بايدن تحت الاختبار.. كيف تمثل التطورات الدولية تحد لإرساء "ثوابت واشنطن"؟ إسقاط أيقونة الديمقراطية بميانمار يقوض الثقة بأمريكا.. والداخل يقيد دعم واشنطن لـ"نشطاء" موسكو.. وانقسام الحلفاء يقوى شوكة الخصوم

الأربعاء، 10 فبراير 2021 10:12 ص
بايدن تحت الاختبار.. كيف تمثل التطورات الدولية تحد لإرساء "ثوابت واشنطن"؟ إسقاط أيقونة الديمقراطية بميانمار يقوض الثقة بأمريكا.. والداخل يقيد دعم واشنطن لـ"نشطاء" موسكو.. وانقسام الحلفاء يقوى شوكة الخصوم جو بايدن
بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

"العودة".. كلمة تبدو مشتركة في العديد من السياسات والقرارات التنفيذية، التي وقعها الرئيس الأمريكي جو بايدن، منذ اعتلاء عرش البيت الأبيض، في إطار ما تراه الإدارة الجديدة، من "إصلاح" ما أفسدته سياسات الإدارة السابقة، وساهمت إلى حد بعيد في صعود قوى أخرى من شأنها مزاحمة واشنطن على عرش النظام الدولى، وهو ما يبدو في قرارات العودة إلى اتفاقية باريس المناخية، وعضوية منظمة الصحة العالمية، بالإضافة إلى مساعى "العودة" إلى مائدة التفاوض مع إيران، ناهيك عن رغبة الإدارة الملحة في استعادة قوة العلاقة مع الحلفاء، خاصة في أوروبا، بعدما شهدت توترا غير مسبوق في سنوات الإدارة السابقة برئاسة دونالد ترامب، على خلفية الخطوات الأحادية التي اتخذتها واشنطن، سواء على مستوى العلاقات الثنائية، أو فيما يتعلق بالقضايا الدولية بشكل عام.

إلا أن "عودة" الهيمنة الأمريكية في أبهى صورها، لا يقتصر على مجرد قرارات تنفيذية ومشاورات دولية حول اتفاقات هجرتها الإدارة السابقة، وإنما تمتد إلى إعادة ترسيخ "ثوابت" السياسة التي طالما تبناها الحزب الديمقراطى، والتى تقوم في الأساس على دعم مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، بالإضافة إلى احتواء الحلفاء في إطار إشراكهم في كافة القضايا الدولية، ليلعبوا دورا مؤثرا، في إطار من التعددية، ولكن تحت المظلة الأمريكية، وهو ما يبدو في الحرص الأمريكي على التنسيق مع القوى الأوروبية، فيما يتعلق بالعودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، ليعيد إلى الواجهة سياسات الرئيس الأسبق باراك أوباما التي اعتمدت الحلفاء الأوروبيين، كـ"وسطاء"، يمكنهم القيام بدور في التأثير على دائرة صنع القرار في طهران.

إلا أن أيام بايدن الأولى في البيت الأبيض، ربما تشهد تطورات كبيرة على الساحة الدولية، ربما تعد بمثابة "اختبارات" صعبة، لقدرة إدارته على تعزيز قبضتها على عرش القيادة الدولية، فى الوقت الذى مازالت تحاول فيه لملمة الداخل المنقسم، وإعادة ترتيب العلاقة مع الحلفاء المقربين، فى المرحلة الحالية، ليصبح التعامل الأمريكي مع تلك التطورات بمثابة معيار مهم، يمكن القياس عليه، فيما إذا كانت واشنطن قادرة على مواصلة الانفراد على قمة المشهد الدولى.

الانقلاب على الديمقراطية.. إسقاط أيقونة ميانمار تحد صريح لإدارة بايدن

ولعل التطورات الأخيرة التي شهدتها ميانمار، بمثابة أحد أبرز الاختبارات الصعبة، التي تواجه الإدارة الجديدة في واشنطن، في ضوء معيطات أبرزها، العلاقة الوثيقة التي تجمع بين الولايات المتحدة، تحت مظلة الديمقراطيين، برئيسة البلاد أون سان سو تشى، والتي فازت بجائزة "نوبل" للسلام في التسعينات من القرن الماضى، حيث ظلت تمثل صوت المعارضة في البلاد لسنوات، مما أدى إلى قبوعها خلف جدران المعتقل لسنوات طويلة، لتتحول إلى أيقونة الديمقراطية، في الدولة التي ظلت لسنوات طويلة تحت الحكم العسكرى، وبالتالى فحظت بدعم كبير من واشنطن، حتى تمكنت من الوصول إلى قمة هرم السلطة في بلادها.

أوباما وزعيمة ميانمار
أوباما وزعيمة ميانمار

ويعد حرص الرئيس الأسبق باراك أوباما على زيارة ميانمار في 2012، دليلا دامغا على دعمه لعملية انتقال السلطة، حيث كانت سو تشى في منصب وزيرة الخارجية بالبلاد، وحرص أوباما على لقائها، في انعكاس صريح للعلاقة الخاصة التي تجمعها بالإدارة الديمقراطية، والتي تمثل إدارة بايدن امتدادا لها.

وهنا تصبح التطورات الأخيرة في ميانمار، بمثابة ضربة قوية لأحد حلفاء بايدن، وتمثل اختبارا مهما لمدى قدرتها على إدارة الشئون الدولية، في إطار المبادئ التي ترفعها، وعلى رأسها الديمقراطية وحقوق الإنسان، بالإضافة إلى مدى تأثير الدعم الأمريكي للحلفاء، في مواجهة التحديات التى تواجههم، وهو ما يترجم حالة الارتباك الممزوج بالغضب، التي شابت رد الفعل الأمريكي الرسمي، والذى تراوح بين التلويح بالعودة إلى حقبة "العقوبات" من جديد، ودعوات إعادة السلطة من جديد للرئيسة المقربة من دوائر صنع القرار في الولايات المتحدة.

الرهان على النشطاء.. الداخل الأمريكي يسقط دعم واشنطن لاحتجاجات روسيا

ولم تقتصر الاختبارات التي تلاحق إدارة بايدن في أيامها الأولى، على عرش البيت الأبيض، على التطورات الأخيرة في ميانمار، حيث يتزامن معها احتجاجات كبيرة في روسيا، على خلفية اعتقال الناشط ألكسندر نافالنى، لتجد واشنطن نفسها بين مطرقة الحاجة لدعم النشطاء، الذين يحملون شعار الديمقراطية، وسندان معاداة موسكو، في مرحلة تبدو حساسة للغاية فى الولايات المتحدة، في ظل اختلاف الأولويات بين الداخل، في ضوء الرغبة الأمريكية في انهاء الانقسام الذى تجلى في احتجاجات الغضب التي اندلعت منذ الإعلان عن خسارة ترامب للانتخابات الرئاسية في نوفمبر الماضى، من جانب، والسعى نحو إعادة حشد الحلفاء وراء القيادة الأمريكية في الخارج، بعد سنوات التوتر، من جانب أخر.

بوتين وبايدن
بوتين وبايدن

وتحمل مظاهرات روسيا في طياتها اختبارا أخر للمعايير الأمريكية، في ضوء موقفها المعادى للمتظاهرين في الداخل الأمريكي، إلى الحد الذى خرجت فيه دوائر السلطة في واشنطن إلى وصفهم بـ"الإرهابيين" المحليين، ليصبح المنظور الأمريكي للمظاهرات الروسية محل جدل كبير، في ظل ما يترتب عليها من حالة فوضى، وارتباك في موسكو خلال المرحلة الراهنة.

انقسام الحلفاء.. الشوكة التي تهدد مواقف بايدن من الخصوم

أما الانقسام في معسكر حلفاء واشنطن، يمثل اختبارا أخر مهما لإدارة بايدن، حيث يبقى تنافر المواقف بين الدول المحسوبة على الولايات المتحدة في المرحلة الراهنة، بمثابة حجر عثرة، يواجه استعادة أمريكا لزمام الأمور، فيما يسمى بدول "المعسكر الغربى"، لتنطلق منه إلى استعادة مكانتها الدولية، باعتبارها القوى الوحيدة المهيمنة على النظام الدولى، عبر إقصاء منافسيها، والذين تمكنوا استغلال التوتر الكبير في العلاقة بين أمريكا وحلفائها، إبان حقبة ترامب، لتقديم أنفسهم باعتبارهم شركاء، يمكن الوثوق بهم، سواء فيما يتعلق بالتجارة أو في التعامل مع الأزمات الإنسانية، وعلى رأسها أزمة كورونا.

العلاقة بين واشنطن وأوروبا شابها التوتر فى السنوات الماضية
العلاقة بين واشنطن وأوروبا شابها التوتر فى السنوات الماضية

 

فلو نظرنا إلى النموذج الأوروبى، نجد أن ثمة انقساما كبيرا تشهده القارة العجوز في المرحلة الراهنة، سواء بين دول الاتحاد الأوروبى، وبريطانيا، في إطار خروج الأخيرة من التكتل القارة، بالإضافة إلى خلافات بين دول القارة حول العديد من القضايا الدولية، وعلى رأسها الموقف من روسيا والصين، في ظل خطوات اتخذتها العديد من دول القارة العجوز، للتقارب معهما في السنوات الماضية، وهو ما يساهم في إضعاف الموقف الأمريكي تجاه الخصوم، والذى يعتمد في الأساس على حشد الحلفاء، لتشكيل قوة ضغط عليهم.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة