"مش أى حد يفتى".. ضوابط وشروط إصدار الفتاوى فى كتاب جديد للأوقاف.. مختار جمعة: الفتوى أمانة ثقيلة تحتاج تأهيل خاص.. اقتحام الجهلاء مجال الفتوى أشد خطورة على أمن المجتمعات.. وسعاد صالح: الإفتاء بغير علم حرام

الأحد، 28 نوفمبر 2021 01:30 م
"مش أى حد يفتى".. ضوابط وشروط إصدار الفتاوى فى كتاب جديد للأوقاف.. مختار جمعة: الفتوى أمانة ثقيلة تحتاج تأهيل خاص.. اقتحام الجهلاء مجال الفتوى أشد خطورة على أمن المجتمعات.. وسعاد صالح: الإفتاء بغير علم حرام
كتب على عبد الرحمن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
 

** عميد الشريعة والقانون الأسبق: يجب على المفتى الترفع عن طلب الفتوى

 
 
الفتوى وإبداء الآراء الفقهية في الدين، أمانة ثقيلة تحتاج لأشخاص وعلماء مؤهلين لهذه الأمانة، فبناء على آرائهم الفقهية يتخذ طالب الفتوى قرارا ربما كان مصيريًا، لذلك كان من الأولى أن يكون هناك شروط يجب توافرها في المفتين، وضوابط لإصدار الفتاوى، وهو ما شمله وأوضحه كتاب صدر حديثا عن وزارة الأوقاف، بمشاركة عدد من العلماء من بينهم الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، الذى قدم للكتاب، مؤكدًا أن ما أصاب عالمنا العربي والإسلامي من جرأة غير المؤهلين على الفتوى ، وإقحام غير المتخصصين أنفسهم في ميدانها، ومتاجرة المتكسبين بالدين بها ، لخطر جد عظيم ، يحتاج إلى تكاتف جهود المؤسسات الدينية والعلماء المتخصصين لضبط شئون الفتوى ، وبيان من له الحق فيها، والشروط التي ينبغي توافرها فيمن يتصدى لعملية الإفتاء.
 
ويقول الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف فى البحث الأول بالكتاب والذى جاء بعنوان "صناعة الفتوى": "الفتوى أمانة ثقيلة تحتاج إلى تأهيل خاص وإعداد علمي شرعي ولغوي مبكر ، يسهم في صنع وصقل موهبة الفقيه والمفتي ، وليس مجرد هواية أو ثقافة عامة ، ولا كلأً مباحًا لغير المؤهلين ، وإذا كان نبينا (صلى الله عليه وسلم) يقول: "إِذَا وُسِّدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ:( )، فأي خطر أشد من إقحام غير المؤهلين وغير المتخصصين لأنفسهم في مجال الإفتاء أو السماح لهم بذلك؟.
 
وأكد جمعة، أنه ينبغي أن يكون الفقيه عالمًا بسنة سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ودرجة الحكم على الحديث، وماذا ينبغي أن يصنع من الترجيح أو التوفيق عند تعارض ظاهر بعض الألفاظ، بالإضافة إلى الإلمام بواقع العصر زمانًا ومكانًا، وبأحوال الناس وواقع حياتهم وتحديات العصر ومستجداته ، مدركًا أن الفتوى قد تتغيير بتغير الزمان والمكان والأحوال، قادرًا على التفرقة بين الثابت المقدس والمتغير غير المقدس، ملمًا بفقه المقاصد، وفقه المآل، وفقه الأولويات، وفقه الموازنات، وطرائق الاستنباط والقياس، وغير ذلك مما لا غنى للمفتي عنه .
 
واختتم وزير الأوقاف، بالتأكيد على أن اقتحام الجهلاء لمجال الفتوى هو الأشد خطورة على أمن المجتمعات وسلامها ، ما بين إنزال البعض للنوافل والمستحبات منزلة الفرائض ، وإنزال المكروه أو ما هو خلاف الأولى منزلة المحرم والحكم عليه بالتحريم ، وإطلاق كلمة البدعة أو مصطلح التحريم على أي مخالفة سواء أكانت مكروهة أم على خلاف الأولى، قائلاً: " إن إطلاق كلمة عالم على شخص لم يستوف مقومات العلم ولَم يمتلك أدواته أمر في غاية الخطورة ، ربما يصل إلى حد الجناية على العلم أو في حقه ".
 
فيما أكدت الدكتورة سعاد صالح، أستاذ الفقه المقارن، والعميد الأسبق لكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بجامعة الأزهر، في بحث بعنوان " منزلة الفتوى وشروطها"، أن الفتوى فرض على الكفاية، حيث لابد للمسلمين من يبين لهم أحكام دينهم فيما يقع لهم، ولا يحسن ذلك كل أحد، فوجب أن يقوم به من لديه القدرة، ولم تكن فرض عين لأنها تقتضي تحصيل علوم كثيرة، مشددة على أن الإفتاء بغير علم حرام؛ لأنه يتضمن الكذب على الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وسلم) ويتضمن إضلالًا للناس، وهو من الكبائر لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلۡسِنَتُكُمُ ٱلۡكَذِبَ هَٰذَا حَلَٰلٞ وَهَٰذَا حَرَامٞ﴾.
 
كما أكدت الدكتورة سعاد صالح، أنه يٌحرم التساهل في الفتوى، ومن عرف به حرم سؤاله، قال الإمام النووي رحمه الله : ومن التساهل أن تحمله الأغراض الفاسدة على تتبع الحيل المحرمة أو المكروهه والتمسك بالشبه طلبًا للترخيص لمن يروم نفعه، أو التغليظ على من يريد ضره، كما يٌحرم التحايل لتحليل الحرام أو لتحريم الحلال؛ لأنه مكر وخديعة وهما محرمان لقوله تعالى:﴿وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ ٱللَّهُۖ وَٱللَّهُ خَيۡرُ ٱلۡمَٰكِرِينَ﴾( )، وقوله سبحانه وتعالى: ﴿ٱسۡتِكۡبَارٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَكۡرَ ٱلسَّيِّيِٕۚ﴾( ) وقوله ﷺ: "مَلْعُونٌ مَنْ ضَارَّ مُؤْمِنًا أَوْ مَكَرَ بِهِ".
 
وأوضحت أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، شروط الفتوى، قائلة: "لا يشترط في المفتي الذكورة والحرية والسمع والبصر والنطق اتفاقًا، فتصح الفتيا من الحر والعبد، والذكر والأنثى، والبصير والأعمى، والسميع والأخرس إذا كتب أو فهمت إشارته، ولكن يشترط في المفتي العالم أن يكون مسلما، مكلفا ، عادل.
 
وأضافت الدكتورة سعاد صالح، أنه يجب أن يتوافر في المفتى شرط الاجتهاد، مؤكدة أنه شرط في القاضي والمفتي عند الأئمة الثلاثة، وليس عند الحنفية شرط صحة بل هو شرط أولوية تسهيلًا على الناس، كما يجب أن يكون فقيه النفس، بمعنى أن يكون بطبعه شديد الفهم لمقاصد الكلام، صادق الحكم على الأشياء، إلى غير ذلك من شروط خاصة تتعلق بمعرفة واقعة الاستفتاء، ودراسة حال المستفتي، والبيئة التي يعيش فيها.
 
يتفق معها الدكتور رمضان محمد عيد هيتمي، عميد كلية الشريعة والقانون الأسبق بجامعة الأزهر، حيث يقول في عنوان "أحكام الإفتاء وآداب المفتي والمستفتي"، إن هناك آداب يجب أن يتحلى بها المفتي، من بينها أن يكون أهلًا للفتوى، مشيرًا إلى قول الإمام مالك: "لا ينبغي للعالم أن يفتي حتى يراه الناس أهلًا لذلك، ويرى هو نفسه أهلًا لذلك  "، كما يجب على المفتى الترفع عن طلب الفتوى ، ومن باب أولى الإلحاح على تولي وظيفتها، فيجب على المفتي أن يتورع عن الفتوى ما أمكنه ذلك، ولا يحرص عليها إلا أن تتعين عليه، فيستعين بالله عليها في القيام بحقها.
 
وتابع هيتمي :"كما يجب عدم التساهل في الفتوى، ومن عرف بذلك لم يجز أن يستفتى، ولهذا يجب عليه عدم التسرع في إصدار الفتوى قبل تمام النظر والفكر؛ بل يجب عليه التثبت من الحكم قبل الفتوى ولا يبادر إلى الجواب إلا بعد استفراغ الوسع وبذل الجهد، وحصول الاطمئنان، وأن لا يتتبع الحيل المحرمة أو المكروهة، أو يفتي بالرخص لمن أراد نفعه بها، أو التغليظ على من أراد مضرته، فقد روي عن أبي حُصَيْنٍ الأسدي ، قال: "إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيُفْتِي فِي الْمَسْأَلَةِ، وَلَوْ وَرَدَتْ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِجَمَعَ لَهَا أَهْلَ بَدْرٍ".
 
كما يجب على المفتي أن يغير فتواه إذا تبين أنها خطأ، وإعلام المستفتي بذلك، وعلى المستفتي الرجوع ونقض عمله بذلك، وإذا كان الخطأ في محل الاجتهاد لم يلزمه نقضه، وكذلك إذا لم يكن المستفتي قد عمل بالأول بعد، لم يجز له العمل به.
 
واختتم عميد كلية الشريعة والقانون الأسبق بجامعة الأزهر، بالتأكيد على أنه يجب على المفتى حفظ أسرار المستفتين، وستر ما اطلع عليه من عوراتهم فهو كالطبيب يطلع على أسرار الناس وعوراتهم مما لا يطلع عليه غيره، ويضرهم إفشاؤها، أو يعرضهم للأذى، فعليه كتمان أسرار المستفتين، كما أنه ليس للمفتي أن يفتي في أي حالة تمنعه من التثبت والتأمل كحالة الغضب الشديد، والجوع المفرط، أو الهم المغلق، أو الخوف المزعج، أو المرض الشديد، أو مدافعة الأخبثين، بل متى أحس من نفسه شيئًا من ذلك يخرجه عن حد الاعتدال وكمال تثبته وتبينه أمسك عن الفتوى، فلو أفتى في هذه الحالة بالصواب صحت فتياه.
 
وتحت عنوان "الآثار السيئة لأخذ الفتوى من غير أهلها"، قال الدكتور صبري عبد الرءوف، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، إن فساد الفتوى شر كبير وخطر مستطير؛ لأن صاحب الفتوى إن لم يكن مراقبًا لله في قوله وفعله، فسوف يجامل ويحابي، فنرى منه إفراطًا وتفريطًا، وما هكذا يكون المفتي؛ لأن الأصل في المفتي أنه كالطبيب لا بد له من تشخيص الداء؛ حتى يتمكن من وصف الدواء ليتحقق الشفاء من عند رب الأرض والسماء.
 
وأكد عبد الرؤوف أنه يجب على المفتي أن يكون فطنًا لماحًا بصيرًا بأحوال الناس؛ حتى لا يقع الناس في حرج، ويكون المفتي هو المتسبب في سوء فهم المستفتي؛ لأن عدم الفطنة وعدم الخبرة بأمور الناس تؤدي وهكذا يجب على المفتي أن يكون فطنًا لماحًا بصيرًا بأحوال الناس؛ حتى لا يقع الناس في حرج، ويكون المفتي هو المتسبب في سوء فهم المستفتي؛ لأن عدم الفطنة وعدم الخبرة بأمور الناس تؤدي إلى فساد الفتوى.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة