يهدد فيروس كورونا أوروبا من جديد مع اخفاض درجات الحرارة وبداية فصل الشتاء، حيث سجلت القارة العجوز ارتفاع ملحوظ فى عدد الاصابات والوفيات منذ بداية نوفمبر الجارى، مما جعل الدول الأوروبية تلجأ إلى فرض قيودا تستهدف فيها بشكل متزايد الأشخاص الغير مطعمين مما يؤدى إلى موجة آخرى من العدوى ويعرض للخطر التعافى الاقتصادى والصحة العامة والعودة المحتملة إلى الحريات التى كانت موجودة قبل الوباء.
فى الآونة الأخيرة، حذرت منظمة الصحة العالمية من أن أوروبا كانت مرة أخرى بؤرة الوباء وأنه فى الأشهر المقبلة، يمكن أن يموت نصف مليون شخص من فيروس كورونا فى تلك القارة، سجلت أوروبا زيادة فى الوفيات بنسبة 10% و7% فى الإصابات الجديدة خلال الأسبوع الأول من نوفمبر، مقارنة بالأسبوع السابق.
ووضعت النمسا، مقياسًا جديدًا للقيود فى الغرب. نظرًا لزيادة الحالات بنسبة 134% خلال الأسبوعين الماضيين، اتخذت الحكومة النمساوية إجراءات صارمة للحد من التنقلات إلى العمل والمدرسة ومحلات البقالة ومرافق الرعاية الصحية للمقيمين الذين تزيد أعمارهم عن 12 عامًا والذين لم يتم تطعيمهم.
قال المستشار ألكسندر شالنبرج خلال مؤتمر صحفى "مهمتنا كحكومة فيدرالية هى حماية الشعب النمساوي". نحن نحمل هذه المسؤولية "، وتتماشى خطوة النمسا مع نمط الحكومات فى جميع أنحاء أوروبا التى أقرت ولايات لجعل الحياة صعبة على الأشخاص غير المطعمين، بهدف تطعيمهم.
وتُعد هذه الإجراءات مجتمعة علامة واضحة ومثبطة للهمة على أن الفيروس، الذى بدا عابرًا أنه بقى فى تاريخ أوروبا، لا يزال جزءًا مهمًا من حاضرها ومستقبلها.
حدثت حالات الاستشفاء والوفيات فى الغالب فى أوروبا الشرقية، لكن الموجة الجديدة هددت الانتعاش الاقتصادى وعطلة عيد الميلاد فى جميع أنحاء القارة. كانت العودة إلى الحياة الطبيعية نتيجة حملات التطعيم الناجحة معرضة بشكل متزايد لخطر الأشخاص غير المطعمين، الذين أعطوا الفيروس فرصة للتطور.
لهذا السبب اتخذت الحكومات فى جميع أنحاء أوروبا القرار الإضافى لاستهداف غير الملقحين صراحة، وقالت إيفا شيرنهامر، الأستاذة فى جامعة فيينا الطبية، أن القواعد الجديدة فى النمسا تعنى "انخفاضا هائلا فى الاتصالات بين الأشخاص الملقحين وغير الملقحين".
تفشى الفيروس، قالت الحكومة القادمة إنها ستفرض إجراءات أكثر صرامة على الأشخاص غير المطعمين، بما فى ذلك مطالبتهم بإظهار اختبار فيروس كورونا سلبيًا قبل السفر فى القطارات أو الحافلات.
فى فرنسا، ستكون الجرعات المنشطة شرطًا أساسيًا للأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 عامًا أو أكبر والذين يرغبون فى الحفاظ على صحتهم.
أما فى بريطانيا، فقد حافظ بوريس جونسون، رئيس وزراء المملكة المتحدة، حيث كان هناك تفشى لحالات جديدة فى الأسابيع الأخيرة، على إحجامه عن الإعلان عن استخدام أقنعة الوجه أو جوازات السفر الصحية، وقال "لقد أُجبر أصدقاؤنا من القارة على الاستجابة بمستويات مختلفة من الإجراءات الجديدة، من الحبس التام إلى القيود المفروضة على ساعات عمل المحلات التجارية والقيود المفروضة على التجمعات الاجتماعية".
وفى إيطاليا، وصف وزير الصحة فى الحكومة الإيطالية، روبرتو سبيرانتا، الأيام القادمة بـ"الحساسة"، فى إشارة إلى ارتفاع الإصابات بوباء كورونا المسجلة مؤخرا، ولكنه رأى أن بلاده ما زلت "داخل تحدى الوباء"، أى أن الأمور لم تخرج عن السيطرة.
وأضاف: "فى إيطاليا تتزايد أيضًا الإصابات، ينبغى علينا الإصرار على الأدوات المتوفرة لدينا التطعيمات، وصلت إيطاليا إلى أرقام مهمة فى هذا الصدد بفضل تجاوب المواطنين، اليوم 86.6% من السكان (12 عاما فما فوق) قد أكملوا الجرعة الأولى و84% أكملوا دورة التطعيم"، ولكنه أضاف "ليست هذه نقطة الوصول، يجب أن نستمر فى زيادة عدد المطعمين".
ودعا وزير الثقافة فى الحكومة الإيطالية، داريو فرانشيسكينى، إلى فرض إجراءات تقييدية على حاملى الشهادة الصحية الخضراء بفضل حصولهم على نتيجة اختبار سلبية لفيروس كورونا، وليس على أولئك الذين تلقوا التطعيمات باللقاحات.
وقال الوزير فى تصريح للصحفيين: "مع أن القرارات يجب أن تتخذ من قبل الحكومة والبرلمان، أنا شخصيا اعتقد أنه من الصواب التفريق بين أولئك الذين لديهم الشارة الخضراء لأنهم تلقوا التطعيم والذين يمتلكونها بعد حصولهم فقط على مسحة اختبار سلبية، فمن أجل خفض المنحنى الوبائى، لابد من اتخاذ بعض الإجراءات العاجلة"، حسبما نقلت وكالة "آكى" الإيطالية.
وأعلنت السلطات الصحية الألمانية، فرض قيود صارمة على غير الملقحين ضد فيروس كورونا فى كامل البلاد، بعد أن كانت مقتصرة على المناطق المتضررة، فى خطوة تسعى إلى الحد بصورة جذرية من حياتهم الاجتماعية "لوقف الارتفاع الهائل" فى الإصابات الجديدة ورفع الضغط عن المستشفيات، حيث تشهد ألمانيا موجة رابعة شديدة الشراسة وصفتها أنجيلا ميركل "بالدراماتيكية للغاية".
وفرض المسؤولون الألمان قيودًا صارمة على غير الملقحين، ومهدوا الطريق للتطعيم الإجبارى للعاملين فى مجال الرعاية الصحية من أجل وقف انتشار جائحة كورونا فى البلاد.
وأوضحت المستشارة المنتهية ولايتها أنجيلا ميركل بعد اجتماع أزمة مع رؤساء الحكومات الإقليميين: "نحتاج سريعا إلى وقف الارتفاع الهائل" فى الإصابات الجديدة وخفض نسبة إشغال أسرّة العناية المركزة.
ووصفت ميركل الموجة الرابعة التى تضرب البلاد بأنها "دراماتيكية للغاية". ويأتى ذلك وسط فراغ فى السلطة فى ألمانيا، حيث تسيّر حكومة ميركل أعمال الحكومة بينما تجرى مفاوضات بين ثلاثة أحزاب لتشكيل حكومة فى بداية ديسمبر.