نواصل قراءة المشروع الفكرى للمثقف زكى نجيب محمود الذى عاش خلال الفترة من (1905- 1993) والذى يعد أحد أبرز المفكرين فى القرن العشرين، ونتوقف اليوم مع كتابه "أيام فى أمريكا" والذى يحتوى يومياته فى أمريكا.
ويقول الكتاب فى مقدمته:
هذه أيام من عام ١٩٥٣-١٩٥٤م قضيتها فى أمريكا أستاذًا زائرًا باثنتين من جامعاتها، إحداهما جامعة كارولاينا الجنوبية فى الجنوب، والأخرى جامعة ولاية واشنطن فى أقصى الشمال الغربى، إذ أقمت فى كل منهما فصلًا دراسيًّا، فأُتيح لى بذلك أن أقطع البلاد من شاطئ المحيط الأطلسى شرقًا إلى شاطئ المحيط الهادى غربًا.
لكن أكثر اليوميات — بطبيعة الحال — قد كُتِبَت فى مدينتَي: كولمبيا بولاية كارولاينا الجنوبية حيث أقمت الفصل الأول من العام الجامعي؛ وبلمان بولاية واشنطن حيث قضيت الفصل الثاني؛ هذا فضلًا عن زيارتى لواشنطن العاصمة، ونيويورك ونيو أورلينز ولوس أنجلس وسان فرانسيسكو وسياتل، وغيرها.
إن من أظلم الظلم أن تحكم على شعب بأسره حكمًا ما وأنت واثق من صدْقه؛ ذلك لأن الناس أفراد يختلف كل فرد منهم عن سواه، وقد يتعذر جدًّا — بل يستحيل أحيانًا — أن تدرك أوجه الشبه السارية فى الجميع، والتى جعلت من مجموعة الأفراد أمةً واحدة ذات طابع معين يميزها … وإذَن فخير ما تستطيع قوله وأنت مطمئن إلى صدْق قولك، هو أن تصف خبرتك الشخصية مستندًا إلى الأفراد الذين كانوا لك مصدر تلك الخبرة؛ فهؤلاء الأفراد فيما يقولونه لك وما يتصرفون به فى وجودك، هم الأساس الذى يمكِّنك من تكوين فكرة يجوز لك فى حذرٍ أن تعمِّمها على بقية أفراد الشعب الذين لم ترهم ولم تسمع عنهم.
فى هذه اليوميات سجلتُ بعض خبرتى تسجيلًا أمينًا صادقًا؛ فوصفت مَن صادفته وما صادفته من الأشخاص والحوادث، بالإضافة إلى ما أحسسته إزاء أولئك الأشخاص وهذه الحوادث، وأردت أن أُشْرِكَ القارئ العربى فى خبرتي؛ فنشرت هذه اليوميات، راجيًا أن يجد فيها القارئ شيئًا مما يود أن يقرأه عن الحياة فى أمريكا، والحياة الفكرية بنوع خاص.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة