العقوبات التأديبية أصبحت شبحاً يهدد الموظف المخالف، فتستمر المحاكم التأديبية في ملاحقة تلك الأعمال المخالفة، لتقضي عليها تمامًا من مصالح الدولة الحكومية، لتصبح دولة خالية تماما من أشكال الفساد، فقضت المحكمة التأديببة لمستوى الإدارة العليا، بمجازاة مدير عام بعقوبة الغرامة التي تعادل ١٠ أمثال أجره الوظيفي، لأنه خرج على مقتضيات الواجب الوظيفي وسلك في تصرفاته مسلكاً لا يتفق والاحترام الواجب للوظيفة العامة، بأن "طلب وأخذ لنفسه عطية من مسئول آخر مبلغاً مالياً مقداره عشرين ألف جنيه، على سبيل الرشوة مقابل الإخلال بواجبات وظيفته.
حيثيات الحكم:-
وتبين للمحكمة ، أن المخالفات المنسوبة للمتهم تغدو ثابتة فى حقه ثبوتاً يقينياً لا شك فيه من واقع الأوراق والتحقيقات التى أجرتها النيابة العامة ،مؤيدة بما جاء بشهادة عضو الرقابة الادارية، وتقرير خبير الأصوات بالهيئة الوطنية للاعلام ، والذى قام بتفريغ محتويات التسجيلات الصوتية التى تمت بين المتهم والمبلغ والوسيط وكتابة تقرير بما حوته تلك التسجيلات الصوتية ، أودع وأرفق بتحقيقات النيابة العامة مقرراً أن الأصوات الواردة بالتسجيلات هما أصواتهم والمبلغ ، وأن الثاني توسط في طلب رشوة من المبلغ مقدارها عشرين الف جنيه للمتهم ، وبما استمعت إليه من تسجيلات، فضلا عما تأيد بالتحقيقات من اعتراف المتهم الثاني بالاتهام تفصيلاً، بما يقر فى يقين المحكمة ويستريح معه ضميرها إلى ثبوت الجريمة المرتكبة قبل المتهم، الأمر الذى يدل علي شدة استهتاره بما وسد إليه من الأمانة والثقة التي تجعله غير صالح لأن يكوا مؤتمناً علي مصالح الناس .
ورأت المحكمة، أن المحال خرج على مقتضيات الواجب الوظيفى وأخل بها إخلالا جسيما، وسلك مسلكا يتنافى مع ما يجب أن يتحلى به الموظف العام من صدق وأمانة ونزاهة وتعفف واستقامة، فلم يتعفف عن وطأ مواطن الزلل ولم يتجنب مواطن الريبة والدنايا، فأخل بكرامة الوظيفة العامة، وفقد الثقة الواجب توافرها فى الموظف العام، وارتكب ذنبا إداريا جسيما يجعله غير صالح للاستمرار فى تولى الوظائف العامة، إلا أن الثابت يقيناً للمحكمة أن المتهم بلغ السن القانونية للمعاش بعد إحالته للمحكمة التأديبية وقد صدر قرار بإنهاء خدمته لبلوغه السن القانوني ، وقبل النطق بالحكم، ومن ثم فإن المحكمة لا يسعها إلا إنزال اقصي عقوبة علي المتهم من العقوبات المقررة لمن انتهت خدمتهم، جزاءً وفاقاً علي الجريمة التى قام بارتكابها وردعاً لغيره من الذين تسول لهم أنفسهم القيام بهذه الجرائم ، والتي تمس كرامة الوظيفة العامة وتفقد ثقة الناس في شاغليها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة