يعد فن صناعة الخزف من أقدم المهن اليدوية التقليدية التي عرفها وبرع في صناعتها وزخرفتها المصري القديم، حيث عكف على عجلة الفخار وبيده حول الطمي لتحف فنية تزخر بالفن والجمال والحياة، فيعتبر فنا وتراثا تاريخيا توارثه الأجيال عبر العصور ليحافظوا على حضارة تحمل بين طياتها رقيا وثراء.
رصد "اليوم السابع" مراحل صناعة الفخار بمنطقة فواخير مدينة طلخا، إحدى أقدم وأشهر المناطق التي حافظت على الموروث الثقافي والحضاري في صناعة الفخار بمحافظة الدقهلية، واستطاع أبناءها أن يحيوا تحفا فنية بمهارتهم وإبداعهم الذي توارثوه عن أجدادهم – "بناة الفواخير".
وقال رائد صناعة الفخار في منطقة الفواخير شوقي البسطويسي لـ “اليوم السابع"، إنه يعمل في مجال صناعة الفخار منذ أكثر من 40 عام، حيث توارث المهنة عن أجداده، وتعلمها حتى شرب الصنعة وأصبح يجيد فن تشكيل الفخار بكل أشكاله وأنواعه ويبدع في تطويع الفخار بيداه الملطختان بالطين، ولا يزال متمسكا بالمهنة التي شهدت على جميع سنين حياته من فرح وحزن وكفاح وعمل وشقي، مضيفا أنه ورثها لأبنائه الثلاثة حتى يظل اسم الأسرة مضيئا في عالم صناعة الفخار.
وأضاف، "صناعة الفخار تجمع بين المهارة والفن، حيث تمر بمراحل عديدة تبدأ من تجميع الطين النيلي من منطقة الجزيرة بمدينة طلخا ومن ثم نقعها في أحواض الطين لمدة ساعتين حتى تذوب، ومن ثم تصفيتها بالغربال من الشوائب كالحصى والرمال، ثم تجفيف الطين الناتج في الهواء الطلق لمدة ثلاثة أيام وبعدها يتم إدخاله لماكينة الطحن مع إضافة بعض التبن له أو الروث المسحوق ليزيد من تماسكه ومن ثم يتم تشكيل الأواني الفخارية المختلفة باستخدام آلة الحجر ثم يترك المنتج ليجف حتى يتم إدخاله لفرن الحرق الذي يتكون من بيت النار وغرفة الرص والمدخنة، لتترك فيه لمدة يومين وبعد خروج الأواني من الأفران يتم طلائها حتى نحصل على المنتج النهائي الذي يتم بيعه بأسعار تبدأ من جنيه ونصف وتصل لـ30 جنيها".
واستطرد، "طمي النيل المستخدم في تشكيل الفخار يعد من أجود أنواع الطمي المستخدمة في تلك الصناعة، وإعداده وتجهيزه ليكون قابلا للاستخدام في صناعة الفخار، يتم عبر وضعه في أحواض تصفية مبطنة ومليئة بمياه البحر المالحة، ومن ثم يتم نقل منتج الطين في أحواض التنشير والتي تعمل على تسريب المياه من الطمي حتى يتم تنقيته تماما من الشوائب ويترك ليجف عدة أيام ومن ثم يتم نقله للفاخورة والتي يتم فيها تشكيل وتطويع الطين وتحويله لأواني فخارية مختلفة الشكل والحجم".
وأشار، إلى أن التطور التكنولوجي مكنهم من الاستعانة بالآلات الحديثة التي وفرت عليهم الجهد والوقت، موضحًا أنهم كانوا قديما يقومون بدهس الطين بعد مرحلة التصفية بأقدامهم، ثم يضيفون للطمي بعض الرماد ليزيدوا من تماسك ومرونة الطينة، ما يساعدهم على تطويع وتشكيل عجينة الطين لأي شكل يرغبون في تصميمه، مفسرًا أن تلك العملية كانت ترهقهم كثيرا وتستغرق وقتا طويلا، فضلًا عن عدم تحقيقها للنتيجة المرجوة، ولكن بعد استخدام آلة الفرم، أصبحت هي من تقوم بزيادة تماسك عجينة الطمي بدلا من دهس الأقدام.
وأكد، أن مرحلة تجفيف الأواني الفخارية من أهم خطوات صناعة الفخار، حيث أن نجاحها مرتبط بنجاح عملية الحرق، ولذلك تتم بشكل تدريجي وبإتقان شديد، حيث أن في حالة تعرضها للهواء أو الحرارة قبل أن تجف وهي لا تزال رطبة سيؤدي ذلك إلى تلفها وتشققها وبالتالي لن تكون مستعدة للحرق.
وأشار، إلى أنهم يقومون بإنتاج أشكال عديدة من الفخار داخل منطقة الفواخير كالطواجن والمساقى وصخر الفيلات وأبراج الحمام والقلل والمحاضن والزير والكولمن والقدرة والأباريق باستخدام أفران صديقة للبيئة تعمل بمخلفات القصب والقش على درجة حرارة تتعدى 100 درجة مئوية لمدة 3 ساعات، ثم تركه يوم كامل حتى يتحول للون الأحمر.
وقال، "المهنة تواجه الانقراض في مصر بعدما كانت مهنة رئيسية يعمل فيها جميع أبناء القرية، مشيرا إلى أن عدد كبير من شباب القرية سافر لدول أخرى لاستكمال عملهم بالفخار وافتتحوا أسواقا للفخار هناك".
ويوضح الأسطى عبده رزق رمضان أحد أشهر العاملين بمنطقة الفواخير لـ “اليوم السابع"، إن مهنة صناعة الفخار كل حياته، توارثها عن والده وأجداده، حيث كان يطالعهم وهم يطوعون الطين بأيديهم لصناعة أجمل الأواني والتحف الفخارية، مشيرا إلى أنه تعلم واكتسب سر الصنعة منهم وأصبح يجيد ويتقن صناعة وتطويع الفخار بكل أشكاله وأحجامه بعدما عشق فن التصنيع من أبائه.
وأضاف، أن صناعة الفخار فن يحتاج للمهارة والخبرة والخيال، حيث أن تجميع الطين في أحواض مياه البحر وتصفيته وتجفيفه وتشكيله وحرقه خطوات عديدة تحتاج للتفنن والصبر والإبداع، مشيرا إلى أن أكثر الخطوات التي تظهر مهارة وخبرة صانع الفخار هي المرحلة التي يقوم فيها بتحويل الطين لأشكال فخارية مختلفة عن طريق تثبيت الطين على آلة أسطوانية ثم تحريكها لتخرج بالشكل الذي يريده بتجويفه بيده، سواء كانت طواجن أو مساقى أو قلل أو محاضن أو زير وغيرها.
وأكد، أن صناعة الفخار في مصر لا تزال تحتفظ برونقها وتاريخها وقيمتها لدى جميع المواطنين، بالرغم من انخفاض عدد الأيدي العاملة بها بسبب قلة دخلها والمجهود الكبير الذي يبذل فيها باعتبارها مهنة شاقة تحتاج لمجهود بدني وذهني، فبعد أن كانت المهنة تجمع شمل أبناء القرية، عزف عنها عدد كبير من الشباب للعمل في مجالات أخرى تدر لهم ربحا أكبر، مؤكدا على أن الجيل القديم لا يزال يحافظ على المهنة من تعرضها للاندثار وعلى اسم قرية الفواخير في صناعة الفخار.
أحد العاملين بفواخير طلخا
أحد العاملين بمنطقة الفواخير
أفران صديقة للبيئة لصناعة الفخار
أفران صديقة للبيئة
الأفران المستخدمة في تشكيل الفخار
الأواني الفخارية بعد تشكيلها
الأواني والمزهريات الفخارية
أوان فخارية
تجفيف الأواني الفخارية بعد تشكيلها
تجفيف الأواني الفخارية
تجفيف الفخار في الهواء الطلق
تجهيز أواني الفخار ووضعها بالأفران
تحويل الطمي لمزهريات وأوان فخارية بالدقهلية
شوقي البسطويسي رائد صناعة الفخار بطلخا
شوقي البسطويسي يبدع في تشكيل المزهريات
صناعة الفخار بالدقهلية
صناعة الفخار بمحافظة الدقهلية
صناعة الفخار بمدينة طلخا
صناعة الفخار في منطقة الفواخير
صناعة الفخار
طريقة صناعة الفخار
عبده رزق يشكل مزهريات فخارية
فاخورة صناعة الفخار
فواخير طلخا
قلعة صناعة الفخار بالدقهلية
منطقة الفواخير بطلخا
منطقة الفواخير بمحافطة الدقهلية
منطقة الفواخير بمدينة طلخا
منطقة الفواخير وصناعة الفخار
منطقة الفواخير
منطقة فواخير طلخا
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة