لا أكتب هذا المقال للتأكيد على أن مصر ما هى إلا مصر وشعبها هم فقط المصريون ولا يوجد بثقافتنا وتاريخنا الطويل جداً ما يسمى بالطائفية ولا علاقة لأحد منا بخانة الديانة المسجلة ببطاقة الهوية .
لكننى:
أود فقط المشاركة بالرأى فى هذا الجدل الذى ثار مؤخراً على خلفية الإساءة المتعمدة من هذا القس المستبعد منذ عقدين من الزمان والتى بحق تم التصدى لها من المصريين كافة بشكل قد فاق حدود الآمال .
فما صدر من تصريحات للبابا تواضروس والتى لم تكن الأولى من نوعها، لكنه قد اضطر إلى تكرارها وهى (أنه إذا تم هدم الكنائس سنصلى بجوار أخواتنا المسلمين بالمساجد)،
وغيرها من البوستات التى أغرقت وسائل التواصل المختلفة، والتى لم يلتفت أحدنا كثيراً لهوية من كتبها، لأنها مصرية خالصة تصدت بكل شراسة لأى محاولة فاشلة تحاول أن تطل برأسها مجدداً لشق الصف المصرى بتوقيت نحن أحوج ما نكون فيه على قلب رجل واحد، لندعم ونساند قاطرة البلاد المنطلقة للأمام بلا توقف بشكل قد أذهل الجميع دون الالتفات لعواء الكلاب الذى لا ينقطع .
أما بعد:
وبرغم هذا التلاحم الصلب الذى تحدثت عنه، لكن هناك قلة قليلة لابد من وجودها بكل زمان ومكان عادة ما تغرد خارج السرب.
فقد لفت نظرى بشدة أن هناك جملا يتم تبادلها بين أبناء الوطن من تعازى ومواساة وغيرها وكان على رأس تلك الجمل ما يلى:
(نشاطركم الأحزان فى مصابكم الأليم)
(اعذرونا نحن الآن غاضبون)
(نحن جميعاً أبناء وطن واحد مسلمون ومسيحيون)
وغيرها من الكلمات التى تأذت منها أذناى وارتبكت مشاعرى، ووقفت فى حيرة من أمرى.
ومنذ متى كنا فصيلان (نحن وهم)؟
ومن أين لنا كل تلك العبارات الغريبة علينا، التى تعد دليل نجاح هؤلاء الدخلاء فى شق الصف وتقسيم المجتمع وزرع الفتنة بين أبناء المصريين الذين لم تستوقفهم يوماً خانة الديانة فى بطاقات الهوية، إذ أنهم كانوا وما زالوا وسيظلون نسيجٍ واحد متجانس متشابك، ويشهد على كلامى هذا جيلى ومن سبقه من أجيال كثيرة تمتد جذورها لآلاف السنين عندما كنا جميعاً "أقباط مصر".
لم تعرف مفرداتنا يوماً هذه المسميات، والتى لا تدل إلا على جهل كبير بالتاريخ، هذا الذى لا تمحوه أبداً تلك الأفكار المتطرفة السامة.
تلك التى تم زرعها بعقولٍ مريضة مختلة لتتحول إلى مجرد أدوات ودمى تحركها قوى بعينها لا ترجو لنا خيراً ولا يسعها سوى البحث دائماً وأبداً عن سبل القضاء على وحدتنا وتفتيت قوتنا.
فهناك مثال قديم يصف حالة المجتمع الذى لم يكن يشغله يوماً أن هذا مسلم أو ذاك مسيحى:
(فقد سمعت رواية طريفة عن العملاقين نجيب الريحانى وبديع خيرى اللذين تعاونا طيلة سنوات مشواريهما الفنى الذى امتد لعشرات السنوات والذى خرج للجمهور بغالبية روائع الريحانى).
وذات يوم بعد مرور سنوات كثيرة من الصداقة والتعاون الفنى والقرب الشديد توفى أحد المقربين لبديع خيرى وذهب صديقه نجيب لتقديم واجب العزاء وكانت المفاجأة التى لم يكن يعلمها أن بديع خيرى مسلم.
فقال له الريحانى مقولتليش إنك مسلم قبل كده.
فرد خيرى (وهو أنت عمرك سألتنى)؟
عزيزى المواطن: مصرى الهوية والقلب:
حذار من الفتن الكثيرة التى يزرعها بطريقك من هو عدو لك ليتلاعب بمشاعرك، ويشحن قلبك بأحاسيس لا وجود لها على الإطلاق ليجعل منك أداة جديدة من أدواته التى يستخدمها بحربه ضدك لتدمر أنت نفسك بيدك لا بيده.
فلسنا "نحن" وليسوا "هم" ولن نكون يوماً
نهاية: نحن أقباط مصر بغض النظر عن ديانتنا التى نعبد من خلال تعاليمها، الله الذى ألف بين قلوبنا وجعلنا أمة واحدة لم ولن يقوى يوماً عدو على شق صفها، وإن جمع لها جيوش الأرض كلها بشهادة التاريخ الذى يضرب بجذوره فى الأعماق.
فمن صوب رصاصاته على العائدين من الدير هو نفسه من صوبها على المصلين بالمسجد، لا يفرق بين أحدٍ منا، ولن يفلح فى ذلك يوما ما دامت الحياة الدنيا.
فبعداً له ولقبيله أينما كانوا، وعاشت مصر بشعبها رغم مخططاتهم وفوق رؤوسهم قوية أبية أبد الدهر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة