ناهد صلاح

شادية .. فى عينها نار وجنة.. وعند وشدة وهوادة

الإثنين، 08 فبراير 2021 08:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
جوجل تحتفل اليوم بالذكرى الـ 90 لذكرى ميلاد شادية، في هذا اليوم المشمس على غير العادة من شهر فبراير، يوم مشمس، دافيء، غير حامية شمسه كشمس اليوم الحارق، الموجع الذي غنت فيه شادية: "قولوا لعين الشمس ما تحماشي.. لحسن حبيب القلب صابح ماشي يا حمام يا حمام طير قبله أوام يا حمام خلي له يا حمام الشمس حرير يا حمام ويا ناس لوغاب يا ناس خلوه يبعتلي سلام دي الآه بقولها وهو ما يدراشي وفي بُعده طعم الدنيا ما يحلاشي".
 
شادية هو اسمها الفني، لا أحد يعرف على وجه التحديد من وراء تسميتها به، هل هو المخرج حلمى رفلة أم الفنان يوسف وهبي عندما رآها وكان يصور في ذلك الوقت فيلمه شادية الوادي، أو الفنان عبد الوارث عسر حين قال: "إنها شادية الكلمات"، وفي الواقع هي فاطمة أحمد كمال شاكر، ابنة لمهندس زراعي مصري ينتمي لمحافظة الشرقية وأم لها أصول تركية، شاركت في أكثر من 112 فيلم، غنت مئات الأغنيات، مثلت في عدد من المسلسلات الإذاعية، ومسرحية واحدة "ريا وسكينة" قبل أن تعلن اعتزالها في العام 1984: " أريد أن يظل الناس محتفظين بأجمل صورة لي"، الجميلة التي قالت بمناسبة تكريمها في مهرجان القاهرة: "فخورة بتاريخي الفني وأعتز بأعمالي التي قدمتها خلال مشواري الفني".
 
"البنت وردة بيضا خلوا بالكم يا سادة البنت من الدهاشنة واسمها فؤادة البنت بنت حافظ خلوا بالكم يا سادة البنت بنت فاطمة واسمها فؤادة في عينها نار وجنة.. وعند وشدة وهوادة".. وإن سألوك عن فؤادة، تارة تقول: شادية وتارة تقول: مصر وأحياناً قد تشير إلى المرأة المصرية وتعتبر فؤادة هي الاسم والعنوان الذي ينكسر عنده الزمن الدائري وتتحقق عنده المعجزات، فالأغنية التي كتبها عبد الرحمن الأبنودي ولحنها بليغ حمدي في فيلم "شيء من الخوف" (1969) من إخراج حسين كمال، لم تفض بالمعنى فقط لتشبع تعطشاً في الروح، لكنها أيضاً كرست شادية صورة وأيقونة للتحدي على مفترق طرق التحول والتغيير ونفض ثقل القهر والحُطام.
 
ليس عجيباً بالمرة حين تتذكر "فؤادة" أن تضبط نفسك تغني "يا حبيبتي يا مصر" وربما تجد جسدك ينتفض مع كلمات محمد حمزة وألحان بليغ حمدي وأنت تردد: ولا شاف العناد في عيون الولاد/ وتحدى الزمن/ ولا شاف إصرار في عيون البشر/ بيقول أحرار ولازم ننتصر/ أصله ماعداش على مصر.. الأغنية التي هزت ميدان التحرير وكل ميادين الثورة في مصر وامتثل الجميع لصوت شادية كما امتثلوا لصوت أم كلثوم وعبد الحليم وعبد الوهاب؛ الأصوات التي جاءت كأنها تعيد تكوين المسافة بين الحياة والحلم.
 
في الأغاني التي تسكننا يكتمل التقاء النور بالظل، تكون هي الشاهد على المشهد الذي نعيشه؛ لذا من الصعب أن نتعامل مع شادية ورفاقها من الذين دربونا على أن نستيقظ وفي فمنا أغنية، كشخصيات فانية ننساها بفعل الموت؛  بل كشخصيات استثنائية تعاطينا معها الحياة بجرعات كبيرة، وأشعلت فينا فتيلاً، ورسمت بقعة ضوء عنيدة في الوجدان عصية على الزوال:" لمس النسيم توبي بهمس غنّيوتك".
 
تمكنت شادية منذ بداياتها الفنية من حجز مكانة متميزة بين قريناتها من نجمات السينما المصرية، شكلت خلالها ثنائيات شهيرة مع فنانين كبار مثل كمال الشناوي، عماد حمدي، فريد الأطرش، صلاح ذو الفقار، ويظل فيلم " المرأة المجهولة" (1959) إخراج محمود ذو الفقار هو فتح الإنطلاقة لنجوميتها الكبيرة، ففيه اتسعت قماشة التمثيل لتؤكد موهبتها حضورها دون الارتكان فقط على أدوار الفتاة الدلوعة أو خفيفة الظل، البريئة، الرومانسية الحالمة التي تشارك غالباً في الاسكتشات الغنائية، كما أنها كانت واحدة من شخصيات نجيب محفوظ، جسدت أربعة من بطلاته على الشاشة، فكانت هي حميدة في "زقاق المدق" (1963) إخراج حسن الإمام، نور في "اللص والكلاب" ( 1963) إخراج كمال الشيخ، كريمة في "الطريق" إخراج حسام الدين مصطفى، زهرة في "ميرامار" (1969) إخراج كمال الشيخ. 
 
في كنف ثورة يوليو كانت شادية من أبرز الأسماء النسائية التي شاركت في أفلام غيرت النظرة المجتمعية للمرأة، حيث ظهرت صوراً متنوعة لنساء لديهن نزعة التحرر والمقاومة وإثبات الذات في مجتمع جديد يتشكل بأفكار مختلفة للبناء والوعي، لعل فيلمها "مراتي مدير عام" (1966) من إخراج فطين عبد الوهاب عن قصة عبد الحميد جودة السحار وسيناريو وحوار سعد الدين وهبة، أبرز دليل على ذلك برسالته التي حملها عن المجتمع السليم بطرفيه: المرأة والرجل على حد سواء.
 
بين السينما والأغنية صنعت معبودة الجماهير (اسم فيلمها الذي أخرجه حلمي رفلة عام 1967) دربها الذي تعبر به من سماء لسماء، تحكي عن ناس مجتمعها وتغني لهم في أفراحهم وأتراحهم، إنها شادية الوادي التي خافت على جنودنا وترجت الشمس ألا تحمى عليهم "قولوا عين الشمس ما تحماشي"، وبعد نكسة 1967، غنت أغنية "الدرس انتهى" وغنّت "عبرنا الهزيمة" بعد حرب 1973 ولازالت أغنيتها " يا حبيبتي يا مصر" تملأ الوجدان ويرددها جيل بعد جيل، بينما تظل صورة شادية في الوجدان هي "فؤادة في عينها نار وجنة.. وعند وشدة وهوادة".








الموضوعات المتعلقة

الأستاذ

السبت، 23 يناير 2021 06:00 م

صورة فاتن حمامة

السبت، 16 يناير 2021 02:03 م

موسيقى العرّاب في زمن كورونا

الإثنين، 04 يناير 2021 11:03 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة