نجحت السياسة الخارجية المصرية خلال عام 2021 فى التمهيد لحل سلمى لعدد من الأزمات التى تعصف بالإقليم خلال السنوات الماضية، وذلك بسبب حالة الجمود السياسى التى أصابت عدد من الملفات ولجوء الفرقاء المتنازعين إلى الاحتكام للسلاح وصناديق الذخيرة، ما أدى لحدوث حالة من عدم الاستقرار فى الإقليم بسبب النزاعات المسلحة، ولعل أبرز هذه الصراعات الوضع في ليبيا.
عقب تحديد مصر للخطوط الحمراء في ليبيا "سرت – الجفرة" أيقنت جميع الأطراف المتصارعة والدول الإقليمية المنخرطة في الأزمة أنه لا حل عسكرى للأزمة الليبية، وأن الحل الوحيد هو الجلوس على طاولة المفاوضات، وهو ما تحقق خلال الأشهر الماضية عقب تفعيل الأمم المتحدة للعملية السياسية باختيار لجنة من 75 عضو لتشكيل سلطة تنفيذية جديدة في البلاد، فضلا عن تفعيل دور لجنة "5+5" العسكرية للإعلان عن وقف إطلاق النار وفتح الطرق المغلقة وتبادل الأسرى.
مبادرة "إعلان القاهرة" كانت البداية لتفعيل العملية السياسية في ليبيا والتي تعانى من حالة جمود منذ سنوات بسبب التدخلات الخارجية التي أثرت بشكل كبير على الوضع الداخلى لليبيا، وشهد العام 2021 تتويج لإعلان القاهرة بعد نجاح ملتقى الحوار السياسي الليبي خلال جلساته بجنيف في انتخاب سلطة تنفيذية جديدة ممثلة في رئيس مجلس رئاسي ونائبين ورئيس حكومة وحدة.
ووفقا لإحصائيات غير رسمية صادر عن منظمات حقوقية في ليبيا، بلغ عدد قتلى النزاع المسلح في الفترة من أبريل 2019: أبريل 2020 حوالى 5 آلاف قتيل ليبي و13 ألف جريح بينهم عسكريون ومدنيون، وهو ما أكد أن أزمة ليبيا لن تحل عسكريا لكن الحل السياسى هوالأنجع لحل الأزمة بشكل كامل.
يترقب أبناء الشعب الليبى إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في البلاد لانتخاب رئيس يقود الدولة للأمن والاستقرار والتنمية، وبرلمان جديد تكون مهمته وضع دستور جديد للبلاد وسن التشريعات اللازمة لتمكين السلطة التنفيذية من حل المشكلات التي يعانى منها المواطن الليبى.
وتدعم مصر كافة خيارات أبناء الشعب الليبى سواء بالذهاب للانتخابات الرئاسية أو التشريعية، وكذلك توحيد المؤسسات العسكرية والأمنية في البلاد بعد إصلاحها لتأمين مقدرات أبناء ليبيا، والانطلاق نحو إعادة اعمار المدن المدمرة والشروع في تنمية البلاد.
وقف إطلاق النار فى غزة
نجحت مصر في وقف إطلاق النار في قطاع غزة عبر وساطة ناجحة بين الفصائل الفلسطينية في غزة وجيش الاحتلال الإسرائيلي بعد حرب مدمرة استمرت لأسبوع، ما أدى لاستشهاد 253 فلسطينيا منهم 66 طفلاً، 39 سيدة، و17 مسناً، فيما وصل عدد الإصابات إلى 1948 بجراح مختلفة.
لم تكن الوساطة المصرية لوقف الحرب على غزة هي الأولى لكنها كانت الأصعب في ظل الظروف التي وقعت فيها الحرب، حيث عمل رئيس وزراء إسرائيل السابق بنيامين نتنياهو على استثمار هذه الحرب في الترويج لنفسه انتخابيا، فضلا عن تمسك فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة بالرد على الهجمات التي نفذها الطيران الإسرائيلى على مدن وبلدات في القطاع.
وأشادت الدول الكبرى والفاعلة في المشهد الفلسطيني بالدور الكبير الذى لعبته مصر بوقف الحرب الأخيرة على غزة عبر وساطة ناجعة، فضلا عن الدور الذى لعبته القاهرة في تخفيف المعاناة عن أبناء الشعب الفلسطيني في غزة بإدخال المساعدات الإنسانية والغذائية والطبية إلى القطاع بشكل عاجل.
ووجه الرئيس عبد الفتاح السيسى كافة أجهزة الدولة بالعمل على دعم الأشقاء الفلسطينيين في غزة سواء باستقبال الجرحى لعلاجهم في المستشفيات المصرية، بالإضافة إلى إعلانه التبرع بـ 500 مليون دولار لإعادة اعمار المناطق المدمرة في القطاع، وشرعت الفرق الهندسية والفنية المصرية في رفع الأنقاض والركام من المناطق المدمرة تمهيدا لإعادة الاعمار.
وأشادت الفصائل الفلسطينية في غزة بالدور الكبير الذى لعبته مصر سواء بوقف العدوان على قطاع غزة أو بعلاج الجرحى الفلسطينيين في المستشفيات المصرية، بالإضافة إلى شروع الفرق الفنية والهندسية المصرية فى رفع الركام من المناطق المدمرة نتيجة العدوان الإسرائيلى الغاشم على غزة.
آلية التعاون بين مصر والأردن والعراق
وشهد العام 2021 تحركات مصرية أردنية عراقية في إطار آلية التعاون الثلاثي بينهم، حيث استضافت العاصمة العراقية بغداد اجتماع لقادة مصر والأردن والعراق في يونيو الماضى، وذلك لبحث تفعيل مذكرات التفاهم الموقعة بين القاهرة وبغداد وعمان والتي من شأنها الارتقاء بمستوى العلاقات إلى آفاق أرحب.
وفي فبراير الماضى، وقعت مصر 15 اتفاقية ومذكرة تفاهم في مختلف القطاعات، بما في ذلك النفط والطرق والإسكان والتشييد والتجارة، بعدما وافق مجلس الوزراء العراقي في ديسمبر 2020 على تجديد عقد إمداد الهيئة المصرية العامة للبترول بإجمالي 12 مليون برميل من خام البصرة الخفيف لعام 2021.
كما يخطط العراق لإنشاء خط أنابيب يستهدف تصدير مليون برميل يوميا من الخام العراقي من مدينة البصرة في جنوب البلاد إلى ميناء العقبة الأردني على البحر الأحمر.
وكان الكاظمي أطلق تعبير "الشام الجديد"، لأول مرة خلال زيارته للولايات المتحدة أغسطس الماضي، وقال حينها لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، إنه يعتزم الدخول في مشروع استراتيجي يحمل هذا الاسم، موضحاً أنه مشروع اقتصادي على النسق الأوروبي، يجمع القاهرة ببغداد، وانضمت إليه عمان، لتكوين تكتل إقليمي قادر على مواجهة التحديات.
وتتبع الدولة المصرية في سياساتها الخارجية عدد من الثوابت منها عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وإرساء استراتيجية التعاون والشراكة والتنمية بعيدا عن سياسة الاستقطاب والصراع التي رسخت لها بعض الأطراف الإقليمية والدولية في المنطقة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة