صدر حديثا.. "الهجرة وتشكل النخبة السياسية فى لبنان" عن تاريخ الأزمة

الإثنين، 08 فبراير 2021 04:00 ص
صدر حديثا.. "الهجرة وتشكل النخبة السياسية فى لبنان" عن تاريخ الأزمة غلاف الكتاب
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
صدر عن المركز العربى للأبحاث ودراسة السياسات كتاب الهجرة وتشكل النخبة السياسية فى لبنان، تناول فيه مؤلفاه بول طبر ووهيب معلوف ظاهرة تشكّل النخبة السياسية فى لبنان فى العلاقة بشكل رئيسى بالاغتراب اللبنانى العائد، من دون إغفال دور المغترب المقيم فى الخارج، بصورة غير تفصيلية.
 
وجاء في بيان المركز عن الكتاب، من المعلوم أن أدبيات الهجرة فى الآونة الأخيرة تجاوزت المنهجية القومية التى كانت سائدة فى دراسة الهجرة وبدأت تعتمد بدلًا منها المنهجية العابرة للحدود القومية. 
 
وبناء عليه، بدأت الدراسات فى إظهار دور المغترب فى العديد من جوانب الحياة فى بلده الأم فى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية. غير أن هذه الدراسات نادرًا ما تطرقت بشكل منهجى إلى دور الاغتراب فى صناعة النخبة السياسية فى البلد الأم وفى إعادة إنتاجها، ولا سيما فى بلد كلبنان حيث يقارب عدد المهاجرين ضعف عدد السكان المقيمين فيه.
 
يتناول الكتاب هذه الظاهرة بالبحث مستخدمًا الإطار النظرى العائد إلى كتابات عالم الاجتماع الفرنسى بيار بورديو، ومستندًا إلى تقنية المقابلات شبه المفتوحة مع عدد كبير من النخب السياسية اللبنانية ذات الخلفية الاغترابية.
الهجرة
 
فى الفصل الأول، "مراجعة للأدبيات بشأن مفهوم النخبة السياسية"، يهدف طبر ومعلوف إلى استعراض المقاربات المتعددة لمفهوم النخبة السياسية إلى يومنا هذا فى الأدبيات الأكاديمية، ومناقشة مصادر تشكُّل النخبة السياسية فى الأدبيات الراهنة عن الموضوع، وصولًا إلى اختتام النقاش بضرورة مقاربة الهجرة بوصفها أحد المصادر لتشكُّل النخبة السياسية فى البلد الأم.
 
يرى المؤلفان أنّ "الافتراض الأخير يكتسب راهنية خاصة فى ظل عصر الهجرة، خصوصًا فى بلدان العالم الثالث، حيث تشكِّل الهجرة ظاهرة مستمرة ومنتظمة (كما فى لبنان الذى يشكل حالة دراسية أنموذجية فى هذا المجال). بصورة أكثر تحديدًا، سندرس الأشكال المختلفة للهجرة فى ما يتعلق بعملية تشكُّل النخبة السياسية فى البلد الأم، وهي: الهجرة العائدة، والهجرة العابرة للحدود الوطنية، والدياسبورا".
 
ويعتمدان فى تحليلهما على مفاهيم رأس المال وقابلية تحويل رأس المال التى أرساها عالم الاجتماع الفرنسى بورديو، ويؤكدان أن توسيع الإطار النظرى لبورديو بما يتجاوز الحدود الجغرافية للدولة - الأمة "يمكّننا من فهم كيفية تحويل رأس المال الاقتصادى المكتسب خلال الهجرة إلى رأس مال سياسى مفوّض، أى الاستحواذ على مكانة النخبة فى البلد الأم، أو تحويل رأس المال الاقتصادى المذكور إلى رأس مال آخر ذى صلة بالسياسة فى البلد الأم".
 
فى الفصل الثانى، "دور الدياسبورا اللبنانية فى ولادة دولة لبنان الكبير"، يسلط المؤلفان الضوء على أبرز النشاطات والمجهودات التى بذلها مهاجرون وأعضاء فى الدياسبورا اللبنانية، أفرادًا وجمعيات، فى سبيل تحقيق أهداف تحرر لبنان من الحكم العثماني، وإنشاء كيان لبنانى مستقل.
 
برأيهما، اتخذ دور الدياسبورا اللبنانية شكلين: الأول، تأليف سرديات تاريخية وأدبية سوّغت إنشاء هذا الكيان، أو إرسال ما نسميه هنا "التحويلات الثقافية-التاريخية" و"التحويلات الثقافية–الأدبية" إلى البلد الأم الذى كان فى طور التشكّل (مساهمات مهاجرين، مثل بولس نجيم ويوسف السودا وجبران خليل جبران كان لها دور أساسى فى هذا المجال)؛ والثاني، اتخاذ مواقف سياسية وإطلاق مبادرات ونشاطات سياسية سعت جميعها إلى تحقيق الأهداف المذكورة، أو إرسال ما نسميه "التحويلات السياسية" إلى البلد الأم قيد التشكّل (هنا أدّت الدياسبورا دورًا مساندًا لمصلحة إنشاء دولة لبنان الكبير خلال الحرب العالمية الأولى ولاحقًا خلال الصراع بين الدول الغربية المنتصرة لتقاسم التركة العثمانية بين عامى 1918 و1920).
 
 فى الفصل الثالث، "الخلفية التاريخية للدراسة (1943-1990)"، يقدّم المؤلفان نظرة تاريخية إلى الدور الذى أدّته الهجرة فى التأثير فى العمليات السياسية فى المدة 1943 (قيام الجمهورية اللبنانية الأولى) - 1990 (قيام الجمهورية الثانية).
 
بيّن طبر ومعلوف أن رأس المال الاقتصادى الاغترابى – المهجرى أدّى أدوارًا مختلفة فى عملية الاستحواذ على مكانة النخبة فى لبنان من السياسيين المعنيين فى المدة 1943-1990  واختلفت هذه الأدوار بين دور مساعد للزعامات السياسية التقليدية (خاصة فى الجنوب وزحلة) مثل كامل الأسعد وكاظم الخليل وجوزيف سكاف (وبهذا المعنى، أدّى رأس المال الاقتصادى المذكور هنا دورًا مساعدًا، وربما كبيرًا أحيانًا، فى إعادة إنتاج هذه الزعامات السياسية التقليدية واستمرارها فى الاستحواذ على مكانة النخبة)، ودور مساعد لخصوم هذه الزعامات التقليدية الذين أرادوا حصة أكبر فى النظام الطائفى اللبناني، مثل موسى الصدر ونبيه بري. وأدّى رأس المال الاقتصادى المذكور دورًا مكمّلًا فى ظهور نخب سياسية جديدة مثل رشيد بيضون، ودورًا أساسيًا فى ظهور نخب سياسية جديدة مثل حسين العوينى وإميل البستانى ونجيب صالحة، ودورًا أساسيًا أيضًا فى ظهور نخب سياسية جديدة على المستوى النيابي، مثل سليمان عرب وميخائيل الدبس ويوسف حمود.
 
 فى الفصل الرابع، "عرض البيانات والمعطيات وتحليلها"، يناقش مؤلفَا الكتاب النتائج التى توصلا إليها بهدف تحديد أنماط عامة فى البيانات التى جمعاها من المقابلات والمصادر الثانوية ذات الصلة بالموضوع قيد الدراسة. ويهدفان إلى تسليط الضوء على كيفية قيام الأشكال المختلفة لرأس المال الاغترابى (المهجري) بأداء أدوار مختلفة ومتفاوتة فى عملية استحواذ الأطراف المختلفة فى الحقل السياسى اللبنانى على مكانة النخبة.
 
يناقش طبر ومعلوف القواسم المشتركة المستمَدة من المقابلات التى أجرياها، كما من المصادر الثانوية ذات الصلة. يتناولان البيانات الخاصة بثمانى نخب سياسية والمجموعة من مصادر ثانوية، ثم يقاربان المعلومات التى جُمعت من المقابلات التى أجرياها مع 26 من أعضاء النخب السياسية اللبنانية، ووصل العدد الإجمالى للحالات المدروسة إلى 34 حالة. والجدير بالذكر أن أغلبية النخب السياسية التى دُرست فى هذا الفصل تتحدّر من خلفيات اجتماعية متواضعة، أو من الطبقة الوسطى، أو الفئة العليا من الطبقة الوسطى. بهذا المعنى، أدت الهجرة دورًا مزدوجًا فى مسارات هذه النخب، فمكّنتها من تحقيق الارتقاء الاجتماعى التصاعدى (الثروة الاغترابية أو المهجرية)، وكذلك الصعود السياسى (الاستحواذ على مكانة النخبة السياسية).






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة