرات التدخل الأجنبي على تعقد الأوضاع في سوريا ولبيبا واليمن بالإضافة إلى المطالبة بضرورة حل القضية الفلسطينية طبقا للمقررات الدولية وهو الأمر الذي يتطلب أن تكون هناك مسئولية مشتركة من جانب جميع أجهزة المخابرات العربية لدعم قدراتهم وإمكانياتهم بهدف متابعة كافة تطورات الأوضاع في المنطقة والتهديدات المحيطة بها.
وشدد اللواء محمد إبراهيم على أن عقد المؤتمر الإستخباري العربي خلال المرحلة الحالية يؤكد استشعار رؤساء المخابرات العربية ليس فقط بالمخاطر التي تهدد دولهم ولكن الأهم قناعاتهم التي أصبحت راسخة بأنه لا سبيل لمواجهة أية تهديدات ومخاطر إلا من خلال التعاون والتنسيق وتضافر الجهود وتبادل المعلومات فيما بين مؤسساتهم حتى يمكن الحفاظ على سيادة الدولة الوطنية والوقوف أمام محاولات ومشروعات تفكيك الدول.
وأوضح أن عقد اجتماعات رؤساء المخابرات العربية سواء كانت في إطار عادي أو استثنائي يؤكد أن هذا المنتدى الاستخباري أصبح أحد أهم ركائز الحفاظ على الأمن القومي العربي وهو الأمر الذي يتطلب الحفاظ على استمرارية هذه الاجتماعات وتفعيل آليات عمل هذا الكيان المؤسسي الذي بدأ قويا وأن يتم تفعيل مبدأ الاستفادة المتبادلة بين أجهزة المخابرات العربية التي أصبح معظمها يمتلك قدرات هائلة ولاسيما جهاز المخابرات العامة المصرية الذي تأسس عام 1954 أي أنه سوف يكمل بعد ثلاث سنوات عقده السابع وما يعنيه ذلك من امتلاكه الخبرات اللازمة من أجل التعاون الوثيق والفعال مع أجهزة المخابرات الأخرى التي تتطور بشكل سريع.
وفيما يتعلق بتعديل الاتفاق الأمني لمعاهدة السلام مع إسرائيل، أوضح أن ما أعلن مؤخرا بشأن توصل اللجنة العسكرية الإسرائيلية المصرية المشتركة إلى تعديل للاتفاق الأمني في معاهدة السلام الموقعة مع إسرائيل في 26 مارس 1979 بزيادة عدد قوات حرس الحدود وإمكاناتها في منطقة رفح، يعد إنجازا كبيرا يحسب للقيادة السياسية المصرية، ويؤكد أن مصر تحترم تعهداتها في إطار القانون الدولي وفي نفس الوقت قادرة على اتخاذ كافة الخطوات والإجراءات التي تمكنها من ضبط وتأمين الحدود في الاتجاه الإستراتيجي الشمالي الشرقي استكمالا للنجاحات غير المسبوقة التي حققتها قواتنا المسلحة العظيمة وشرطتنا الباسلة في مواجهة الجماعات الإرهابية في سيناء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة