ليست هذه هي المرة الأولى التي يبشر فيها بوريس چونسون رئيس الوزراء البريطاني العالم بكارثة مريعة تجتاح العالم، فقد خرج في منتصف شهر مايو من العام الماضي، والعالم كله في حالة ترقب بسبب جائحة كورونا - ليطلق تصريحات مثيرة للجدل، وقال كلمته الشهيرة عائلات ستفقد أحبائهم قبل الأوان ! مع الأسف صدق چونسون وحدثت توقعاته التي فزعنا منها جميعا، وفقدت ملايين العائلات أحباء وإصدقاء وجيران في كل العالم ولم يسلم أحد!
اليوم يعود بوريس چونسون في قمة المناخ التي عقدت في اسكوتلندا على مدى الأسبوعين الماضيين، ليحذر بعبارات أكثر قسوة وينبئنا أن العالم ليس أمامه سوى أربع درجات ونقول وداعا لمدن بأكملها مثل ميامي والإسكندرية وشنغهاي جميعها ستغرق تحت الماء إذا فشلنا في التعامل وازداد الإمر سوءا.
غضب المصريون لهذه التصريحات ، خوفا على مدينتهم الجميلة الإسكندرية ولديهم كل الحق. لكن يؤسفني القول أن چونسون لم يكذب أو يبالغ، وما قاله توقعه العلماء منذ سنوات طويلة ، ومنهم العالم الكبير دكتور مصطفى طلبة المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، رحمه الله، والعالم الكبير دكتور عبد الفتاح القصاص أستاذ علم النبات بجامعة القاهرة والرئيس الأسبق للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة وغيرهم من كبار العلماء الذين اهتموا بالبيئة وبالتغيرات المناخية.
أذكر في نهاية الثمنينات أني أجريت حوارا مع الدكتور القصاص ، ونشر في مجلة أكتوبر، دق فيه ناقوس الخطر، ونبه فيه إلى أن الإسكندرية وبعض مناطق من دلتا مصر مهددة بالغرق خلال خمسين عاما، لو استمر العالم في تلويث البيئة بالأدخنة والانبعثات التي ترفع درجة حرارة الأرض وتخرق طبقة الأوزون المغلفة للكرة الأرضية .
الدولة المصرية من جهتها تضع بعض الخطط والتدابير في محاولة للحد من الخطر المحدق بعروس البحر المتوسط، وقد أفاض الرئيس عبد الفتاح السيسي في كلمته أمام مؤتمر تغير المناخ في جلاسكو، حول الخطوات التي اتخذتها مصر لمواجهة هذه الظاهرة.
لكن هذه المشكلة حلها ليس في أيدينا نحن فقط، بل هي مشكلة شديدة التعقيد. كيف سنوقف أدخنة المصانع والأبخرة والحرائق في العالم؟ كيف سنوقف تصاعد الوقود واحتراق الفحم واشتعال الغاز؟ كلها مواد تتفاوت أهميتها وضرورة استخدامها من بلد لآخر ، لكنها في نفس الوقت تشكل خطرا داهما على كل الأراضي المنخفضة في العالم، ليس في الإسكندرية ودلتا مصر فقط، ولكن هولندا وأستراليا وڤينيسيا وإنجلترا نفسها التي أقامت هذا المؤتمر، ودول ومدن كاملة مهددة بالاختفاء ، بل إن هناك جزر قد اختفت بالفعل في بعض الدول المطلة على المحيط الهندي.
منذ عدة سنوات كان البعض يعتبر تناول هذه الموضوعات الخاصة بالبيئة رفاهية، تنحصر في دول العالم المتقدم، لكن الحقيقة أن الدول كلها ستتعرض للخطر دون تفريق بين دولة فقيرة ودولة غنية، والحقيقة أيضا انه لم يبق أمام العالم الكثير من الوقت فهل سينجح في مواجهة الخطر القادم وتفسد نبؤة چونسون؟.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة