وراء كل رجل عظيم امرأة، جملة بسيطة لكن تلخص فى فحواها معانى كثيرة تدل على وفاء الزوجة لزوجها مهما كانت حالته أو ظروفه، وهو ما برهنته إيمان، زوجة المشجع الكفيف إكرامى أحمد، التى حرصت على مرافقة زوجها لتكون هى المعلق والواصف التفصيلى لزوجها على ميلريات الأهلى فى مونديال الأندية من داخل الملعب.
إكرامى وزوجته إيمان
يُقيم إكرامى، الذى ولِد كفيفاً ويبلغ من العمر 31 عاماً، فى الدوحة، ويعمل مشرفاً للبرامج فى مركز قطر الاجتماعى والثقافى للمكفوفين، ولم تقف الإعاقة البصرية حاجزاً أمام شغفه بكرة القدم، الذى رافقه طوال حياته وجعل منه عاشقاً لهذه لرياضة على مر السنين، مستعيناً بصديق أو أحد أفراد العائلة لنقل مجريات المباريات للاستمتاع بالرياضة الأكثر شعبية فى العالم، ومن ثم تولّت زوجته إيمان مهمة وصف ما يجرى على المستطيل الأخضر، فهى المرافق الشخصى والمعلق الرياضى الخاص به، التى تنقل له صورة حيّة مفصلة لأحداث المباراة.
وقال إكرامى، وهو يشق طريقه بمساعدة زوجته إلى استاد المدينة التعليمية لحضور مباراة الأهلى أمام الدحيل فى بطولة كأس العالم للأندية، المقامة فى قطر 2021، كثير من الأشخاص يعبّرون عن دهشتهم واستغرابهم كيف لشخص كفيف أن يهتم برياضة كرة القدم دون أن يرى الاستاد واللاعبين، ليجيب إكرامى: "يُمكن لشخص كفيف الاستمتاع بحضور مباراة كرة قدم مثل شخص مبصر على حد سواء، ما لا يعرفه البعض أن للكفيف عالمه الخاص، ولديه مهارة فريدة فى تسخير الحواس الأخرى لرسم صورة نابضة بالحياة فى مخيلته، ما يجعله قادراً على قضاء وقت ممتع مليء بالحماس والتفاعل مع اللعبة، ولهذا السبب نجد الكثير من المشجعين من ذوى الإعاقة البصرية متحمسين لرياضة كرة القدم."
إكرامى وإيمان فى المدرجات
وأشار موقع الفيفا، إلى أن إكرامى لم يسبق له حضور مباراة للنادى الأهلى فى الاستاد قبل كأس العالم للأندية بالدوحة، وكان يكتفى بمتابعة مباريات الفريق عبر شاشة التلفزيون، كما تابع الكثير من المباريات ومن بينها منافسات النسخة السابقة من كأس العالم للأندية التى أقيمت أيضاً فى قطر، وكذلك مباريات كأس العالم روسيا 2018.
وكما هو حال ملايين المشجعين المكفوفين حول العالم؛ يعتمد إكرامى على شخص آخر لوصف أحداث المباراة، بدءاً من تشكيلة الفريقين والتكتيكات المتبعة لكل منهما، وانتهاءً بوصف الملعب والمدرجات وحتى اللافتات فى أرجاء الاستاد.
وخلال المباراة التى جمعت الأهلى والدحيل على استاد المدينة التعليمية، كانت برفقة إكرامى زوجته إيمان، واحتفلا معاً بفوز الأهلى بهدف واحد دون رد. ووسط أجواء احتفالية على مدرجات الاستاد التى ضجت بالهتافات من كل جانب، أمضى الزوجان وقتاً ممتعاً وسط الجمهور الذى أبدى درجة كبيرة من الوعى بالتزامه بإجراءات التباعد الجسدى وغيرها من تدابير السلامة، تماشياً مع توجيهات وزارة الصحة العامة فى قطر للوقاية من فيروس كورونا.
وحول الدور الفاعل لزوجته يضيف إكرامى "على الرغم من أن إيمان ليست مشجعة متحسمة لرياضة كرة القدم، إلا أن طبيعة حياتنا اليومية وخصوصية العلاقة التى تجمعنى بها كزوج كفيف، جعلتها تدرك جيداً كيف تصف لى أحداث المباراة بدقة تامة وبأسلوب تفاعلى، لتنقل لى صورة واضحة لمجريات المباراة وما يرافقها من أجواء حماسية، فهى تساعدنى ببراعة على تصور مشهد متكامل للأحداث فى مخيّلتى."
وأكد إكرامى الذى عبّر عن سعادته بوجوده فى مدرجات الاستاد بين المشجعين، أن حضور المباريات تجربة لا تُضاهى بالنسبة له ويفضلها على متابعة المباريات عبر التلفزيون وأضاف: "تغمرنى مشاعر السعادة بدءاً من اللحظة التى أغادر بها المنزل متجهاً إلى الاستاد، ويتصاعد الحماس أثناء وجودى بين المشجعين الذين أتابع ردود أفعالهم من أصوات وهتافات، سواء كانت مرحبة بقرار الحكم ومجريات المباراة أو معترضة عليها، فهى تساعدنى على معرفة ما يدور بالتحديد على أرضية الملعب."
واختتم المشجع العاشق للنادى الأهلى حديثه بالتأكيد على المشاعر الخاصة التى يكنّها لكرة القدم، التى يراها رياضة رائعة يكمن تميزها فى عنصر المفاجأة الذى كثيراً ما يشكل مصدر سعادة للجماهير، وأضاف: "ينبع جمال كرة القدم من أنها خارج التوقعات، فقد تتغير نتيجة المباراة فى لحظة، أعشق هذه الرياضة التى تجمع الملايين تحت مظلتها، وتعزز أواصر العلاقة بين المشجعين من جهة والأندية واللاعبين من جهة أخرى، وتنسج علاقات رائعة بين أفراد المجتمع من خلال التنافس بروح رياضية نزيهة. هكذا توحّدنا الساحرة المستديرة، وما أحوجنا إلى هذه الوحدة، خاصة فى ظل التحديات الراهنة التى يواجهها عالمنا جراء الجائحة."
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة