تمر اليوم الذكرى الثامنة على استقالة البابا بندكت السادس عشر، من منصبه كبابا للكنيسة الكاثوليكية، ليكون أول بابا بعد جريجورى الحادى عشر فى سنة 1415، والخامس تاريخيًا إذ سبقه أربعة بابوات فى تقديم استقالتهم من منصبهم، واللافت أن تلك الاستقالات الخمس جاءت فى جوالى ألف عام من عام 1045م وحتى عام 2013م.
ووفقًا لتقرير نشرته جريدة "واشنطن بوست" الأمريكية، فإن خمسة بابوات فقط فى تاريخ الكنيسة أحدهما ما بين القرون الحادى عشر والخامس عشر وأربعة باباوات أخرى استقالوا فى الفترة ما بين القرن الثالث والقرن الحادى عشر الميلادى، فى 11 فبراير 2013 قد أعلن بندكت السادس عشر نيته للاستقالة فى 28 نفس الشهر.
وسبق بندكت السادس عشر، أربعة بابوات، الأول كان البابا بنديكت التاسع الذى قدم استقالته عام 1045م عندما بلغ عمره 33 عاما، حتى يتمكن من الزواج والحصول على أموال من أبيه الروحى، وكان الأب الروحى للبابا من مواليد روما أيضا، وقد دفع أموالا بالفعل لبنديكت التاسع للتنازل له عن منصب البابوية.
كذلك استقال البابا جريجورى السادس وهو نفس الرجل الذى قدم أموالا للبابا بنديكت التاسع وحل محله، قدم استقالته بعد عام واحد فقط، أى عام 1046، وقد بدأت مشاكل هذا البابا عندما فشل ابنه الروحى فى الاحتفاظ بزوجته التى استقال من أجلها، الأمر الذى أدى به إلى تغيير رأيه والعودة إلى الفاتيكان. وظل الرجلان فى روما يزعم كل منهما شرعية بابويته للكنيسة الكاثوليكية شهورا عدة.
وفى خريف ذلك العام، استدعى رجال الدين بروما هنرى الثالث الإمبراطور الألمانى "للإمبراطورية الرومانية المقدسة" لغزو روما وإبعاد الرجلين المتنافسين على رعاية الكنيسة، وعندما وصل هنرى الثالث تعامل مع جريجورى السادس باعتباره البابا الشرعي، لكن نصحه بمواجهة مجلس من أساقفة الكنيسة، وبدورهم، نصح الأساقفة جريجورى السادس بالاستقالة لوصوله إلى المنصب بشرائه. ورغم أنه دافع عن موقفه قائلا إنه لم يفعل خطأ فى شرائه المنصب، فقد استقال فى نهاية الأمر.
وكان ثالث المستقيلين فى تاريخ الكنيسة هو البابا سيلستاين الخامس، وذلك فى عام 1249، حيث تقدم باستقالته من البابوية بعد خمسة أشهر فقط من توليه إياه، والغريب فى الأمر أن هذا البابا المكتئب القادم من صقلية كان قد أصدر قرارا بابويا بأنه ومنذ ذلك التاريخ، يحق للبابوات أن يستقيلوا، فقدم استقالته فورا امتثالا لهذا القرار الذى أصدره توا، وكتب البابا سيلستاين مشيرا إلى نفسه بضمير الغائب، أنه استقال "بسبب رغبته فى التواضع، والحياة الأكثر طهرا، وتنقية ضميره، ولضعف قواه البدنية، ولجهله، وانحراف الناس، ولتوقه إلى حياته الهادئة السابقة".
أما الباب الرابع هو البابا جريجورى الثانى عشر الذى قدم استقالته عام 1415، ولم يكن هذا الرجل المسن القادم من البندقية الذى تولى المنصب لعشر سنوات، هو الوحيد فى المنصب، إذ كانت أوروبا لعقود منقسمة إلى قسمين، ولديها بابا فى روما وآخر فى مدينة أفيغنون الفرنسية، وكانت أسباب الانقسام سياسية أكثر منها دينية، وكان للبابا نفوذ كبير على الشؤون السياسية فى القارة، الأمر الذى أدى إلى أن يصبح الملوك هناك أشرس بشكل تدريجى فى تعاملهم مع قادة الكنيسة، وتقدم جريجورى الثانى عشر باستقالته حتى يستطيع مجلس خاص إصدار قرار بحرمان بابا أفيغنون والبدء من جديد ببابا واحد قائد للكنيسة الكاثوليكية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة