مازلنا نعيش نشوة الافتتاح المبهر والمدهش والمفرح لطريق الكباش الآثري بالأقصر والذي كان افتتاحه وتطويره بجهود علمية متواصلة منذ أكثر من 70 عاما بأيدي علماء آثار مصريين بمثابة عودة الروح للحضارة المصرية القديمة وبعث لجذورها التي مازالت تمثل الهوية الثقافية والحضارية والإنسانية للشخصية المصرية على مر التاريخ.
النجاح المذهل للحفل لا يجعلنا اغفال نجاح آخر غاية في الأهمية وهو مشروع " الهوية البصرية" للأقصر والتي تعكس الشخصية المعمارية للمدينة الآثرية القديمة. وهو المشروع الذي تبناه الرئيس عبد الفتاح السيسي أثناء انعقاد المؤتمر الوطني السادس للشباب بجامعة القاهرة فى يوليو 2018، وطالب بتعميم مبادرة الجامعة للهوية البصرية بجميع محافظات مصر، بالتنسيق مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة
الأقصر محطة الانطلاق لمشروع الهوية البصرية وبذل المسئولون فيها بداية من المستشار مصطفى ألهم محافظ الأقصر مجهودات كبيرة باعتباره مشروعا مهما فى الترويج السياحى للأقصر، كمقصد سياحى عالمى يجب أن تكون له عناصره المميزة للتسويق وجذب السياحة
الأقصر الآن أصبح لديها خلال العامين الماضيين كوادر مؤهلة لتطوير مجالات العمل بالمدينة بعد أن حصلوا على التدريب والتأهيل الكافي من أساتذة وخبراء متخصصيين بالجامعة الألمانية
المشروع أعاد للمدينة شخصيتها بداية من المطار الى محطة سكك حديد الأقصر لخدمة القطارات السياحية القادمة من العاصمة، وكورنيش النيل، ووسائل النقل الجماعي على مستوى المحافظة وإحلال وتجديد عربات التاكسي والحنطور والفلوكات وتأسيس تطبيقات خاصة بالأقصر على شبكة الانترنت، والكود الخاص بالمدينة على كافة وسائل النقل
النجاح في مشروع الهوية البصرية تحقق بأيدي الشباب المصري وأدى الى هذا التحول المهول في المدينة لترسيخ مفاهيم الهوية والترويج السياحي لمصر. وهؤلاء الشباب – أمل مصر- من كلية الفنون الجميلة الذين قاموا بتصميمات مبتكرة، لتجميل وتزيين كافة الشوارع وتطوير كورنيش النيل الذى أصبح ممشى ساحر عالمي حقيقي بمشروع تطويره الضخم، وتجميل المراسى النيلية للمراكب والفنادق العائمة، والمراكب التى تزينت فى نهر النيل وهى تحمل ألوان الهوية البصرية فى لوحة فنية فريدة، فضلًا عن سيارات التاكسى وعربات الحنطور التى أصبحت جذابة بشعار وهوية الأقصر العصرية، ثم ساحة وميدان أبو الحجاج
الحقيقة الي يجب الاعتراف بها أن مصر أصبح لديها مدينة آثرية وتاريخية بمواصفات ومقاييس عالمية
المشروع الآن يجب أن ينتقل الى كافة محافظات ومدن مصر للقضاء على العشوائية والتلوث البصري والابهام العمراني
وندعو ونتمنى أن يكون نجاح مشروع الهوية البصرية في الأقصر هو النموذج الذي يجب أن تتبعه باقي مدن ومحافظات مصر وخاصة القاهرة التي تخوض معركة استعادة هويتها البصرية وشخصيتها الحضارية. ومدينة الإسكندرية التي نعتز بها جميعا كمصريين وتمثل لكل فرد فينا مذاق عمراني خاص، والى أطلق محافظها اللواء محمد الشريف إشارة بدء تنفيذ مشروع الهوية البصرية لمنطقة بئر مسعود بتكلفة 25 مليون جنيه ومدة تنفيذ 6 أشهر، كبداية لانطلاق تنفيذ مشروع الهوية البصرية لمحافظة الإسكندرية، والذي يتم بالتنسيق مع الجامعة الألمانية بالقاهرة واستكمال المشروع على طول الكورنيش بالكامل، حيث سيتم توحيد شكل بوابات الشواطئ، ومواقف الأتوبيسات والبارجورات.
أظن ان الهوية البصرية ستعيد وضع الإسكندرية علي الخريطة السياحية، وساهم بشكل كبير في إظهار عروس البحر المتوسط بشكل متطور يضاهي التطور في مختلف دول العالم يجمع بين عراقة الماضي وأصالة الحاضر، بإعداد تصاميم حديثة نابعة من تاريخ وحضارة المدينة وتراثها العريق، ويكون بمثابة مرجع شامل يعكس تفرد مدينة الإسكندرية، ويحافظ على القيم التراثية في العناصر البصرية التي تؤثر على انطباع المواطنين والزائرين للمدينة وتعزز القيمة السياحية للإسكندرية.
مشروع الهوية البصرية لمحافظات ومدن مصر هو مشروع قومي حضاري غاية في الأهمية لا يقل أهمية عن مشروعات قومية آخرى لأنه يمثل نقلة عمرانية وتاريخية في " الجمهورية الجديدة " ويمنحها هويتها وبصمتها الجديدة.