بعد أن فشلت فى الوصول إلى قمة السلطة فى ألمانيا وتبوء منصب مستشار الجمهورية الاتحادية، نتيجة عدم حصول حزبها، حزب الخضر، على الأغلبية اللازمة واحتلاله المركز الثالث فى نتائج الانتخابات خلف الحزب الاشتراكى الديمقراطى والاتحاد المسيحى، إلا أن زعيمة حزب الخضر، آنالينا بيربوك، مرشحة لتولى منصب وزيرة الخارجية، لتكون بذلك أول امرأة تحتل هذا المنصب فى تاريخ ألمانيا.
وعلى مدى أشهر خلال الحملة الانتخابية ركزت بيربوك كثيرا على قضية حماية المناخ، بجانب طرحها آراء حول قضايا دولية، محاولة تأكيد أن حماية المناخ والقضايا السياسية الدولية مرتبطان معا، فتحقيق حماية المناخ يتم عن طريق العلاقات الدولية.
وخلال تقديم اتفاق الائتلاف الحكومى يوم الأربعاء الماضى قالت بيربوك إن أزمة المناخ "هي أكبر تحد فى الوقت الحالى". فهدف الحياد المناخى يشمل جميع مجالات السياسة، بما فى ذلك التعاون الدولى والسياسة الخارجية والأمنية.
وأشارت صيحفة دويتش فيله إلى أنه وخلال الحملة الانتخابية، جرى نقاش انحصر حول السياسة الخارجية فقط، شارك فيه مرشحو المستشارية من الأحزاب الثلاثة آنذاك، من الاتحاد المسيحى والحزب الديمقراطى الاشتراكى والخضر، بين أرمين لاشيت وأولاف شولتس وآنالينا بيربوك. وبدأ حينها عدم وجود اختلاف كبير فى وجهات النظر بين بيربوك والمستشار القادم أولاف شولتس.
لكن من المتوقع أن يظهر الخلاف على السطح بين الطرفين خصوصا بشأن خط نقل الغاز الروسي إلى ألمانيا والمعروف بـ"نورد ستريم 2". فبيربوك تقف ضد المشروع، بينما يؤيده شولتس.
كما تعلن بيربوك أنها تريد نهج سياسة خارجية داعمة للقيم ولحقوق الإنسان في دول مهمة مثل الصين وروسيا، ومن المعروف أن لألمانيا مع هذه الدول مصالح تجارية كبيرة، وفي عقد الائتلاف الحكومي تمت الإشارة إلى الصين ليس كمنافس تجاري فقط، بل كنظام منافس. مصطلح قوي على غير العادة، يوضح نقاط التوتر في العلاقات بين ألمانيا والصين. وسيكون على وزارة الخارجية الألمانية تحت قيادة بيربوك العمل من خلال استراتيجية واضحة تجاه الصين والعمل على تطوير سياسة تقوم على أساس تحقيق المصالح والدفاع عن القيم في آن واحد.
من المثير أيضا معرفة كيف ستقود بيربوك سياسة ألمانيا عبر الأطلسي مع الولايات المتحدة، خصوصا وأن هذه العلاقات عانت كثيرا خلال رئاسة دونالد ترامب، وبقيت باردة إلى حد ما مع وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض. سيكون على بيربوك التفكير مليا، إن كانت ألمانيا ستأخذ باقتراح بايدن بمواجهة الصين أم ستتحفظ على مثل هذه الخطوة. وعلى أى حال فمن الصعب جدا تحقيق التوازن فى هذا المجال.
ومن الإشكاليات التى ستبرز أمام الوزيرة القادمة وفقًا لدويتش فيله، الطلب من الولايات المتحدة سحب أسلحتها النووية من ألمانيا، وكذلك رفض رفع مستوى المساهمة المالية لألمانيا فى حلف الناتو، وهو الأمر الذى تطالب به الولايات المتحدة منذ فترة طويلة، الأمر الذى سيزيد من توتر العلاقات بين طرفى الأطلسى.
ومنذ أعوام تطالب بيربوك بدور أكبر للاتحاد الأوروبي على المستوى الدولى، خصوصا فى قضايا الأمن الدولى.
بيربوك درست العلوم السياسية فى هامبورج وحصلت على الماجستير فى "القانون الدولى" من كلية لندن للسياسة والاقتصاد. والواضح أن بإمكانها إجراء حوار باللغة الإنجليزية، وهو أمر ليس بديهيا بين الساسة الألمان، إذ لا يتقن كثير منهم الإنجليزية.