كيف يجرؤ إنسان على ارتكاب جرم السرقة، خاصة في عالم الفن والإبداع، في زمن صار كل شىء فيه متاحا، هل تملكه الغباء التام، أم وصل استهتاره لدرجة أنه ظن ألا أحد سوف ينتبه للجريمة؟.. سوف تفكر طويلا في هذا السؤال بعدما قام أحد الأشخاص ويدعى مصطفى أبو زيد بسرقة قصيدة للشاعر العربى الكبير نزار قبانى وأضافها بكل كلماتها إلى ديوان له، هذا الرجل حصل مؤخرا على عضوية اتحاد كتاب مصر.
لقد عرف التراث الفكرى في العالم كله قيام بعض السرقات، ولكن عادة كان اللص ذكيا، لا يلجأ مباشرة إلى سرقة النص كما هو، كان يجهد نفسه بعض الجهد، فيحور الكلمة، يقدم أو يؤخر، يزيد أو ينقض، ولكن ما حدث فى الكارثة الأخيرة كانت به من الفجاجة ما لم يحدث.
في لحظة ما تمنيت أن يكون الرجل ذكيا مثل الصحفى الكبير أحمد رجب الذى أرسل مسرحية بعنوان "الهواء الأسود" فى سنة 1963 وادعى أنها من تأليف الكاتب العالمى "دورينمات" وعلق عليها أربعة من كبار نقاد مصر، قبل أن يفاجئهم أحمد رجب أن المسرحية من تأليفه هو، أقول كنت أتمنى أن يفاجئنا "أبو زيد" ويصرخ بأنه "علم علينا" ولكن "أبو زيد" لم يكن كذلك، لقد مرر قصيدته في الديوان المسمى "حروف الحب" بكل سهولة بدون تأنيب قلب أو ضمير.
لا شيء يبرر ما حدث، الجميع متورطون في هذا، من الكاتب إلى دار النشر التي ارتضت أن تنشر شعرا إما أنها لم تقرأه أو أنها "جاهلة به" وهذا أكثر خطرا، أن تقوم مؤسسة ما بنشر شيء لا تعرفه، وانتهاء إلى أي لجنة أو قارئ مر عليهم مثل هذا الشعر ولم يصرخوا ويشهروا به.
لقد أفزعتنى فعلا جرأة الجهل، التي يكشفها هذا الحادث الأليم، الذى يحتاج منا وقفة حقيقية وحاسبة كل المتورطين فيه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة