فى أحد النظريات الفلسفية المعروفة بـ"تأثير الفراشة" يقال إن "رفرفة جناح فراشة فى الهند قد يتسبب فى وقوع زلازل فى وكوارث فى أمريكا الجنوبية"، وهى ربما إشارة أو تفسير إلى أن أمرًا قد يبدو عديم التأثير أو محدود فى تأثيره، لكنه يبدو أكثر تعقيدًا مما نتصور، فيبدو أن وفاة شخصيا فى النمسا، قد يوثر على حياة العالم أجمع ويقوده إلى حرب، ويتسبب فى تغيير مسار بلد بأكمله من بينها فى مصر، والمثال السابق حدث بالفعل.
في 28 يونيو سنة 1914 قام أحد الصربيين في سراييفو باغتيال ولى عهد النمسا الأرشيدوق فرانز فرديناند، وكان هذا الحدث بمثابة الشرارة الأولى التي أدت لاندلاع الحرب العالمية الأولى، التي بدأت بين النمسا والصرب ثم بدخول روسيا بعد ذلك خصماً للنمسا، فردت عليها ألمانيا التي أعلنت الحرب على روسيا وفرنسا معاً أخذ نطاق الحرب يتسع، وما إن أقبل شهر أغسطس من ذلك العام حتى كان أتون الحرب قد اشتعل.
في هذه الأثناء كان الخديو عباس حلمى الثانى يتلقى العلاج في الخارج من إصابات بالغة لحقت به إثر محاولة اغتيال فاشلة تعرض لها في إستنبول وقد أرجأ الإنجليزعودته إلى مصر بسبب موالاته لتركيا، أحد خصوم بريطانيا في هذه الحرب، وفى داخل مصر أخذت بريطانيا تشدد قبضتها على زمام الأمور، ومع مقدم نوفمبر من العام نفسه أعلنت تركيا العثمانية الحرب على روسيا وفرنسا مما جعلها في صف أعداء بريطانيا وفى ديسمبر خلع البريطانيون الخديو عباس حلمى الثانى وتولية السلطان حسين كامل.
وبذلك الإعلان انتهت سيادة الدولة العثمانية على مصر، وسوف تتخذ حكومة جلالة الملك جميع الإجراءات الضرورية للدفاع عن مصر وحماية سكانها ومصالحها، وعندما نشبت الحرب، عهد بحماية مصر إلى جيش الاحتلال البريطاني، بينما اضطلع الجيش المصري متعاونًا مع الحامية البريطانية الصغيرة في الخرطوم بمسئولية الأمن في السودان ، ولقد قام جنود السودان بمساعدة فعالة في أثناء الحرب، ووضعت مخازن الجيش، ومستشفياته وإدارات ذخائره تحت تصرف الحاميات المصرية.