عادت ميانمار، تلك الدولة الآسيوية الصغيرة، إلى دائرة الأضواء التى اعتادت عليها فى العقود الأخيرة، تارة بتاريخها الحافل بالاضطرابات السياسية والعسكرية، وتارة بالاستهداف الوحشى للأقلية المسلمة هناك.
وكان عنوان العودة هذه المرة تحرك من قبل الجيش، أكبر قوة فى البلاد، حيث قام باعتقال الزعيمة أونج سان سوكى وكبار المسئولين فى الحكومة فى الساعات الأولى من صباح الاثنين، وإعلان حالة الطوارئ.
وقالت شبكة سى إن إن الأمريكية إن ميانمار استيقظت فى الصباح الباكر على انقطاع واسع فى الاتصالات وإغلاق البنوك وانتشار الجنود فى شوارع أكبر مدنها سانجون. وعندما تحول السكان إلى شاشات التلفزيون لم يجدوا سوى قناة مياودى التى يمتلكها الجيش. بينما تم حظر كل القنوات الإخبارية الأخرى على ما يبدو.
ومع انتشار الأنباء عن اعتقال قادة البلاد المنتخبين فى العاصمة، قبل ساعات من افتتاح أولى جلسات البرلمان الجيدية، أعلن مذع الأخبار على قناة الجيش أنه تم تسليم السلطة إلى رئيس الجيش مينا ونج هلاينج.
وفى خطابه، أكد الجيش اعتقال حاكمة البلاد الفعلية سو كى إلى جانب كبار مسئولى الحزب الحاكم ردا على ما قال إنه مخالفات فى التصويت فى الانتخابات التى جرت فى نوفمبر الماضى.
وجاء انقلاب الجيش بعد أسابيع من التوترات السياسية المتفاقمة فى البلاد بشأن الانتخابات المتنازع عليها وشائعات فى الأيام الماضية بأن الجيش قد يستحوذ على السلطة.
وكانت انتخابات نوفمبر هى ثانى تصويت ديمقراطى فى ميانمار منذ أن أنهت البلاد الحكم العسكرى فى 2011. وزعم حزب سو كى الحاكم " الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية" تحقيقه انتصارا كاسحا، وحصوله على 83% من الأصوات، مما يمنحه خمس سنوات أخرى فى الحكم. فيما فاز حزب التضامن والتنمية المدعوم من الجيش يـ 33 من بين 476 مقعدا، وهو أقل بكثير مما توقع الحزب.
وسارع المجتمع الدولى لإدانة أحداث الاثنين، حيث دعت الولايات المتحدة جيش ميانمار إلى إطلاق سراح كافة مسئولى الحكومة والمجتمع المدنى واحترام إدارة الشعب.
وقال وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن فى بيان إن الولايات المتحدة تعرب عن قلقها العميق ومخاوفها بشان التقارير بان جيش بورما قد اعتقل العديد من قادة الحكومة المدنيين، بمن فيم مستشارة البلاد أونج سان سوكى وقادة المجتمع المدنى، داعيا الجيش إى التراجع على الفور عن هذه التحركات.
كما أدان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش بشدة اعتقال القادة المدنيين في ميانمار، وأعرب جوتيريش عن قلقه البالغ إزاء الإعلان عن نقل جميع السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية إلى الجيش في ميانمار، مشيرا إلى أن الانتخابات التي جرت في شهر نوفمبر الماضي قد قدمت تفويضا قويا للرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية التي تترأسها أونج سان سوكى لحكم البلاد.
وتقول شبكة CNN إن رئيس الجيش مين أونج هلاينج الذى يدير البلاد الآن، يخضع لعقوبات أمريكية منذ ديسمبر عام 2019، وذلك لانتهاكات الخطيرة فى مجال حقوق الإنسان التى لها صلة بالفظائع التى تم ارتكابها ضد مسلمى الروهينجا.
وكتب مؤرخ شئون ميانمار البارز ثان تحينت يو على تويتر الاثنين، معلقا على الأحداث، وقال إن الأبواب قد فتحت لنوع من المستقبل مختلف للغاية. وأضاف أن لديه شعور بأن أحدا لن يستطيع السيطرة على ما سيحدث فيما بعد. وتذكروا ميانمار كبلد غارق فى الأسلحة مع انقسامات عميقة دينية وعرقية حيث لا يستطيع الملايين إطعام أنفسهم".
وعن الأسباب التى ادت إلى الانقلاب، تقول شبكة "سى إن إن" إن الجيش قال فى بيان من قبل قائده مينت سوى إن هناك تزويرا للناخبين قد حدث فى انتخابات 8 نوفمبر 2020، وأضاف أنهم اعتقلوا القادة المدنيين لفشلهم فى اتخاذ إجراءات وعندما فشلوا فى تلبية طلب لتأجيل انعقاد جلسات مجلسى البرلمان.
وفى الأسبوع الماضى، قال متحدث باسم الجيش أنه لا يستبعد انقلابا ما لم يتم التحقيق فيما يقوله الجيش بشان تزوير الناخبين. ويوم الخميس الماضى، رفضت هيئة انتخابات ميانمار مزاعم التزوير وقال إن أية مخالفات مثل الأسماء المكررة فى قوائم الناخبين، لم تكن كافية للتأثير على نتائج التصويت.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة