المتابع لنشاط مبادرة حياة كريمة في القرى والمحافظات المختلفة، يجد أن المبادرة نجحت بشكل كبير في تغيير مفهوم تحركات الدولة بالنسبة للمواطنين، ففي عقود سابقة رأى المواطن انحيازا كبيرا للطبقات الغنية ، وحينما بنت الدولة مشروعات أو مدن جديدة كان يستفيد منها الأغنياء في المقام الأول، أما الآن فالوضع أصبح مختلف، إذ تحولت الدولة لتنحاز بشكل واضح لمشروعات يستفيد منها أصحاب الدخول الضعيفة.
ليس ذلك فحسب، بل أن هناك تحول في خطة الدولة للتطوير، فالخطة كانت تعتمد في السابق على المناطق الرئيسية كالقاهرة الكبرى أما الآن طال التطوير مختلف المحافظات، بما فيها محافظات الصعيد وسيناء، وهو الأمر الذى لطالما نادى كثيرون به، وبح صوتهم في ضرورة أن تصل أيادى التطوير لمثل هذه المناطق بعدما هٌمشت لعقود طويلة.
وحقيقة الأمر، أن "حياة كريمة" كان لها أثر كبير في تغيير صورة الحكومة لدى المواطنين، إذ شعر المواطن بأنه الأولوية الأهم لدى الدولة في كل تحركاتها، فها هي تطور المنازل وتبني وحدات جديدة ، كذلك طورت الخدمات الأساسية من توصيل مياه وصرف صحى وإنشاء طرق جديدة وطورت أخرى حالية، وكل هذا كان له صدى وأثر إيجابى للغاية خاصة بالسنبة لقاطنى القرى الأكثر فقرا.
ولم يقتصر الأمر على مجرد الخدمات الأساسية بل اتجهت الدولة لتحسين مستوى الدخل بالنسبة للمواطنين من خلال فتح الباب أمام مزيد من فرص العمل في الريف والقرى من خلال إنشاء مجمعات صناعية كاملة ومناطق حرفية في مختلف محافظات الجمهورية، الأمر الذى لاقى استحسان كثير من الشباب والخريجيين، فكما يقول المثل السائد "لا تعطنى سمكة ولكن علمنى كيف اصطاد".
"حياة كريمة" تطرقت كذلك إلى بناء الإنسان، فالمبادرة عكفت منذ اللحظة الأولى على ثقل المهارات الفكرية والعقلية للمواطنين من خلال الكثير من المبادرات منها مشروع "كشك كتابك"، الذى جاء إيمانًا من الدولة بأهمية نشر المعرفة الإنسانية وتعزيز قيم الثقافة المصرية الأصلية وبناء الشخصية الوطنية، وهو عبارة عن مكتبة ثابتة فى مختلف القرى بأسعار مخفضة لتشجيع المواطنين على القراءة والتنوير الثقافي، وتم افتتاح أول نموذج من كشك كتابك بساحة دار الأوبرا، والذى يتم تنفيذ 333 وحدة منه ضمن مشاركات وزارة الثقافة فى المبادرة بقرى ونجوع مصر.
كل هذه التحركات التي تبنتها المبادرة، كان لها أثر كبير في تحول نظرة الدولة للمواطنين، خاصة قاطنى المناطق النائية والقرى الأكثر فقرا، فالمشروعات التي نفذتها المبادرة بالفعل نالت استحسان الجميع وقللت الفجوة الكبيرة بين المدن الجديدة والقرى الأكثر احتياجا، واستطاعت أن تغير الفكر السائد لدى المواطنين عن توجهات الحكومة وتحركاتها، فالمبادرة كفكرة وتنفيذ قدمت نموذج يحتذى به، ونفخر به وبالتأكيد نوجه الشكر لكل القائمين عليها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة