أصدرت دائرة "الإثنين د" - بمحكمة النقض، حكماَ مهماَ، بالنقض والإعادة فى قضية اتجار بالمخدرات، رسخت فيه لعدة مبادئ قضائية عن تناقض القصد، وقالت فيه: "التحريات وحدها لا تكفى لاستظهار القصد، وإذ لم تفصح الأوراق عن قصد المتهم بشكل قاطع ومن ثم تأخذ المحكمة بالإحراز المجردة من القصود، وأن المحكمة لا تستطيع أن تراقب صحة تطبيق القانون على حقيقة الواقعة، وما إذا كان إحراز الطاعن للمخدر بقصد الاتجار أو بغير هذا القصد لاضطراب العناصر التى أوردها الحكم عنه بما يستحيل عليها معه أن تتعرف على أى أساس كونت محكمة الموضوع عقيدتها فى الدعوى".
صدر الحكم فى الطعن المقيد برقم 6867 لسنة 87 القضائية، لصالح المحامى بالنقض جورج أنطون، برئاسة المستشار عاطف خليل، وعضوية المستشارين النجار توفيق، محمد أنيس، مصطفى فتحى، ومحمد صلاح، وبحضور رئيس النيابة لدى محكمة النقض محمد الدليل، وأمانة سر أحمد سعيد خطاب.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن فى القضية رقم 35475 لسنة 2014 قسم العامرية أول والمقيدة برقم 6807 لسنة 2014 كلى غرب الإسكندرية، وذلك لأنه فى يوم 10 من ديسمبر لسنة 2014 بدائرة قسم العامرية أول – محافظة الإسكندرية – أحرز بقصد الإتجار جوهراَ مخدراَ "هيروين" فى غير الأحوال المصرح بها، وأحالته إلى محكمة جنايات الأسكندرية لمحاكمته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
ضرورة تحديد القصد فى الأوراق الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصى
والمحكمة المذكورة قضت حضورياَ فى 28 من ديسمبر 2016 عملاَ بالمواد 1،2، 38/1، 42/1 من القانون 182 لسنة 1960 فى شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل بالقانونيين الأول والمستبدل بقرار وزير الصحة والسكان رقم 46 لسنة 1997، وأخذته بقسط من الرأفة عملاَ بالمادة 17 من قانون العقوبات حضورياَ بمعاقبة المتهم بالسجن المشدد لمدة 6 سنوات وتغريمه 100 ألف جنيه، عما أسند إليه وبمصادرة المخدر المضبوط وألزمته المصاريف الجنائية، وذلك باعتبار أن الإحراز بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصى، فطعن المحكوم عليه بالطعن فى هذا الحكم بطريق النقض.
الإدانة بجريمة إحراز جوهر الهيروين المخدر بغير قصد من القصود المسماة
دفاع المتهم استند فى مذكرة الطعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر الهيروين المخدر بغير قصد من القصود المسماة قد شابه القصور والتناقض فى التسبيب – ذلك بأنه بعد أن اعتنق صورة لواقعة الدعوى قوامها أن الطاعن يتجر فى المواد المخدرة عاد ونفى هذا القصد عنه، بما يعيبه ويستوجب نقضه، من حيث أن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى فى قوله:
"حيث أن وقائع الدعوى وفق ما استقر فى يقين المحكمة واطمئن إليها وجدانها مستخلصة من أوراقها والتحقيقات التى تمت فيها تتحصل فى أن التحريات السرية التي أجراها المقدم محمد عرفه شعير بالاشتراك مع الرائد إسلام جمعه الضابطين بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات بمنطقة الإسكندرية دلت على قيام المتهم "م.ع" بالاتجار فى المواد المخدرة وخاصة مخدر الهيروين ويتخذ من دوائر أقسام غرب المدينة وخاصة قسمى أول وثان العامرية مسرحاَ لمزاولة نشاطه الغير مشروع مستخدماَ سيارات ملاكى ونقل لنقل وتخزين وترويج المواد المخدرة على عملائه بدون لوحات معدنية.
ولما استوثق من هذه التحريات عن طريق المراقبة الدقيقة أفرغها فى محضر مؤرخ 9 من ديسمبر لسنة 2014 الساعة 11 صباحاَ وعرضه على النيابة العامة التى أمرت بذات التاريخ بضبط وتفتيش شخص ومسكن المتهم والمركبة التى يستقلها لضبط ما يحوزه أو يحرزه من مواد مخدرة ونفاذا لهذا الإذن قام بناء على اتصال من مصدره السرى بأن المتهم بصدد تسليم كمية من المواد المخدرة لعملائه بالكيلو 32 طريق إسكندرية – مطروح الساحلى قبلى الطريق الجهة المقابلة لقرية فخر البحار دائرة قسم العامرية.
ضبط المتهم بحوزته المخدرات والهاتف والأموال
فانتقل إلى مكان تواجد المتهم وبصحبته الرائد محمد أحمد الضابط بمكتب مكافحة المخدرات بمنطقة الإسكندرية وقوة من أفراد الشرطة السريين مستقلين سيارة خاصة بالمنطقة وقبل وصولهم الكيلو 32 بمسافة ترك السيارة بجانب من الطريق ووزع القوة المرافقة لتأمين سلامة المأمورية، وكمن والشاهد الثاني بجوار سيارة نقل معطلة حيث كانت الساعة 2,30 مساء وبعد مرور 10 دقائق أبصر المتهم قادماَ من أحد الطرق القديمة وممسكاَ بيمناه كيس بلاستيك رصاصي اللون ووقف فى حالة انتظار بطريق مطروح إسكندرية الساحلي اتجاه الإسكندرية، ويتحدث فى هاتفه المحمول وبعد مرور حوالي 5 دقائق لم يحضر شخص العميل إلا أنهما قررا ضبطه واقتربا منه حال تحدثه بهاتفه المحمول، وتمكنا من ضبطه وينزع الكيس من يده ويفضه تبين أن بداخله كيس بلاستيك شفاف يحوى بداخله على عدد 116 لفافه تحوى كل منها مسحوق بيج اللون لمخدر الهيروين، وبتفتيشه عثر بين طياته ملابسه على مبلغ مالى قدره 120 جنيه.
التحريات وحدها لا تكفى لاستظهار القصد
وبمواجهته أقر بحيازته وإحرازه للمواد المخدرة المضبوطة بقصد الاتجار والمبلغ النقدي حصيلة اتجاره بالمواد المخدرة والهاتف لتلقى عملائه، ثم ساق حكم الإدانة التي تساند إليها في إدانة الطاعن والتى تنحصر فى أقوال شهود الواقعة وما ثبت من تقرير المعمل الكيماوى وحصل أقوال الضابط بما لا يخرج عن مؤدى تحصيله لواقعة الدعوى على النحو المار بيانه، ثم عرض الحكم لقصد الطاعن من إحراز المواد المخدرة ففى قصد الاتجار عنه فى قوله: "وحيث أنه عن قصد المتهم من إحراز المخدر المضبوط بالنظر لظروف الدعوى وملابساتها من حيث عدم ضبط المتهم حال تعامله فى المخدر بيعاَ أو شراء، وإذ كانت التحريات وحدها لا تكفى لاستظهار القصد، وإذ لم تفصح الأوراق عن قصد المتهم بشكل قاطع ومن ثم تأخذ المحكمة بالإحراز المجرد من القصود.
لما كان ذلك – وكان ما أوردته المحكمة فى أسباب حكمها على الصورة المتقدمة يناقض بعضه البعض الأخر بحيث لا تستطيع محكمة النقض أن تراقب صحة تطبيق القانون على حقيقة الواقعة، وما إذا كان إحراز الطاعن للمخدر بقصد الاتجار أو بغير هذا القصد لاضطراب العناصر التى أوردها الحكم عنه بما يستحيل عليها معه أن تتعرف على أى أساس كونت محكمة الموضوع عقيدتها فى الدعوى، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباَ بما يوجب نقضه والإعادة بغير حاجة لبحث أوجه الطعن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة