جهات عديدة تتابع معركة «فيس بوك»، الحكومة الأسترالية بعد قرار منع نشر الأخبار من المؤسسات والأفراد، وهو قرار يحمل قدرا من الجرأة، والتحدى، والشعور بالقوة، ويواجه اتهاما بالاحتكار، وقد أعلنت جهات إعلامية وقانونية مساندة الموقف الأسترالى، بينما واجه «فيس بوك» اتهامات بالاحتكار أحيانا والبلطجة أحيانا أخرى.
تعرض قرار «فيس بوك» بمنع مشاركة الأخبار فى أستراليا لانتقادات مشرعين وإعلاميين فى بريطانيا وكندا وألمانيا والولايات المتحدة، الأمر الذى يشير إلى احتمال نشوب مواجهة أوسع بين منصات التواصل الاجتماعى من جهة والحكومات والمؤسسات الإخبارية من جهة أخرى.
ودعا سكوت موريسون، رئيس الوزراء الأسترالى، «فيس بوك» لرفع الحظر المفروض على الأخبار، والتفاوض على صفقات مع وسائل الإعلام، وقال إن الدول الأخرى قد تتبنى تجربة أستراليا فى إجبار شركات التكنولوجيا الكبرى على دفع مقابل الأخبار، وبالتالى يجعل فيس بوك وجوجل يدفعان لشركات الإعلام الأسترالية مقابل استخدام محتواهما، مؤكدا التزام حكومته بتنفيذ القانون المقترح، على الرغم من قرار «فيس بوك» بحجب جميع وسائل الإعلام الإخبارية رفضا للقانون، بينما استجابت «جوجل» من خلال العمل بسرعة على صفقات ترخيص المحتوى مع كبرى شركات الإعلام الأسترالية بموجب نموذج News Showcase أو «عرض الأخبار»، الخاص بها.
وقال رئيس الوزراء الأسترالى، إنه تلقى دعما من قادة العالم فى مواجهة فيس بوك والمزيد من الاهتمام العالمى بما تفعله أستراليا.
وفى حين تتجه كندا لتشريع يجبر عمالقة التكنولوجيا على الدفع مقابل المحتوى الإخبارى على منصاتهم، بعد حملة مدعومة من 105 صحف محلية، فى نفس الوقت يعمل المشرعون فى الاتحاد الأوروبى للسير إلى ما فعلته أستراليا ضمن قانون الخدمات والأسواق الرقمية فى الاتحاد، بينما أعلنت فرقة العمل المعنية بالأسواق الرقمية فى بريطانيا أن فيس بوك وجوجل قد تتم مطالبتهما بالدفع لمنافذ الأخبار، وفى فرنسا قادت «هيئة المنافسة» الجهود لجعل المنصات التقنية تدفع ثمن الأخبار، وفى ألمانيا يسعى المشرعون الألمان لقمع المعلومات المضللة، من خلال تغريم فيس بوك بسبب الأخبار المزيفة، واقترحت الحكومة الألمانية أن تدفع «فيس بوك» نحو نصف مليون دولار مقابل كل منشور «إخبارى كاذب».
وفى الولايات المتحدة، يخطط أعضاء الكونجرس لتقديم مشروع قانون فى الأسابيع المقبلة لتسهيل التفاوض على المؤسسات الإخبارية الأصغر مع منصات التكنولوجيا الكبرى، كما قال النائب كين باك، العضو الجمهورى الأعلى فى لجنة مكافحة الاحتكار فى اللجنة القضائية بمجلس النواب، حسب «رويترز»، مؤكدا أن اللجنة ستصدر سلسلة من تشريعات مكافحة الاحتكار وستسمح الأولى فى الأسابيع المقبلة للمؤسسات الإخبارية الأصغر بالتفاوض بشكل جماعى مع فيس بوك وجوجل.
حيث أعلن الناشرون فى أوروبا والولايات المتحدة أن شركات الإعلام والنشر هى التى تنتج المحتوى، بينما شركات وسائل التواصل الاجتماعى تنشر الأخبار لجذب العملاء، بينما ترفض مشاركة شركات المحتوى فى عائدات إعلانية كافية، حيث تتراجع أرباح شركات إنتاج الأخبار، بينما تذهب الأرباح لشركات التواصل، ما يعد نوعا من الاحتكار.
وقبل سنوات أصدرت الصحف الكبرى فى أوروبا وأمريكا بيانات أكدت فيها أن شركات التواصل الكبرى تمارس الاحتكار وتنشر محتوى إخباريا بذلت فيه الصحف جهدا كبيرا، من دون أن تدفع مقابل هذا.
وخلال الشهور الماضية حاولت شركات التواصل التخفيف من الضغط عليها، وقدمت «فيس بوك» مبادرات مختلفة لتمويل الصحافة وتعزيز محتوى الأخبار على منصاتها، مثل علامة Journalism Project وNews، وفى المقابل تسعى فيس بوك لتشجيع صحافة الأفراد لإنتاج المحتوى الإخبارى حتى يمكنها الاستغناء عن المحتوى الإخبارى الاحترافى للصحف والمنصات الكبرى، وأنفقت الشركة على مشروعات تدريبية فى هذا السياق بحثا عن بدائل للمحتوى الإخبارى، لكن بقى الأمر فى سياق التصورات الفردية لمستشارى الشركة، والقائمين على هذه المشروعات، ممن يقدمون تدريبات نظرية وشخصية، لم تنجح فى التقليل من شعور الحكومات والأفراد بأن عمالقة التكنولوجيا أصابهم الغرور ويصرون على احتكار النشر الإخبارى وتقوية الهواة، وإضعاف الصحف والمنصات الإعلامية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة