تمر اليوم الذكرى الـ123 على تقديم إميل زولا للمحاكمة بتهمة التشهير بسبب نشره مقالة كتبها بعنوان "أنا أتهم ...!" وتتحدث عن قضية دريفوس، وهى صراع اجتماعى وسياسى حدث فى نهاية القرن التاسع عشر فى عهد الجمهورية الفرنسية الثالثة، واتهم بالخيانة فى هذه القضية النقيب ألفريد دريفوس، وهو فرنسى الجنسية يهودى الديانة، وذلك فى 7 فبراير عام 1898م، والحقيقة أن الكثير من كبار الأدباء تعرضوا للمحاكمة بسبب مقالات الرأى، بل تعرض بعضهم للحبس، من هؤلاء الأدباء:
إميل زولا
بحسب الدكتور زهير عبد المجيد الفاهوم فى كتابه "فلسطين: ضحية وجلادون" فإن المقال الذى نشرت فى 3 فبراير عام 1898م، فى صحيفة "لا أورور" الفرنسية، اتهم فيها "زولا" وزارة الحربية والمحكمة العسكرية فى باريس، بتضليل الرأى العام وإخفاء الحقائق وانتهاك المتهم درايفوس.
وقد تجاوبت مع هذا التحرك صحف عالمية فى كل من إنجلترا وألمانيا، هولندا، والولايات المتحدة الأمريكية، واتهمت السلطات الفرنسية بالتلفيق وحياكة المؤامرة ضد متهم برئ هو درايفوس، وكان هذا مدعاة لصحف فرنسية لتهاجم زولا وتتهمه بالكذب والتضليل وتؤكد إدانة درايفوس وتقول إن حملة زولا تهدف إلى تشويه سمعة الحكومة الفرنسية وإنه أداة بين اليهود.
وشن رئيس الحكومة الفرنسية حملة شديدة مضادة أكد فيها إدانة زولا ونفاق المدافعين عنه، أما البرلمان الفرنسى فأصدر بيانا جاء فيه: "البرلمان الفرنسى يطلب من الحكومة أن تضرب بيد من حديد الشر الذى تموله رؤوس المال الأجنبية، والذى يهدف إلى تبرئة ساحة الخائن درايفوس بعد أن أدين بإجماع قضاة المحكمة وبناء على شهادة 27 ضابطا فرنسيا".
ويوضح كتاب "من سرق المصحف؟" تأليف رفعت السيد أحمد، أن إيمان "زولا" بالقضية وكتابته رائعته "أنا أتهم"، دفع بسببها الثمن باهظا حين حكم عليه بسبب هذه المقال بالسجن، مما دفعه إلى نفى نفسه إلى لندن، وتوفى عام 1902، قبل أن يعاد الاعتبار للضابط درايفوس بعدها بأربعة سنوات، بعدما صادف أحد الضباط بالقيادة العامة بالجيش الفرنسى وثيفة مزيفة حول درايفوس، وأعيدت المحاكمة وتم تبرئة الضابط الفرنسي.
دوستويفسكى
عملاً بنصيحة الشاعر الروسى ألكسيى بليششيف، انضم دوستويفسكى لمجموعة الثورى ميخائيل بيتراشيفسكى المتكونة من العديد من المثقفين الذين اعتادوا عقد اجتماعات سرية لمناقشة مسائل عديدة تخص الإمبراطورية الروسية، كحرية الصحافة وتحرير الأقنان.
كذلك شارك دوستويفسكى بشكل محدود فى هذه الاجتماعات ولجأ فى المقابل لاستغلال مكتبة هذه المجموعة للحصول على الكتب والمطالعة.
وفى نفس الفترة، توفرت لدى المسؤول بوزارة الداخلية الروسية، إيفان ليبراندي، معلومات حول أنشطة مجموعة بيتراشيفسكى لتبدأ إثر ذلك عملية ملاحقة أفرادها، الذين كان من ضمنهم عملاق الأدب الروسي، حيث اتُهم بمطالعة عدد من الكتابات المحرمة بالبلاد، مثل تلك التى ألفها الأديب الثوري، فيساريون بلنسكي. ولتبرير موقفه، أكد دوستويفسكى للمحققين الروس أنه قرأ مثل هذه الكتابات الممنوعة من باب أدبى وثقافى بعيداً عن التجاذبات السياسية.
إلا أن هذه الكلمات لم تكن كافية لإقناع السلطات الروسية، وفى 23 ديسمبر 1848، أمر القيصر الروسى نقولا الأول باعتقال جميع أفراد مجموعة بيتراشيفسكي، عقب تخوفه من تمرد شبيه بتمرد عام 1825 وإمكانية امتداد ثورات الربيع الأوروبى لعام 1848 نحو بلاده.
العقاد
الأديب الكبير عباس محمود العقاد، هو الآخر تمت محاكمته، وتم حبسه، وذلك على خلفية اتهامه بتهمة "العيب فى الذات الملكية"، فى 15 أكتوبر من عام 1930، حيث مثل عباس العقاد أمام النيابة للتحقيق معه، وكان بإمكان الملك فؤاد أن يتدخل للعفو عن العقاد، ولكنه لم يفعل ذلك، واستمر التحقيق مع العقاد عدة أيام، ثم صدر ضده أمر رسمى باعتقاله وتقديمه لمحكمة الجنايات، فحكم عليه بالحبس تسعة أشهر، بسبب مقالات كتبها فى «المؤيد» هاجم فيها الملك والحكومة، وقضى العقاد مدة حبسه فى سجن القلعة.