"صناعة الأقفاص من جريد النخيل، تعد من الحرف الصعبة والخشنة التي لا يقدر عليها سوى ذوو القوة، ورغم أهمية وعراقة وقدم المهنة فإنها تواجه الإنقراض بسبب متاعبها الصحية وقلة العائد المادي الذى تدره وهجرة معظم العاملين بها إلى مهن وحرف يدوية أخرى، ومنافسة البلاستيك لها".
يقول "خالد رياض" 55 عاما أحد صانعى الأقفاص بديرب نجم بمحافظة الشرقية، أنه يعمل بالمهنة منذ 40 عاماً توارثها عن خاله منذ كان عمره 8 سنوات، وإنه من أبناء محافظة الفيوم التى تشتهر بهذه الحرفة، وحضر إلى الشرقية ومقيم بقرية صافور مركز ديرب نجم منذ 30 عاما، ورزقه الله بثلاثة أبناء .
"المهنة فى طريقها للإنقراض وعايشين اليوم بيومه"، بحزن شديد قال العم خالد، إن المهنة فى طريقها للإنقراض، بسبب ظهور الأقفاص البلاستيك والكراتين، و" عايشين اليوم بيومه والرزق بتاع ربنا"، موضحا أنه صحيا أقفاص الجريد أفضل من الأقفاص المعدة من البلاستيك، لرخص سعرها مقارنة بالبلاستيك، كما يمكن إصلاحها بسهولة في حال تفككها أو تهشمها، فضلاً عن أنها بدرجة حرارة مناسبة صيفاً وشتاءً ما يجعل الفواكه والخضراوات الموضوعة بها لا تفسد بسرعة على عكس أقفاص البلاستيك التي تصدر منها سخونة تؤدي لفساد محتوياتها.
وأردف العم خالد، أن صناعة الأقفاص من المهن الشاقة، التي تحتاج إلى صبر وقوة تحمل، ومن مساوئ المهنة أنها تسبب لصاحبها أمراضاً كثيرة في الظهر؛ لأن طبيعة المهنة تتطلب أن يظل صاحبها جالسا لساعات طويلة، ومنكبا على الأرض، من أجل إنتاج 8 أقفاص يوميا، فضلاً عن أنها مهنة غير مربحة مقارنة بمهن أخرى، موضحا رفضه تعليم أبناءه فيها لكونها مجهدة، وتحتاج إلى وقت وصبر، وأصبحت مهنة فقيرة.
يشترى العم "خالد" الجريد من أصحاب النخيل، ويقوم بإستخدام سكين فى تنظيف الجريد من سعف النخيل، والمسندة والبلطة للتكسير والتقشير، داخل ورشة بسيطة بمنزله بقرية صافور مركز ديرب نجم، موضحا أن سعر القفص الكبير 25 جنيها، والسعر يكون إجتهادي بشكل عام، وأنه يعمل بها منذ كان سعر القفص قرش صاغ.
بحزن شديد وعشق لمهنته قال العم "خالد" أشهر صنايعى أقفاص النخيل، إنه حزين لبدء إنقراض المهنة، فلا يمكن تطويرها أو تطوير أدواتها لأنها تعتمد على جريد النخيل وأدوات حادة صغيرة للتنظيف، وفى السنوات الأخيرة دخلت فى منافسة شرسة مع البلاستيك، وكثير من أصحاب المهنة تركوها بسبب عدم الإقبال على شرائها والتحول لمهن أخرى مما يهدد بإنقراضها، ونفسى تتطور لأن قضيت عمرى فيها.
وإستطرد "خالد"، يومه يبدأ فى الصباح الباكر حتى نهاية اليوم، يقوم بعمل العديد من أشكال الأقفاص سواء أقفاص الخضروات والفاكهة أو حتى غيات الحمام والدواجن، والكراسى والترابيزات، وتكون حسب الطلب، وأكثر زبائنه هم تجار الفاكهة والخضروات.