يحتفظ الكثيرون منا بالعديد من المواقف والذكريات التى تظل عالقة بالذاكرة ولا ينساها الإنسان طوال حياته لما سببته له من فرح أو حزن أو أثارت دهشته ومشاعره، وكان نجوم الزمن الجميل يحتفظون بمثل هذه الذكرايات التى ظلت عالقة فى أذهانهم منذ الطفولة وحتى أخر العمر.
وكان من بين هذه المواقف موقفاً ظل أحمد رمزى يتذكره طوال حياته ويحكيه كلما عاد بالذاكرة إلى مرحلة الطفولة، وقال الفنان الكبير فى حوار نادر له أنه لا ينسى قصة القلم الباركر الذى أهدته له والدته ، حيث كان طالبا بالقسم الداخلى من كلية فيكتوريا بالإسكندرية ، وحين كان فى سن العاشرة حدث له موقف لا ينساه.
وأوضح أحمد رمزى أنه كان يزور أسرته فى القاهرة بين حين وأخر ، واتفقت معه والدته أن تمنحه هدية وجائزة قيمة كلما حصل على المركز الأول فى كل فترة دراسية، وفرح رمزى بهذا الوعد واجتهد حتى يحصل على الهدية.
وذات مرة أرسلت والدته تقول له أن شهادته وصلتها وأنها فرحت بتفوقه وأعدت له هدية فاخرة ستعطيها له عندما يأتى فى أول أجازة ، وفرح رمزى جدا وظل يعد الساعات حتى يصل لوالدته ويأخذ الهدية التى ظل يتخيل ماذا ستكون؟
وأشار رمزى إلى أن فرحته كانت عظيمة عندما وصل لمنزله ووجد أن الجائزة قلم باركر، موضحاً أن هذه الأقلام الفاخرة كانت حكراً على أبناء الوزراء والأمراء فى المدرسة ، ولم يكن يحلم وهو ابن الطبيب أن يمتلك واحداً منها حتى تحقق الحلم بهدية والدته، وظل يشكر والدته عليها ويقبلها أكثر من أى مرة.
وفى أثناء رحلة العودة إلى المدرسة حيث كانت إدارتها تحجز للطلاب عربة خاصة للذهاب والعودة فى القطار وضع أحمد رمزى القلم فى جيبه مباهياً به وحتى يراه كل زملائه فى العربة، ثم أخرج كراسة وتظاهر بأنه يكتب ويرسم حتى يراه الجميع وهو يحمل القلم الباركر الفاخر، وأخذ يحلم باللحظة التى يصل فيها للمدرسة حتى يراه كل الطلبة ومعه القلم الفاخر ويعرفون أنه لا يقل عن أبناء الوزراء والأمراء.
ولكن فى محطة طنطا حدث مالم يكن فى حسبان أحمد رمزى ، حيث ظهر من شباك القطار عدد كبير من القرويين يسيرون معاً وهم يركبون على ظهور البقر والحمير والجاموس، وهو المشهد االذى جذب انتباه كل الطلبة فنظروا من شباك القطار ليتابعوه، وبالفعل انتفض أحمد رمزى ليرى هذا المشهد وفجأة سقط القلم الباركر من جيبه ، فظل يصرح ويطلب من مشرف الرحلة أن ينزل من القطار حتى يلتقط القلم الفاخر، ولكن كان القطار قد تحرك ورفض المشرف، فطلب منه أن يوقف القطار وكان هذا أمراً مستحيلاً، فأخرج أحمد ورقة بسرعة وكتب فيها رقم الكيلو الذى سقط فيه القلم، بعد أن شعر بأنه ففقد كل شيئ.
وظل أحمد رمزى يطلب من المشرف فى هيستريا أن يتركه لينزل فى المحطة التالية ويعود وحده ليبحث عن قلمه الفاخر، وهو ما رفضه المشرف، مؤكداً أنه عهدة ولن يتركه يعود وحده، وأنه لابد أن أحداً وجد القلم وأخذه فلن يجده حتى وإن عاد.
وما كاد أحمد رمزى يصل للإسكندرية حتى اتصل بوالدته تليفونياً وهو مذعور ليخبرها بما حدث وأعطاها رقم الكيلو الذى سقط فيه القلم ، وطلب منها أن تتصل بوزير المواصلات وقتها والذى كانت تربطه صلة قرابة بعائلة والد رمزى، وأن تطلب منه أن يوقف أول قطار يسافر إلى الاسكندرية على هذا الكيلو يبحث السائق عن القلم ويحضره له.
وسرت حكاية وزير المواصلات الذى سيبحث عن قلم الطالب أحمد رمزى فى كل المدرسة وأخذ الطلاب يتندرون عليها، ولكن رمزى كان يؤمن بأنه سيعثر على القلم، ولكن حدث مالم يكن فى الحسبان، حيث كان رمزى يتوقع أن يصله القلم فى طرد خلال اسبوع على الأقل، ولكنه فوجئ بطرد يصله بعد أيام قليلة وبه القلم الباركر، ورسالة من والدته تقول له فيها أن وزير المواصلات عثر على القلم المفقود، ولم يصدق رمزى نفسه من الفرحة، وسرى الخبر فى المدرسة كلها ومشى أحمد بين زملائه مختالاً فخوراً بقلمه الذى بحث عنه وعثر عليه وزير المواصلات بنفسه.
وبعد ثلاثة أعوام وعندما كبر أحمد رمزى عرف القصة واخبرته والدته بأنها اشترت له قلماً أخرغيرالقلم المفقود حتى لا يحزن وأنه من غير المعقول أن يترك وزير المواصلات مشاغله كى يبحث عن قلم طالب حتى وإن كان هذا القلم باركر فاخر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة