اعتبر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، أن الاجتماع المنعقد، اليوم الاثنين فى مدينة برشلونة، بمثابة رسالة تأكيد لعمق الروابط التاريخية التي تربط ضفتي المتوسط ضمن إطار الاتحاد من أجل المتوسط الذي يمثل منصة فريدة للحوار والتعاون في المنطقة الأورو متوسطية.
وأضاف، خلال كلمته أمام المؤتمر، أن السنوات الماضية شهدت تصاعداً لافتاً فى مستوى ونطاق العلاقات بين ضفتي المتوسط، خاصة فيما يتعلق بالتعاون المشترك في مجال الطاقة والغاز، موضحا أنه لاشك أن هذا التعاون، الذي يشمل عدداً من الدول في جنوب وشرق وشمال المتوسط، يمثل ركيزة مهمة وقاعدة انطلاق واعدة للتعاون بين هذه الدول في مجالات أخرى متعددة، بالإضافة للطاقة، بحيث يكون منتدى غاز شرق المتوسط نموذجاً متكرراً في تكامل وتنسيق السياسات الاقتصادية وتعزيز الاستثمارات التي تخلق الوظائف وتمنح الأمل لملايين الشباب.
وأعرب أبو الغيط عن حرص الجامعة العربية على دعم وتعزيز التعاون العربي الأوروبي على كافة المستويات، مؤكدا الاستمرار في بناء العلاقة المؤسسية رفيعة المستوى بين الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي التي وضعت لبنتها الأساسية عام 2019 خلال القمة العربية الأوروبية الأولى في شرم الشيخ.
وأضاف "نتطلع إلى عقد الاجتماع الوزاري فى مطلع العام القادم في القاهرة والقمة الثانية في بروكسل في نفس السنة... والتي ستمثل بلا شك محطة مهمة في طريق بناء علاقة استراتيجية نأمل أن تساهم إيجابا في تحقيق الازدهار والرخاء لهذه المنطقة الغنية بكل مقومات التقدم والاستقرار."
وعن التحديات التى تشهدها المنطقة، قال أبو الغيط إنها تفاقمت في العقد الأخير نتيجة للأزمات التي مست عددا من الدول العربية الا أن ذلك لا يجب أن ينسينا أهمية القضية الفلسطينية وأولويتها على الصعيدين الإقليمي والدولي، حيث لا تزال الانتهاكات الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع تثير بالغ القلق في ظل غياب أي أفق لتسوية حقيقية وفق مقررات الشرعية الدولية.
وأشار الأمين العام إلى الطروحات التى تدور حول تحسين الظروف المعيشية للفلسطينيين باعتبارها حلا للنزاع، مؤكدا أن هذا الطرح مصيره الفشل لأنه مرفوض عربيا وفلسطينيا ولا يعدو أن يكون مسكناً وقتياً للهروب من استحقاقات التسوية وفق حل الدولتين.
وأما الملف الليبى، فقال أبو الغيط إنه يكتسى أهمية كبرى كشركاء في منطقة البحر الأبيض المتوسط، مؤكدا الحاجة إلى استكمال مسار الحل في ليبيا من خلال مرافقة الليبيين إلى غاية تحقيق كافة أهدافهم في استقرار بلادهم واستعادة سيادتها وأمنها.
وشدد على أهمية إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها وضرورة خروج كافة القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب منها حتى تستعيد الدولة الليبية عافيتها وسيادتها الإقليمية على أراضيها.
وتظل الأزمة السورية بتبعاتها الإنسانية والسياسية التحدي الأكبر للمجتمع الدولي، بحسب ما يرى الأمين العام للجامعة العربية، وبشكل خاص للفضاء الأورومتوسطي الذي تحمَّل هذه التبعات بشكل مباشر، لا يمكن التغاضي عن خطورة تدهور الأوضاع الإنسانية للسوريين بسبب استمرار هذا النزاع الذي لا يجب السماح بإطالة أمده، مؤكدا أن كل الأطراف مطالبة بمراجعة مواقفها من أجل إيجاد حل سياسي لهذه الأزمة التي دفع ثمنها جيل بأكمله.
وتناول أبو الغيط قضية الهجرة غير النظامية، باعتبارها تمثل شواغل مفهومة لدى عدد من الدول المتوسطية، مؤكدا على أن الهجرة تعد من أعقد قضايا عصرنا، بسبب أبعادها المتعددة والمتشابكة، من الاقتصاد إلى السياسة والثقافة، ولا يمكن تناول قضية على هذه الدرجة من التعقيد والخطورة سوى بمنطق شامل وفلسفة إنسانية رحبة، تنطلق من المصالح المشتركة وتراعى شواغل جميع الأطراف.
وأضاف أن المطلوب والمأمول هو النظر لظاهرة الهجرة، ليس من منطلق أمني ضيق، أو بمنطق تشييد الجدران وبناء الأسوار، وإنما يتعين التعامل مع الظاهرة على نحو يعالج أسبابها العميقة وليس فقط أعراضها دون أن تستخدم كورقة سياسية للضغط أو قضية انتخابية لإحراز النقاط كما نرى مؤخراً بكل أسف في بعض المناطق.
وفى ختام كلمته، أكد أبو الغيط على الأهمية التي توليها الجامعة العربية للاتحاد من أجل المتوسط والآليات المنبثقة عنه، وبما يسهم في تعزيز التعاون والحوار المثمر بين ضفتي المتوسط